العصافير لا تزوّر صوتها!

العصافير لا تزوّر صوتها!

خاص سواليف
مقال السبت 10/ 9 / 2022

سألت مذيعة المحطة التلفزيونية ضيفها الشاب..ليش بتحكي خليجي؟..قال لها : أنا من مأدبا..أمي أردنية وأبوي أردني..قالت: طيب بسمعك تحكي خليجي ليش؟..قال لها: لهجتي هيك بمادبا لهجة بدوية..وانتهى الحوار بالاتفاق على طبخة ذلك اليوم “كبسة”..!..دون أن تميّز المذيعة #اللهجة_الأردنية عمّن سواها..
**
لا ألوم الصبية ، بالمطلق لا ألومها ،فهي لا تسمع #اللهجة_الأصلية من أصحابها ، في عمّان أحد لا يتكلّم بلهجته التي ترّبى عليها الا القلة القليلة من القادمين من وجع الأطراف كغرباء..في بدايات ذهابي إلى عمان ،كانوا يسخرون منّي عندما أقول “أني”..ويقولون كيف ستتكلم مع الناس و”الch” تخرج من فمك قاسية وصعبة…؟ قلت لهم: الأرض تقول “أني”..حوران تقول: “أني”.”فيروز تقول ببعض أغانيها “أني” والعراق كلّه ” #أني”..اما ال”ch”..فهذه #لغة_الحنطة و #المناجل لكنكم لا تفقهون حديثها…
لا ألوم الصبية ، بالمطلق لا ألومها ،الكل يريدّ أن يزّبف لسانه لترضى عنه فرص “العاصمة” ،الشاب القادم من أقصى الشمال من الغرف المكتّظة،والمدارس الأقل حظاً ،وراتب الأب الذي لا يكفي مونة المؤسسة المدنية ..يضطر أن يزوّر لسانه وتسريحة شعره واختيار هندامه لترضى عنه فرص “العاصمة” وكي لا يفتضح أمر الـ”أني”، ابن الجنوب القادم من غياهب النسيان والزفير الصحراوي القائظ ، يضطر أن يقول أي شيء لترضى عنه فرص العاصمة ولا تفضحه ردّة فعل عفوية “ولويييه”، ابن المخيم كذلك يحاول أن يعدّ “قافات” حديثه كي لا ينفلت عنق أحدها وتبدو “كافاً” فتغضب آلهة العاصمة… المسؤول القادم من العدم الذي زيّف وجهه ولسانه وجلس على كرسيه لــ”يقول “إزا”..”وهلأ”..”وكتير “..و “تلات وتلاتين”..معتقداً أنه أصبح من الطبقة الكريستالية التي تخر لها المناصب خرّا..لا يتحدّث الا عن ماركات الألبسة والعطور والرحلات السياحية.. رغم أن لباسه الداخلي – في طفولته- كان يقلب على “الوجهين” ليدوم ويدوم ويداري كثرة الثقوب والمطاط المهترىء…الجميع في العاصمة يتكلم بلهجة خليطة لا تشبهه، لكنها التصنّع تشبه #الفرصة_الضائعة أو التمدّن المفقود!.
تعرفون لماذا أنا أعيش في عزلة اجتماعية وصحفية وسياسية في مدينتي منذ زمن ؟..لأن #العصافير لا تزوّر صوتها..
#احمد_حسن_الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى