اعتاد الناس مشاهدة سلسلة أفلام ومسلسلات المخلوقات ذات #البشرة #الزرقاء الصغيرة المعروفة باسم ” #السنافر ” دون الاكتراث لسبب لونهم الأزرق، أو إمكان وجود “شعب أزرق” فعلاً عاش سنوات في مناطق معينة على هذا الكوكب. وربما لم يخطر في بال أحد أن يكون مجتمع “السنافر” الصغير عالماً حقيقياً اختلط يوماً بالمجتمعات، لكن تقارير عدة نشرتها مجلات طبية أميركية وثقت وجود #عائلة ذات #دم_أزرق بسبب #اضطراب_جيني، وعاشت منذ 200 عام في الولايات المتحدة. واللافت أن مصطلح أصحاب الدم الأزرق يطلق أيضاً على أسر ملكية وطبقات النبلاء.
يعرف الأشخاص الذين يميلون إلى اللون الأزرق بأنهم من أصحاب الدم الأزرق بدلاً من الأحمر، ويحملون في خلايا الدم نوعاً مختلفاً من ” #الهيموغلوبين” يسمى ” #ميثيموغلوبين” الذي يغيّر اللون من الأحمر الاعتيادي إلى الأزرق.
“الهيموغلوبين” و”الميثيموغلوبين”
يحمل بروتين “هيموغلوبين” الموجود في خلايا الدم الحمراء عادة الأكسجين في أنحاء الجسم، ويوصله إلى الأنسجة التي تحتاجه. وداخل “الهيموغلوبين” البشري يوجد مركب يحمل الحديد المعروف برمز “زائد3” الذي يعطي الدم لونه الأحمر عندما يرتبط بالأكسجين. لكن النسخة البريطانية لمجلة “ذي كونفرزيشن” نقلت عن تقارير طبية أن “نوعاً آخر من الهيموغلوبين يسمى ميثيموغلوبين ينقل إلى خلايا الجسم نوعاً مختلفاً من الحديد يحمل رمز زائد 2 غير القادر على الارتباط بالأكسجين، فيعطي دماً بلون أزرق. وتعرف هذه الحالة طبياً باسم اضطراب “ميثيموغلوبين الدم”.
وفيما يحتوي الدم عادة على بروتين “هيموغلوبين” الموجود في خلايا الدم الحمراء، ويحمل الأكسجين ويوزعه في الجسم، يعتبر “الميثيموغلوبين” أحد أشكال “الهيموغلوبين”. وتقول خدمة “ميدلاين بلاس” للمعلومات التي تقدمها مكتبة الولايات المتحدة الوطنية للطب، إن “الميثيموغلوبين قد يتكاثر في الدم لأسباب طبيعية نادرة، بينها حصول خلل جيني أو تناول أدوية أو التعرض لسموم، ويحوّل نقص كمية الأكسجين لون الدم إلى أزرق بدلاً من أحمر”.
تضيف “ميدلاين بلاس”: “يوجد نوعان من أشكال ميثيموغلوبين الدم التي تتسبب باللون الأزرق. الأول تمرره جينات الوالدين رغم أنهما قد لا يعانيان من هذه الحالة، بل يحملان الجين المسبب لها، أما الثاني فينتج من عيوب في بروتين الهيموغلوبين نفسه، حيث يحتاج أحد الوالدين فقط إلى نقل الجين غير الطبيعي للطفل كي يرث المرض.
ويعتبر “الميثيموغلوبين” المكتسب أكثر شيوعاً من الأشكال الموروثة، ويرتبط بأشخاص تعرضوا لمواد كيميائية مصدرها أدوية تخدير مثل “بنزوكائين” و”نيتروبنزين” أو استخدموا مضادات حيوية بينها “دابسون” و”كلوروكين”.
صفة العائلات المالكة
يورد تقرير “ذي كونفرزيشن” أن “استخدام مصطلح الدم الأزرق بدأ عام 1811 من أجل وصف العائلات المالكة والنبلاء لأن شحوب البشرة شكل في يوم من الأيام علامة على مكانة اجتماعية أعلى جعلت الملوك والنبلاء لا يحتاجون إلى قضاء وقتهم في الخارج مثل أفراد الطبقة العاملة والمزارعين، والمكوث بدلاً من ذلك في الداخل بعيداً عن أشعة الشمس، فبدت الأوردة الموجودة تحت سطح الجلد أكثر وضوحاً، وسمح ذلك بظهور اللون الأزرق”.
ويوضح التقرير أن الدم في الأوردة لدى النبلاء ليس أزرق في الواقع، “بل يظهر كذلك بسبب الطريقة التي ينكسر بها الضوء عند لمعانه على الجلد، لأن الدم في الأوردة يحتوي على أكسجين أقل من الدم في الشرايين”.
الصورة
عرفت عائلة فوغاتي في كنتاكي بلون بشرتها الزرقاء (براندون بل/ Getty)
عرفت عائلة فوغاتي في كنتاكي بلون بشرة أفرادها الزرقاء (براندون بل/ Getty)
شعب كنتاكي الأزرق
ويرصد تقرير نشره موقع “أوول ذات ثينغز إنتريستينغ” الأميركي المتخصص في تاريخ العلوم، حالة نادرة لولادة طفل أزرق اللون يدعى بنيامين “بنجي” ستايسي عام 1975، والذي يعتقد بأنه آخر فرد من عائلة #شعب #كنتاكي #الأزرق. وبعد ولادته، أصيبت الممرضات والأطباء بصدمة وارتباك، إذ كانوا قلقين للغاية من لون جلده الغريب، لكن والده ألفا ستايسي أخبرهم حينها بأن أجداده كانوا ذوي بشرة زرقاء. واعتبر “بنجي” ستايسي آخر طفل يولد من سلالة طويلة لعائلة فوغاتي التي تعرف بـ”شعب كنتاكي الأزرق” الذي عاش في جبال الأبلاش بكنتاكي طوال 197 عاماً، وحمل الجين النادر المسبب لاضطراب “ميثيموغلوبين” الدم.
ويعود تاريخ عائلة فوغاتي إلى عام 1820، حين هاجر يتيم فرنسي يُدعى مارتن فوغاتي إلى كنتاكي للمطالبة بمنحة أرض، وكان ذا بشرة زرقاء اللون. وبعدما تزوج امرأة ذات بشرة فاتحة رزق بأربعة أطفال ذوي بشرة زرقاء.
وتقول مجلة “جاما” الطبية التابعة للجمعية الطبية الأميركية إن “عائلة فوغاتي أو الأشخاص الزرق في كنتاكي اعتبروا مثالاً واضحاً على أولئك الذين يتأثرون بالتغييرات الجينية التي تؤدي إلى وجود الميثيموغلوبين”، وتصف عائلة فوغاتي بأنها “نموذج فريد لأصحاب الدم الأزرق”.
وتورد المجلة الأميركية أن “مارتن فوغاتي وزوجته حملا جيناً نادراً تسبب في مستويات عالية من الميثيموغلوبين، ما أصاب معظم أطفاله باللون الأزرق”.
وتحدثت مجلة “نيو إينغلاند جورنال أوف ميدسين” البريطانية عن حالة نادرة أخرى ارتبطت بامرأة تبلغ الـ25 من العمر بـ”ميثيموغلوبين الدم” بعدما تناولت مخدر “بنزوكائين” الموضعي لعلاج ألم في الأسنان، ما سمّم دمها وأعطاه اللون الأزرق. وتعرف هذه الحالة باضطراب “ميثيموغلوبين الدم” المكتسب.
حيوانات ملوّنة
يشار إلى أن ظاهرة الدم الأزرق ليست حكراً على الإنسان، إذ تقدم الحيوانات أيضاً مثالاً على تغيير لون دمها. وعلى سبيل المثال، ينتج سرطان البحر اللون الأزرق، لأن دمه يحتوي على النحاس كعنصر أساسي بدلاً من الحديد. وهناك أمثلة على الدم الأخضر في ديدان الأرض والسقنقور (جنس من الزواحف)، والدم الأرجواني في قذائف المصباح (نوع من الصدفيات البحرية)، وحتى الدم النقي في الأسماك الجليدية. وسبب ذلك الاختلاف في “الهيموغلوبين” والأصباغ التنفسية.