عندما يبكي الرجال
السيخ #كمال_الخطيب
ليس فقط أن جفاف المشاعر وقحط العيون و #قسوة_القلوب قد أصبح مرضًا منتشرًا ومتفشيًا، بل إن #بكاء_الرجال وتأثرهم عند بعض المواقف الإنسانية أو عند استشعارهم الخوف من الله أصبح كأنه أمرٌ معيبٌ، وأنه منقصة، على اعتبار أن الرجال لا يبكون، وأن البكاء هو للنساء، وأن الذي يبكي ويتفاعل قلبه وتذرف عيناه يُسمى رجلًا عاطفيًا بالمفهوم السلبي لكلمة العاطفة، أي أنه شخص انفعالي.
وإنه القرآن الكريم؛ كتاب الله سبحانه الذي تحدث عن صفات المخبتين المؤمنين من الرجال، الرجال الذين تفيض أعينهم بالدموع {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} آية 109 سورة الإسراء، {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}آية 2 سورة الأنفال.
إن من الناس من يجلسون لمشاهدة فيلم فيتأثرون لبعض فصوله ومشاهده التراجيدية فيبكون، بل ويجهشون بالبكاء، مع العلم أن ما يشاهدونه هو فيلم وهي أداور يؤديها هؤلاء الممثلون بحرفية، بل لعل الواحد منهم وهو الذي بكى وأبكى غيره تجده بعد لحظات من تصوير المشهد يضحك ملء شدقيه.
وكيف لا نبكي لبكائهم
بالله عليكم، ألا يُبكي الواحد منا ذلك المشهد الحقيقي الصادق الذي قصه الله تعالى علينا في القرآن الكريم عن نبي الله لوط عليه السلام وهو يتوسل إلى قومه ألا يعتدوا على ضيوفه، وقد أرادوا انتهاك أعراضهم، وهم لا يعلمون أن هؤلاء الضيوف هم ملائكة، حتى أن لوطًا عليه السلام في مشهد محزن مؤثر يعرض عليهم بناته للزواج مقابل أن لا يخزوه في ضيوفه:{وَجَآءَهُۥ قَوْمُهُۥ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ ۚ قَالَ يَٰقَوْمِ هَٰٓؤُلَآءِ بَنَاتِى هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ۖ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِى ضَيْفِىٓ ۖ أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ} آية 77 هود.
بربكم، ألا يبكيكم بكاء ودموع مريم البتول الطاهرة عليها السلام، وقد رماها قومها بالفاحشة، بينما هي على الحالة التي وصفها الله بقوله: {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا} آية 22 سورة مريم.
بربكم، ألا يبكيكم بكاء يوسف عليه السلام وهو يتوسل إلى الله أن يحفظ عليه شرفه وطهره، حيث امرأة العزيز تراوده عن نفسه وتهدده بالسجن إن لم يستجب لإغرائها: {قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} آية 23 سورة يوسف.
{قَالَ رَبِّ ٱلسِّجْنُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِمَّا يَدْعُونَنِىٓ إِلَيْهِ ۖ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّى كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ ٱلْجَٰهِلِينَ} آية 33 سورة يوسف.
بربكم أيها الناس، من هذا الذي يتمالك نفسه ولا تسيل دموعه ولا ينفطر قلبه ولا يبكي لبكاء رسول الله ﷺ وهو يتحدث عن نفسه وعن شفاعته لأمته يوم القيامة، وعن بكائه تحت عرش الله قائلًا: “يا رب أمتي أمتي، فيقول له الله تعالى: إنا لن نخزيك في أمتك، يا محمد سل تُعط واشفع تشفّع”.
إن صاحب العاطفة الإيمانية، وإن التأثر والبكاء، وإن الدموع كما يقول الدكتور محمد موسى الشريف: “صاحب العاطفة الإيمانية القوية شخص مؤثر بلا ريب يجتمع الناس حوله وينبسطون له ويرتاحون إليه، إذ هو مفتاح الاستجابة”. وأما المرحوم الدكتور عبد الله علوان فيقول عن صاحب العاطفة الإيمانية وصاحب الدمعة السخية: “إذا خطب أو تحدث أو دعا إلى الله رأيت الإيمان يبرق من خلال عينيه، والإخلاص يشرق من تقاسيم وجهه، والصدق يتدفق من حنان صوته وخشوع لهجته وإشارة يده، كلامه يسري في القلوب ويبدد ظلام النفوس، لدعوته يستجيب الناس، بموعظته تخفق القلوب وتذرف العيون، وبتذكيره يتوب العاصي ويهتدي الضال”.
وأما الدكتور محمد أحمد الراشد فيقول: “ومن لا يحصن نفسه بالخشوع ويسقي أشجار محبة الله بالدموع فليس أمامه إلا النكوص والرجوع، والجفاف والركوع أمام أصنام الذات وأوثان الحياة، وتلك هي الطامة الكبرى التي ما فوقها طامة، ذلك أن الجفاف الروحي والجدب المعنوي واليَبَس العاطفي أخطر آفات العمل الإسلامي التي لو تعرض لها الداعية العامل للإسلام لأفقدته أهم قوى الجذب والمغناطيسية والاستقطاب، حيث هو يدعو لإشاعة روح الصفاء والنقاء والتوكل والتعبد والدعاء”.
وأما الشاعر المسلم محمد إقبال فقد شبه العالم والداعية الذي لا يبكي بقوله: “إن العالم الديني الذي لا يحمل همًّا، إن عينه بصيرة ولكنها جافة لا تدمع، لقد زهدتُ في صحبته لأنه عِلم ولا همّ، وأرض مقدسة ولا زمزم”.
ولقد شرح الشيخ أبو الحسن الندوي هذه العبارة بقوله: “إنه العالم صاحب العلم الكثير والعقل الكبير واللسان البليغ، ولكنها لا تسيل دمعة من عينه ولا لوعة في قلبه، فإنه مثل مكة؛ لو لم تكن تجري فيها زمزم فإنها تبقى رمالًا جافة وجبالًا جرداء، إنه يكون أخذ من الأرض المقدسة خشونتها وصلابتها ولم يأخذ منها رطوبتها ونداها”.
عندما بكى الأبطال
وإنه تاريخ أمتنا في ماضيها وحاضرها يزخر بنماذج الرجال من القادة العسكريين ومن الفاتحين ومن العلماء ومن العباد، الذين كانوا بكائين، قلوبهم رقيقة وعيونهم سخية ليس لضعف فيهم وإنما كانوا هم الرجال الرجال.
من منا لم يقرأ عن حزن صلاح الدين وبكائه وقلة ضحكه، فإذا سُئل عن السبب قال: “إني أستحيي من الله أن أضحك وما تزال القدس والأقصى في يد الصليبيين”. بل إنه الذي كان في النهار بطلًا مغوارًا وفارسًا مقدامًا يمزق جيوش الصليبيين، فإذا كان الليل – كما وصفه شيخه بن شداد- يبكي بكاء الأم الثكلى يقول وهو ساجد :” إلهي قد انقطعت أسبابي الأرضية من نصرة دينك، ولم يبق إلا الإخلاد إليك، والاعتصام بحبلك، والاعتماد على فضلك، أنت حسبي ونعم الوكيل”.
وهذا عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، كان إذا قرأ قول الله تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ}، يبكي حتى يغلبه البكاء.
وهذا محمد بن المنكدر كان لا يتمالك نفسه إذا قيل أمامه: “قال رسول الله ﷺ” حبًا وشوقًا لرسول الله، فبينما هو ذات ليلة قائم يصلي إذ كثر بكاؤه حتى فزع له أهله وسألوه، فاستعجم عليهم – أي لم يفهموا ما قال- فأرسلوا إلى صديقه أبي حازم فجاء إليه، فقال: ما الذي أبكاك؟ قال: مرت بي آية، قال: ما هي؟ قال: {وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} آية 47 سورة الزمر، فبكى أبو حازم معه فاشتد بكاؤهما”.
وهذا العالم الجليل ابن نابلس وفلسطين عبد الغني المقدسي، كان رحمه الله يقرأ الحديث يوم الجمعة بعد الصلاة بجامع دمشق وليلة الخميس بالجامع أيضًا، ويجتمع خلق، وكان يقرأ ويبكي ويُبكي الناس بكاءً كثيرًا، حتى أن من حضر مجلسه مرة لا يكاد يتركه لكثرة ما يبكي قلبه وينشرح صدره فيه، وكان يدعو بعد فراغه دعاءً كثيرًا.
وهذا الإمام الشهيد حسن البنا رحمه الله، هذا الذي غير وجه المنطقة بعد إذ أقام دعوة وأنشأ جماعة الإخوان المسلمين، وهو ابن 21 سنة، كان ذلك عام 1928 وقُتل وهو فقط ابن 42 سنة برصاص مخابرات الملك فاروق، يقول عنه أحد رفاقه وهو المرحوم الأستاذ عباس السيسي: “كثيرًا ما كان هذا البطل يبكي بدموع غزار، وإني لأذكر في ذلك اليوم أنه تسلم وهو بدار الشهاب برقية من والد أحد الشهداء من الإخوان الذين قتلوا في فلسطين ردًا على برقية الأستاذ البنا له، وكانت برقية والد الشهيد مؤثرة فيها تضحية وفدائية واستبسال، فبكى الأستاذ البنا كثيرًا وأبكى الحاضرين”. ولما سُجن أتباعه في مصر كان يقوم من الليل ويضع كلتا يديه على أذنيه ويقول: إنني أسمع صياح الأطفال الذين غاب آباؤهم في المعتقلات. وهذا من قوة عاطفته وجميل تأثره رحمه الله تعالى.
ما أحوجنا اليوم إلى الدعاة والخطباء أصحاب الحس المرهف والعاطفة الرقيقة والدمعة السخية حتى يساهموا في مواجهة المحْل الذي أصاب مرابع قلوب الناس واليبوسة التي جففت ما في عيونهم، وإن هذا لا يتعارض أن يكون صاحب هذا الحس يتكلم في السياسة وفي الاقتصاد وفي كل المواضيع، دون أن يكون صاحب تلك الروح الرقيقة. يقول الأستاذ محمد موسى الشريف: “ما قيمة واعظ يتحدث عن التقوى والتوبة والرغبة والرهبة، والوعد والوعيد، والجنة والنار، واليوم الآخر، ماله من أهوال وعظائم، أو يتحدث عن الخشية والإنابة وعن أمثال هذه المعاني في خطب ومحاضرات، ثم إنه لا يذرف له دمعة ولا تفر منه عبرة، إن دمعة واحدة خير من محاضرة، وإن بكاءً مؤثرًا صادقًا خير من خطبة، وهذا مشاهدٌ معلوم، ولا يملك هذا ولا يستطيعه إلا أصحاب العواطف الإيمانية”.
لما بكى الرجال
وكيف لا يبكي الرجال وقد رأيتهم قبل أيام يبكون بعشراتهم ومئاتهم وألوفهم على فقدان ورحيل ومقتل داعية إلى الله تعالى وإمام مسجد صاحب مواقف مشرفة وتاريخ دعوي حافل، إنه الأخ الفاضل المرحوم الشيخ سامي مصري إمام مسجد قباء من بلدة كفرقرع مطلع هذا الأسبوع.
إن رحيل داعية ومصلح في هذا الزمان هو خسارة عظيمة، وكيف لا تكون خساره والدعاة هم الأعلام والنجوم التي تضيء لنا ليلنا المظلم. وإذا كانت النجوم في السماء تهدي المسافرين والضالين في الصحراء {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} آية 16 سورة النحل، فإن نجوم الأرض هم العلماء والدعاة الذين ينيرون الطريق للسائرين والحيارى التائهين في دروب الضلالة والجهل والشك {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} آية 73 سورة الأنبياء.
قال ابن القيم عنهم: “هم في الأرض بمنزلة النجوم من السماء بهم يهتدي الحيران في الظلماء، وحاجه الناس إليهم أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب، وإن موت العالم مصيبة لا يجبرها إلا خلف غيره”. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “لموتة عابد أهون من موت عالم بصير بحلال الله وحرامه”. وقال الإمام أحمد في وصف العلماء والدعاة الى الله: “يدعون من ضلّ إلى الهدى ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى ويبصرون بنور الله أهل العمى. فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه وكم من ضالّ تائه قد هدوه”.
لنبكِ مثل الأطفال
إنه رسول الله ﷺ سيد الذاكرين وسيد العابدين قد بين لنا قيمة الدمعة السخية التي تسيل من عيني العبد المؤمن، وكيف أنها تكون هي السبيل إلى الجنة، بل إلى التفيؤ تحت ظل عرش الله يوم القيامة، حيث قال صلى الله عليه وسلم عن السبعة الذين يظلهم الله تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله وأن واحدًا منهم كما قال: “…ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه”، نعم أن تفيض عينك بالدموع من خشية الله وأنت ساجد وأنت قائم وأنت في خلوة وأنت في عتمة الليل، فإنها الطريق السريع وتذكرة المرور بإذن الله إلى ذلك المقام؛ تحت ظل عرش الله يوم القيامة.
إن من الناس من إذا غلبهم الضحك تسيل دموعهم لشدة تفاعلهم مع ذلك المشهد الذي رأوه فأضحكهم ولا يعاب عليهم ذلك، فكيف يُعاب على من تسيل دموعه ويبكي خوفًا أو تأثرًا أو تذللًا بين يدي ربه سبحانه؟
إن الطفل يطلب من أمه أو أبيه حاجة فلا يقضيانها له ولا يستجيبان لطلبه، وإذا به يستخدم سلاح البكاء والدموع، وإذا به يخترق أعماق أعماق قلب أمه وأبيه، فما بال الواحد منا لا يستخدم سلاح الدموع وسلاح البكاء بين يدي الله جل جلاله، ونحن ساجدون أو رافعو أكف الضراعة إليه نقول له ونرجوه ونتوسل إليه: {وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ} آية 47 سورة هود، لماذا لا نجمع بين البكاء وبين الدعاء وبين الرجاء ونحن نقول له: “وعزتك لن أبرح بابك ولن أغادر أعتابك حتى تغفر لي” ، ونقول له: “يا رب عبيدك غيري كثير، أما أنا فليس لي ربٌ سواك”.
إننا في زمان أحوج ما نكون فيه ليس إلى البكائين عند أعتاب الظالمين من طواغيت الأرض، نتوسل إليهم أن ينصفونا وأن يرفعوا الظلم عنا وعن شعوبنا، فأمثال هؤلاء البكائين من ملوكنا ورؤسائنا وأمرائنا هم سُبة الزمان والعار الذي لا ينمحي، وإنما نحن أحوج ما نكون إلى البكائين منهم بين يدي الله خوفًا منه جل جلاله وخوفًا من تقصيرهم في حق الرعية من أبناء الأمة الذين أستأمنهم الله عليهم.
إننا أحوج ما نكون إلى البكائين في جوف الليل والناس نيام تلهج ألسنتهم بالرجاء، وترتفع أيديهم بالدعاء، وتفيض أعينهم بالدموع، يختلون بذي الجلال كما يختلي الحبيب بحبيبه، وقد أنِسَ بقربه ولقياه يستجيبون لقول الزاهد المحب:
يا رب قد ثقلت عليّ كبائرٌ بإزاء عيني لم تزل تترددُ
يا رب إن أُبعدتُ عنك فإن لي طمعًا برحمتك التي لا تبعدُ
يا رب مالي غير لطفك ملجأٌ ولعلني عن بابه لا أطرد
يا رب هب لي توبة أقضي بها دينًا علي به جلالك يشهدُ
أنت المجيب لكل داعٍ يلتجي أنت المجير لكل من يستنجدُ
من أي بحرٍ غير بحرك نستقي ولأي بابٍ غير بابك نقصدُ
فما أصدقها تلك العبرات والدمعات التي تكون بين العبد وبين خالقه ومولاه وهو يناجيه! فما أصدق ولا أنفع من أن يبكي الرجال بين يدي الله خوفًا منه سبحانه وخشية من عذابه وناره وسخطه بعد ذنب اقترفوه أو جُرمٍ عملوه! ومثلها بل أصدق منها دموع الفرح بالنجاة من إثم ومعصية كان سيقع فيها لولا أن الله سبحانه قد نجاه وعصمه، فبكى فرحًا وشكرًا لله أنه لطف به ونجاه من الحرام.
إنها الدمعات والعبرات يسكبها الرجال وتسيل من عيونهم على خدودهم ستشهد لهم يوم القيامة، لا بل إن الدموع خير وأفضل وأنجع المراهم التي تزيل آثار الذنوب مثلما تزيل المراهم والعلاجات آثار الجروح أو الحروق.
أيها الرجال؛ لا تقولوا إن البكاء عيبٌ ومنقصة، وإن الرجال لا يبكون، فابكوا أيها الرجال، وإن لم تبكوا فتباكوا لعل الله أن ينظر إليكم فيرحمكم، واعلموا أن أول طريق عز الدنيا وفلاح الآخرة هو عندما يبكي الرجال.