الطاقة وعقل الدولة..
حلول ممكنة!
د. مفضي المومني.
2022/6/12
فذكر إن نفعت الذكرى، يعود ملف #غلاء #أسعار #الطاقة للواجة..وحديث الناس، تثيره تصريحات الوزراء… والإشاعات المرعبة… لتقضّ مضاجع الناس، نعرف أن الأسعار ترتفع عالمياً، ونعرف أن هنالك ضريبة مقطوعة، ونعرف أن الحكومة بحاجة للسيولة لدفع #الرواتب ودعم #الموازنة، وليس في الوارد أن نؤلب الناس علي الحكومة ولا الحكومة على الناس نفاقاً أو تزلفاً، تختلف الرؤى ننتقد نزعل ولكن يبقى الوطن قاسمنا المشترك، ويجب ان لا نشجع او ندعم من ينعق بالخراب، استقرار الأردن ونظامه ومؤسساته فوق كل شيء، كل المنغصات وظنك العيش وصعوبة الحياة وزعلنا على الحكومات لا تساوي ذرة في انهيار النظام وفشل الدولة لا سمح الله، ومن يدعو لذلك ساع للدمار والخراب، ما الحل؟ الحل أن نتحمل بعض ونحاول ألف مرة ومليون مرة أخرى؛ لمقاربات تخفف العبء على معيشة المواطن وحياته، وتعمل بذات الوقت على استمرارية مؤسسات الوطن ونظامه للوصول للأفضل، وهذا ممكن… وذاك مدمر. للجميع… ! والقضية ليست حبني وأحبك… وداهن لي واداهن لك… القضية أن نختلف ونجتهد لنحقق المصالح الوطنية.
وفي هذا السياق كتبت عن ملف الطاقة وأعيد وأقترح بعيداً عن السياسة، ونظرية المؤامره، أو مناكفة الحكومة وانتقادها، سأكتب ببساطة عن ملف الطاقة وأسعارها بالعقل..لعقل الدولة..! كمواطن عادي، يقرأ المشهد وكل ما يدور حول أسعار الطاقة( النفط ومشتقاته)، وأسعار الكهرباء، مقترحاً حلولاً أراها واقعية وممكنة التنفيذ، وستعمل على تنشيط الإقتصاد، وتطوير المجتمع، وخفض نسب البطالة وتعظيم الإستثمار واستقطاب رأس المال المحلي الراكد والأجنبي.
معروف عالمياً أن تنشيط الإستثمار واستحداث المشاريع والمصانع وتطوير الصادرات وزيادة الإنتاج ترتكز على عدة عناصر أهمها؛ أسعار الطاقة( مشتقات نفطية وكهرباء وغاز وغيره)، ثبات السياسات والتشريعات وحصافتها كقاعدة لدعم الإستثمار، تجفيف منابع وعناصر الفساد والإفساد، الموارد البشرية والمادية وتوفرها، والدول المتقدمة صناعياً التقليدية منها والناشئة حديثاً نجحت لأنها أخذت هذه العناصر بعين الإعتبار وطبقتها.
في الأردن نتحدث كثيراً ونُنظّر في موضوع التطوير الإقتصادي وتشجيع الاستثمار، ونُغفل هذه العناصر إما جهلاً أو عمداً أو لا مبالاة..! بحلول آنية ترقيعية، فأسعار المشتقات النفطية عندنا هي الأعلى عالمياً خاصة إذا قورنت بمستوى الدخل وجمود الرواتب منذ سنين طويله..!، والتشريعات الناظمة للإقتصاد والإستثمار وقطاع الإنتاج والخدمات والأعمال محبطة ومتذبذبة ومهددة ولا تتسم بالثبات وما زلنا نتحدث عن النوافذ الإستثمارية والتخلص من البيروقراطية المعطلة للإستثمار..!، وكل هذا لا يعطي طمأنينة لأصحاب رأس المال ( الجبان بطبيعته)، وأما الموارد البشرية فموجودة بالغالب، والموارد المادية إما موجودة أو يمكن استيرادها لأن غالبية صناعاتنا تحويلية، ورأس المال موجود محلياً إذا عرفنا أن موجودات البنوك بالمليارات ويمكن توجيهها للإستمار النفعي بمردود عالي وليس الإستثمار الكسول بتدوير رأس المال بفوائد متدنية، وكذلك إستقطاب رأس المال الأجنبي للإستثمار، وأما الفساد وما يدور من أحاديث عنه فهو موجود سواءً الفساد المالي أو الإداري وحدث ولا حرج…وخاصة عندما تغيب الضمائر عن مجموعة ممن يديرون مؤسسات الدولة، ينظرون للمنصب كبقرة حلوب ولا يخافون الله وتمتد اياديهم حيثما تيسر لنهب المال العام على صور مرتبات فلكية ومكافئات خرافية…وغيره، وكله بالقانون الذي يلوى عنقه لمصالحهم متجاهلين البلد ومصلحته وأوضاعه.. !.
الحلول المقترحة:
1- تخفيض أسعار المشتقات النفطية بالحدود المتوسطة العالمية، وإلغاء الضريبة الثابته، وهنا (ستجفل الحكومة..!) لأن هذا القطاع يدر عليها عائدات ضريبية آنية ضخمة، لكنها كسولة ومدمرة للإقتصاد والإستثمار ..! مريحة لحكومة ليس لديها رؤى ومشاريع وطنية كبرى قطاعية ومجالات التفكير بها وإنشائها موجودة، وهنا في حال تنفيذ هذا المقترح، فسيصبح سعر الطاقة بأنواعها مشجعاً للإستثمار من الداخل والخارج، وستنخفض معدلات البطالة، وسينعكس كل هذا على تطور الإنتاج وقطاع الخدمات، أما الأفراد، فستتحول الأموال الموفرة من إنخفاض أسعار الطاقة إلى سيولة وقوة شرائية، سواء للمنتجات أو الخدمات مما يعمل على تنشيط كافة القطاعات وزيادة أعمالها ومبيعاتها داخلياً، وخارجياً من خلال التصدير، وستعوض الحكومة بشكل أكبر ما كانت تجبيه من ضرائب محبطة للإقتصاد وقطاع الأعمال من خلال رسوم وضرائب مختلفة على المبيعات والدخل والإنتاج والتصدير وأنشطة السوق والعرض والطلب، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي لإقتصاد نشط وتدوير للسيولة، وهذا لا يكون آنياً بل بحاجة لوقت وصبر لن يكون طويلاً في عمر التخطيط الإستراتيجي، لكنه بالضرورة الحل الصحيح، والتجارب العالمية موجودة ومثال ذلك تركيا وماليزيا وكوريا الجنوبية والبرازيل.
2- ما يخص أسعار الكهرباء المرتفعة؛ معروف أن الطاقة التوليدية للكهرباء لدينا أكبر بكثير من الإستهلاك ونعرض بيعها للدول المجاورة..!،وتدفع الحكومة للشركات تعرفة السعه… اي الطاقة العليا المتفق على توريدها ولكنها لا تولد بسبب تدني الإستهلاك، ومعروف أن هنالك إتفاقيات تقيد هذا القطاع، وأن هنالك مبالغ بالملايين تدفع لشركات التوليد مقابل الطاقة المولدة أو المتفق على توليدها ولا تستهلك، والحل بنظري؛ استغلال هذه الملايين التي تدفع دون فائده حقيقية تعود على الإقتصاد، وهي فقط لحماية شركات التوليد او التوزيع، ولامتصاص ذلك والإستفاده منه يجب تخفيض أسعار الكهرباء للمستهلك إلى النصف، وإلزام الشركات المولدة للطاقة الكهربائية بزيادة طاقة التوليد الفعلية وكذلك زيادة التركيز على مشاريع توليد الكهرباء من (الطاقة المتجددة الشمسية والرياح والتي يتم حالياً إحباطها لصالح توليد الطاقة الكهربائية التقليدي بسبب الإتفاقيات إياها)، مع تشجيع المصانع ومؤسسات الإنتاج والمواطنين للتحول لاستخدام الكهرباء بدلا من مصادر الطاقة الأخرى( مثال إستخدام الأفران الكهربائية بدل الغاز، إستخدام الطاقة الكهربائية للتدفئة والتكييف بدل المشتقات النفطية وغيرها) وهذا سيزيد من معدلات الإستهلاك للمنشئات والأفراد ويعوض ما تم تخفيضة في التعرفة لأسعار الكهرباء (حسب نظرية الدكنجي أيام زمان بيع كثير وربح قليل)، وينشط المشاريع الإستثمارية، ويزيد من السيولة بيد الأفراد والتي تشكل أيضا ضخ في دورة المال على الصعيد الوطني، والحكومة ستسترد من كل ذلك موارد للخزينة وربما بشكل أكبر من خلال الرسوم وضريبة المبيعات والدخل وغيرها.
3- أما التشريعات وثباتها وتحولها من تشريعات محبطة ومتذبذبة معطلة للإستثمار، فلدينا خبراء من غير( مشرعي ذهنية الجباية في الحكومات اضعف الإيمان..!)، يستطيعون وضع تشريعات جاذبة للإستثمار ومشجعة ومعززة للمشاريع، أو نقل ذات التشريعات والتجارب لنماذج عالمية مجربة لدول مثل تركيا وكوريا الجنوبية وماليزيا والبرازيل.
4- الفساد..! وما أدراك ما الفساد..!، وهنا لن أطيل الشرح، فلا تقدم ولا تطور مع وجود الفساد والفاسدين، والقضية هنا بحاجة لإرادة سياسية وتشريعات صارمة، تعمل على تجفيف منابع الفساد أياً كانت، من خلال نظم مراقبة ومحاسبة صارمة، ويمكن أيضاً إستقطاب تجارب عالمية نجحت باستئصال الفساد وتجفيف منابعه، فالفساد ليس بالضرورة أن يكون حكومياً كما يحب البعض نشر ذلك صحيحا كان أم خطأً وغض النظر عن الفساد المعشعش في عقول الكثيرين أداريين أم أفراد، الفساد موجود لدى الأفراد والعامة وبنسب كبيرة أحياناً، وكذلك لدى الإدارات عامة أو خاصة، ولدى بعض شركات القطاع الخاص التي تدفع من تحت الطاولة من أجل مصالحها، وحدث ولا حرج، وأصحاب الفساد ومؤسساته يتخدمون الذكاء السلبي لكي لا تطالهم يد العداله، ورقابة الضمير والأخلاق هي الأهم ومن المستحيل أن تضع الحكومة شرطي فوق رأس كل فرد او مسؤول، وهنا لا ننسى أن على الحكومة أن تضبط اجهزتها وإجراءاتها لتكسر ظهر الفساد، الفساد حلقة ومتواليه هندسية يجب اجتثاثها من جذورها لدى الجميع.
ما أوردته قد لا يكون جديداً، وربما تحدث به الكثيرين، وهو واقع مطبق في الدول المتقدمة، ويعرفه صانع القرار بالضرورة، لأن كل سياسات الجباية التي توارثتها الحكومات أوصلتنا إلى ما نحن عليه، لأنها الطريقة الأسهل لدعم الخزينه آنياً، ولأن الحكومات والوزراء يسكنهم الخوف والتردد…! وصانع القرار لا يجرؤ على إحداث ثورة في الإقتصاد وتطويره لأنه يعمل بذهنية (سكن تسلم)، حتى مع ثورة التطوير الإقتصادي التي تبناها الملك وديوانه والحكومة ونشرت، تبقى مشكلتنا في من (يعرف ولا يطبق، أو يطبق ولا يعرف)، وننتظر من يقرع الجرس… ! أو ننتظر معجزة… ! وقد انتهى زمن المعجزات، فالتقدم يحتاج لفعل… والفعل عند من لا يملك المفتاح إلى حين…( يا رب يلاقيه..!).…حمى الله الأردن.