حاوره: #بسام_البدارين
لا يتعلق الأمر بحسابات المكاسب والخسائر الانتخابية فقط بقدر ما يتعلق برسائل وطنية عميقة ساندها القطب البرلماني الأردني #صالح_العرموطي عندما اقترحتها وصوتت عليها بالإجماع والتوافق كتلة #جبهة_العمل_الإسلامي المعارضة في #البرلمان الأردني، تحت عناوين المفاجأة التي سجلها الإسلاميون بترشيح رئيس كتلتهم وعميدها العرموطي لانتخابات #رئاسة_مجلس_النواب.
القيمة الأساسية التي يعتبرها العرموطي مفصلا وهو يشرح فكرة وهدف ترشحه لهذا الموقع بعيدا عن حسابات الفوز أو الخسارة تتمثل في رغبته الشخصية وبصرف النظر عن وجهة نظره في احترام قرار كتلته وهي تقرر المشاركة في الانتخابات الرئاسية للبرلمان الجديد، حيث لا تجيز قواعد المسايسة ولا اعتبارات الزمالة ولا الاعتبارات الوطنية الملحة إلا إظهار الاحترام والتقدير لما قدرته وقررته الكتلة.
لذلك نعم العرموطي رئيس الكتلة التي تحمل يافطة المعارضة الوطنية الإيجابية وأحد أبرز اللاعبين والمشرعين الأردنيين يخوض انتخابات الرئاسة.
والهدف كما يشرح العرموطي نفسه في استراحة النقاش والحوار المفصل والعميق مع «القدس العربي» والذي طال عدة ملفات، هو نصرة القيم الإيجابية وتأييد حق كل أعضاء مجلس النواب ليس في ترشيح أنفسهم فقط، ولكن في تشكيل وتسجيل جملة اعتراضية قد تكون احتجاجية أيضا ضد فكرة التدخل بإرادة النواب الحرة وضد اعتبارات حتى الهندسة السياسية، والأمر هنا كما يشرح الرجل صاحب الخبرة العتيقة والعميقة ونقيب المحامين الأسبق عدة دورات، لا علاقة له بالاعتبارات الذاتية والشخصية وبالتأكيد يتجاوز في أهميته حسابات الربح والخسارة.
العرموطي: الإقليم يغلي وأولويات الأردن سياسية
○ لماذا قرر العرموطي الموافقة على توجهات كتلته بالترشح لانتخابات مجلس النواب والمضي قدما في هذا الترشيح؟
• دور المجلس نيابي وهيبته هو الأساس هنا، والكتلة وأنا سندعم الممارسة الديمقراطية بصرف النظر عن أي زميل يترشح ويفوز.
والفكرة هنا أن مجلس النواب يدافع عن هيبته ومؤسسته وينبغي أن لا يخضع لتدخلات من خارجه في الملفات والمسائل التي تخصه، فقرار اختيار رئيس المجلس قرار نيابي خالص وبامتياز وينبغي أن لا يحضر إلا من جهة النواب أنفسهم وخياراتهم.
يضيف العرموطي: توجه الكتلة كان واضحا وقرارها بصرف النظر عن التكهنات والتسريبات الإعلامية وأنا سأستمر في الترشيح دفاعا عن المبدأ والقيمة وبعيدا عن حسابات الربح والخسارة، لأن الوطن هو الذي يربح في المحصلة من تثبيت تقاليد الممارسة الديمقراطية وتحت القبة وحسب الأصول.
رسائل الإسلاميين
○ ماهي الرسائل الأهم من وراء ترشحكم لهذه المواجهة؟
• أولا أعتقد جازما بأن نواب الوطن المنتخبين ينبغي لأي منهم أن لا يشعر بالغربة وهو يمارس دوره وصلاحياته الدستورية.
وثانيا لا بد من القول إن مجلس النواب سيد نفسه وإذا كانت أي جهة افترضت عكس ذلك أو نقيضه واجب النواب تذكيرها بالحقائق الدستورية والوقائع.
وبالتالي يمكن اعتبار أن كتلة جبهة العمل الإسلامي التي أتشرف برئاستها تحترز على المساحة الوطنية المخصصة لها في المشاركة والترشيح والانتخابات الداخلية للمجلس ضمن مسار لا ننفي ان جزءا منه يتمثل في الاحتجاج على تلك الكولسات أو أحيانا الصالونات التي تحاول ترسيخ قواعد التدخل باستقلالية النواب أو فرض الخيارات عليهم ضمن معطيات الهندسة المألوفة.
قرار الكتلة بالترشيح اتخذ بالإجماع.
والكتلة مسؤولة أمام ناخبين، ومجلس النواب على المحك والتدخلات عندما تحصل لن تكون مختفية أو مخفية، والنواب كفيلون بالدفاع عن خياراتهم. وما نريد أن نقوله في الرسالة هنا لزملائنا في المجلس أولا أن بامكانهم اتخاذ القرار الذي يرونه مناسبا بصرف النظر عن أي تدخل خارجي.
العرموطي: لا شياطين ولا ملائكة… الانتخابات الأخيرة واضحة في “رسالة الشعب”
والرسالة الثانية تنسجم مع واجبنا في الكتلة والتيار بأن نقول للرأي العام ولمن انتخبنا بأننا موجودون ونقوم بالواجب أو نحاول، وثمة رسالة ثالثة للسلطة التنفيذية والحكومة قوامها التذكير باننا متفاعلون في إطار التعاون والاشتباك الإيجابي.
ولعل الترشيح الذي حاول البعض تضليل الرأي العام بتأويله وتفسيره هو محاولة للتذكير بأن مجلس النواب صاحب قراره وسيد نفسه خلافا لاعتقادي شخصيا بأهمية القول اعتراضا عبر الترشيح والممارسة الدستورية ضد الهجمة البائسة التي حاولت عدة مرات السعي لشيطنة الحركة الإسلامية، ونحن هنا نقول لا يتعلق الأمر بالشياطين والملائكة بل باستحقاق دستوري وممارسات ديمقراطية ورغبات في التعاون مع جميع الأطراف.
رسالة الانتخابات
المقاربة التي يقترحها القطب البرلماني الأردني صالح العرموطي بسيطة ومباشرة وفكرتها أن الانتخابات الأخيرة في البلاد وضعت بين يدي صانع القرار محتوى وطنيا واضحا وغير قابل للالتباس حول ليس فقط احتياجات الشعب الأردني ولكن اهتماماته وأولوياته.
لا يخفي العرموطي قراءته بأن الانتخابات من حيث نتائجها وبعدما صوت الشعب لاختيار 104 نواب في البرلمان من أصل 138 بالصفة الحزبية تدلل على أهمية الانحياز السياسي الذي يحكم معادلة الناخب الأردني. بمعنى أن القضايا والملفات السياسية هي الأساس، فالاقتصاد يتبع السياسة وليس العكس برأيه.
مؤخرا تم الإعلان عن نتائج تقول بأن النائب العرموطي هو الذي حصل على أعلى الأصوات في انتخابات 2024 فحصيلة الرجل من خزان الأصوات لامست حدود الـ30 ألفا منها. وهذا الرقم يعني الكثير ويفترض أن يعني أكثر، الأمر الذي يفسر ذلك الرأي الذي قال شعبيا بأن العرموطي ينبغي أن يصبح رئيسا لمجلس النواب أو أن يترشح لموقع رئاسة المجلس.
مبكرا مال العرموطي لأن تستعجل الكتلة في التصرف والتموقع تحت قبة البرلمان، ولأن التعبير الإسلامي بالسلطة التشريعية يمكنه الترقب والانتظار وعدم الاستعجال خصوصا في الدورة العادية الأولى المقبلة لأن على المحك الكثير من الاعتبارات والأولويات والتحديات.
○ ما الذي يعنيه ذلك بصورة واضحة ومفصلة؟
• لدي تقدير بخصوص الاشتباك مع كل الزملاء في مجلس النواب، ولدينا جميعا المتسع من الوقت للتفكير والتأمل والتمحيص، ومهم أن يمارس النواب حقوقهم الدستورية وخياراتهم الحرة في إطار الحرص على «تلك القيمة» وبعيدا عن حسابات المصالح الشخصية.
○ ما الذي نتحدث عنه هنا؟
• ما أفكر به أن يتعامل جميع الزملاء بالمجلس مع بعضهم بهدوء ونضج وفي إطار الحرص على العمل الجماعي الوطني المسؤول.
علينا أن نحدد نطاق الشراكة والمساحات المرتبطة بالمصالح الوطنية ونقيس قبل الغوص، وأتحدث عن نظرة أنضج لوضع قواعد كيفية الاشتباك لممارسة الدور الرقابي والتشريعي.
وعلى صعيد كتلتنا الموقرة للتذكير كنا في البرلمان السابق ستة نواب ولدينا بصمة وأثر في اللجان الأساسية والمهمة ونحن اليوم بعد بركة الله أكثر من 31 نائبا ولدينا زملاء ورفاق في التعبير الحزبي والمطلوب أن نتفحص الأجواء والمناخ.
العرموطي: استغربت عند تشكيل حكومة تكنوقراط اقتصادية
تشكيل الوزارة الجديدة
○ في مسالة اللجان ومناصب الصف الأول في المجلس ما الذي تقترحه؟
• مجددا ليس الأمر منوطا بما أقترحه أو لا أقترحه بل منوط بما يتقرر في إطار الشورى والتشاور، فنحن مجموعة صلبة من أعضاء البرلمان ولدينا طبعا تقديرات شخصية لكن العمل المنهجي المؤسسي هو الحكم ونحن نؤمن بالعمل مع جميع الزملاء معا عبر المساحات المشتركة وبدون مزاودات لا منا ولا علينا.
يوافق العرموطي على أن العمل في عضوية ورئاسة اللجان أحيانا يفرض قيودا على البرلماني ولا يمانع الاستنتاج الذي وصلت إليه «القدس العربي» والقائل إن الناس صوتت له لأنها ترغب في بقائه كما كان في دورة البرلمان السابقة.
يبتسم الرجل هنا مؤكدا «أشعر بذلك من الناس وينبغي علي أن أحترمه على نحو أو آخر ضمن مقتضيات واحتياجات المصلحة الوطنية».
ما يرغب به العرموطي شخصيا هو التعرف على بقية النواب وإقامة صداقات وعلاقات معهم، لكنه يقر بانه لم يتوقع إطلاقا تركيبة الوزارة الجديدة بعد الانتخابات، مرجحا بأن كتلته ستتعامل طبعا مع البيان الوزاري للحكومة الجديدة باعتبارات موضوعية.
برأيه التركيز على تشكيل حكومة تكنوقراط اقتصادية وفيها رموز من التيار الليبرالي حصرا مسألة قد تحتاج لتقييم ومراجعة خصوصا وأن الانتخابات قالت بإسم الشعب الأردني بأن الأولوية سياسية بامتياز والأهم برأي العرموطي هو أن المنطقة والإقليم يغليان.
○ ما الذي يعنيه ذلك بخصوص الأولوية السياسية برأيك؟
• الملفات والتحديات أمام الأردن اليوم سياسية بالدرجة الأولى، وملفات السياسي يلحق بها الاقتصادي وليس العكس. نحن نشاهد المنطقة تغلي بالأحداث والصراعات والأصل أن تتمركز معطيات الأردنيين في هذا الاتجاه خصوصا على صعيد قراءة حجم ومستوى مخاطر الأطماع الصهيونية في بلادنا وعلى مستوى التحديات والكمائن التي يضعها الاحتلال في طريقنا اليوم وهو تصفية وحسم القضية الفلسطينية.
المسألة برأي العرموطي لم تعد مسألة حدود فقط بل مسألة وجود أيضا، والمطلوب طبعا من شركاء الوطن جميعا الاستعداد للاشتباك ضمن الانطلاق من رؤية المصلحة الوطنية على هذا الأساس.
○ هل المقصود هو أن التركيز على تشكيل حكومة اقتصادية لا يحاكي بتقديرك حجم التحديات؟
• لا أتحدث عن الحكومة هنا، وما أقصده أن الملفات السياسية تتقدم على الاقتصادية في هذه المرحلة الحساسة والخطرة وان واجب الجميع في المؤسسات والبرلمان والأحزاب والنقابات التصرف والتحرك على هذا الأساس.
المرحلة حساسة وصعبة وتحتاج لعمل صعب وكبير والدفاع عن الأردن والحفاظ عليه هو الأساس هنا حيث نراقب جميعا مستوى التحديات وإنفلات التوازنات بصورة تنذر بمخاطر حقيقية لا ينكرها المواطن الصالح.
إسرائيل والحد الأدنى
في معادلة الأطماع الإسرائيلية في المنطقة وفلسطين والأردن يميل العرموطي إلى طرح سؤال مفترض…»ما الذي يمنع المجرم الإسرائيلي من استهداف عمان تحت أي ذريعة؟».
يصف العرموطي سؤاله الفرضي بأنه على شكل ملاحظة تأملية عابرة تخطر في الذهن مادامت ماكينة الكيان الإسرائيلي تقصف وتقتل وتفتك في غالبية الدول المجاورة، ومادامت تصرفات إسرائيل استفزازية حتى مع الحدود الأردنية وفي منطقة الأغوار.
يتحدث العرموطي هنا عن مخاطر ملموسة لم يعد من المنتج إنكارها وعن قيود فرضتها على البلاد اتفاقيات السلام المزعوم ثم القواعد العسكرية الأمريكية.
ويشير إلى أن الاعتبارات مرحليا بحاجة لوقفة تأمل عميقة خالية من المغامرات طبعا والمجازفات بالقدر ذاته الذي تخلو فيه أيضا من تجاهل الوقائع والحقائق.
○ ما هو المقصود بصورة محددة هنا؟
• المقصود هو أن المخاطر واقعية وفيما تلتقطها مجسات الأردنيين البسطاء لم تعد المؤسسات الرسمية تنكرها، وثمة واقع موضوعي تجاهله ينبغي أن لا يستمر كخيار، والملف الإسرائيلي برمته يحتاج لوقفة وإعادة تحليل وترقيم وتقليب صفحات بجرأة وشجاعة ومسؤولية وطنية. وفي الحد الأدنى حتى لا نتهم في تسويق مغامرات ومجازفات ثمة حد أدنى بالمسار الوطني.
○ ما هو الحد الأدنى برأيك؟
• قلنا إن الوقائع على الأرض موجودة والأساس في المواجهة والاشتباك قبل أي اعتبار آخر هو صلابة الجبهة الداخلية الأردنية وتقليص مساحات الخلاف والاجتهاد ما بين الموقفين الرسمي والشعبي. فنحن جميعا وبصرف النظر عن رأينا السياسي وتقديرنا العملي وتقديرنا الشخصي معنيون بمصلحة الوطن الأردني.
عليه الحد الأدنى لضمان المراجعة وصلابة الجبهة الداخلية إقامة حوار وطني ترعاه المؤسسة الرسمية بجدية ومسؤولية، وحتى نقولها بصراحة نحن نفتقد لمائدة حوار وطنية شاملة وعميقة تناقش المخاطر والملفات الأساسية.
ومن الطبيعي القول الآن إن وطننا بحاجة ملحة لتجميع الصفوف والتلاقي على خطة وقائية على الأقل تناقش الامكانات في ضوء الوقائع وتؤسس لهوامش المناورة والمبادرة لحماية الثوابت.
ذلك غير ممكن بدون التلاقي في حوار وطني ولا بد من حوار مفتوح بين الأردنيين وقواهم ومؤسساتهم، فإزاء ظروف أقل تعقيدا في الماضي كانت الحوارات الوطنية هي الأساس وكنا نلتقي مع بعضنا البعض بحسن نية عند كلمة وطنية سواء قد ينتج عنها خطة للتعبئة الوطنية.
العرموطي: موقف الملك “متقدم” ودور “الملكة” في الإعلام الدولي مقدر
○ هل تتصور حقا بأن الحوار الوطني المشار إليه يساعد في الوقاية والاستعداد؟
• عندما يتعلق الأمر بالتحدي الذي يفرضه علينا اليوم الإسرائيلي وبتداعيات القضية الفلسطينية الجواب نعم.
علينا أن نلتقي ونتحاور لتصليب جبهتنا الداخلية وأنا لا أفهم لماذا يغيب الحوار الوطني المتزن العميق في مثل هذه المرحلة الحساسة وهذا جزء منه طبعا واجب الحكومة والمطلوب منها ومنا جميعا بالنتيجة الانفتاح على مؤسسات الجسم المدني في الأحزاب والنقابات والتيارات الاجتماعية حتى نصغي جميعا لبعضنا البعض.
في معادلة الملف الفلسطيني أردنيا يشير العرموطي إلى أن الموقف الرسمي الأردني حتى الآن متقدم على الكثير من المواقف والثوابت الملكية المعلنة لها دور أساسي في توحيد الأردنيين. ويرى أن موقف جلالة الملك على الأقل يستحق الإشادة والتبجيل.
لكن ينبغي أن تتحرك المؤسسات جميعا للحاق به والالتزام بمضامينه ومحتواه خلافا لأن العرموطي يشيد بالمواقف العميقة الذكية الإنسانية التي تظهرها وتقولها جلالة الملكة رانيا العبد الله تحديدا، لأن مواقف الملكة الأم تحدث فارقا على مستوى الإعلام الدولي وتقول ما لا يقوله الكثيرون. وانطلاقا من هذا الفهم المشار إليه كان العرموطي داعما قويا لمتطلبات التحاور وطنيا.