
قال المرصد #الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ #التقاعس_الدولي غير المبرر تجاه #الانتهاكات_الجسيمة التي يتعرض لها #المدنيون في #مدينة_الفاشر غربي #السودان يشجّع الجناة على المضي قدمًا في #قتل و #حصار المدنيين، وحرمانهم من أبسط حقوقهم الإنسانية.
وذكر المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي اليوم إنّ مدينة الفاشر، وهي عاصمة إقليم دارفور، شهدت في الأيام الأخيرة تصاعدًا في وتيرة الاشتباكات والقصف المتبادل بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، بالتزامن مع تفشٍ سريع للجوع والأمراض المعدية، على نحو يهدد بحدوث مجاعة وكارثة إنسانية وشيكة في حال استمرار الوضع القائم.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ قوات الدعم السريع تُحاصر منذ نحو عامين ونصف أكثر من 250 ألف مدني، نصفهم من الأطفال، في مدينة الفاشر، إذ تمنع دخول الإمدادات الحيوية، وفي مقدّمتها الغذاء والدواء، وتقطع جميع الطرق المؤدية إلى المدينة، كما تحظر خروج السكان والنازحين منها، ما خلق ظروفًا معيشة قاسية أدّت إلى وفاة أعداد غير محدّدة من المدنيين لأسباب يمكن تفاديها، كالجوع وتفشّي الأوبئة.
الحصار والعمليات العسكرية تسببا بانهيار شبه كامل للبنية الصحية والإنسانية في الفاشر، إذ إنّ المستشفى الرئيسي في المدينة يعمل بأقل من 20% من طاقته، مع نقص حاد في الأدوية وأجهزة الطوارئ
الطبيب “أيمن الأحمد”، ناشط حقوقي سوداني
وبيّن المرصد الأورومتوسطي أنّ الحصار الخانق يترافق مع هجماتٍ يومية تستخدم فيها الأسلحة الرشاشة وقذائف المدفعية والطائرات المسيّرة، في محاولة للسيطرة الكاملة على المدينة من دون أيّ اعتبار لقواعد القانون الدولي الإنساني، إذ استهدفت عمليات القصف أحياءً مكتظّةً بالسكان ومخيماتٍ للنازحين ومدارسَ ومستشفيات، في انتهاكٍ صارخٍ لمبادئ التمييز والتناسب والضرورة العسكرية.
وأوضح المرصد الأورومتوسطي أنّه اطّلع على معلوماتٍ موثوقة تؤكد تفاقم الأزمة الإنسانية في مدينة الفاشر مع استمرار الحصار المشدّد عليها، إذ نفدت معظم المواد الغذائية وحتى البدائل التي كان يعتمد عليها السكان، وتوقّف عمل التكايا التي كانت تؤمّن الطعام للأهالي والنازحين، ما أدّى إلى ارتفاعٍ ملحوظ في عدد الوفيات الناتجة عن الجوع وسوء التغذية الحاد، خصوصًا بين الأطفال والنساء، في ظل انقطاعٍ كاملٍ للإمدادات الغذائية وانهيارٍ شاملٍ في المنظومة الصحية.
وأوضح الأورومتوسطي أنّ قوات الدعم السريع ارتكبت انتهاكاتٍ مروّعة خلال الأيام الأخيرة، إذ قتلت يوم الإثنين 13 أكتوبر/تشرين الأول الطبيب عِمْران إسماعيل آدم إثر قصفٍ استهدف عيادة «أبو قرون» التي كان يعمل بها، وذلك بعد أيامٍ فقط من مجزرة دامية ارتكبتها يومي 10 و11 أكتوبر الجاري، حين استهدفت بطائرتين مسيّرتين وعددٍ من قذائف المدفعية مركز إيواء «دار الأرقم»، ما أسفر عن مقتل نحو 60 مدنيًا بينهم 17 طفلًا وعدد من النساء، إلى جانب إصابة عشراتٍ آخرين بجروحٍ متفاوتة.
ومثّلت مدينة الفاشر في بدايات الصراع ملاذًا رئيسيًا لعشرات الآلاف من النازحين الذين فرّوا من مناطق أخرى في إقليم دارفور، إذ كانت المدينة تُعدّ المركز الإنساني الأهم لتوزيع المساعدات والإغاثة في الإقليم، غير أنّ هذا الدور الإنساني تبدّل مع تصاعد القتال، لتتحوّل الفاشر من ملجأ للنازحين إلى بؤرة لمعاناتهم، ومن مركز إغاثة إلى رمزٍ لأزمة إنسانية متفاقمة تتعمّق مأساتها يومًا بعد يوم.
في إفادة لفريق المرصد الأورومتوسطي، قال الطبيب “أيمن الأحمد” وهو ناشط حقوقي سوداني: “الوضع الإنساني في مدينة الفاشر تدهور بسرعة خلال المدة الأخيرة، حيث ارتفعت مستويات الجوع والفقر وتفشت الأمراض والأوبئة، وسط تقديرات أنّ أكثر من 70% من السكان والنازحين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وتسجيل عشرات حالات وفاة بسبب الجوع وسوء التغذية بين الأطفال”.
وأضاف أنّ “الحصار والعمليات العسكرية تسببا بانهيار شبه كامل للبنية الصحية والإنسانية في الفاشر، إذ إنّ المستشفى الرئيسي في المدينة يعمل بأقل من 20% من طاقته، مع نقص حاد في الأدوية وأجهزة الطوارئ، كما تعطلت شبكات المياه في عدة أحياء، ويضطر الناس لاستخدام آبار بدائية ملوثة، ما أدى إلى انتشار الكوليرا. أما بالنسبة للتعليم، فالمدارس تحولت إلى ملاجئ للنازحين، وانقطع عشرات الآلاف من الأطفال عن الدراسة”.
ووفق متابعته، قال “الأحمد” إنّ “من المشاكل الصحية التي يواجهها الأطفال بعد الحرمان فقدان الوزن الحاد، ضعف العضلات، شحوب الجلد، وانتفاخ البطن نتيجة نقص البروتينات، تراجع المناعة بشكل خطير، مما يزيد من تعرضهم لمضاعفات عديدة مثل الإسهال المزمن، والالتهابات التنفسية المتكررة، والحمى وفشل النمو العضلي والعظمي. وعلى المدى الطويل، يؤدي هذا الحرمان إلى تأخر النمو الطولي والوزني، وضعف دائم في العضلات والمناعة، وزيادة خطر الأمراض المزمنة، ومحدودية القدرات التعليمية والاجتماعية”.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ الأفعال التي تشمل فرض الحصار على السكان، ومنع وعرقلة دخول المساعدات الإنسانية، وشنّ عملياتٍ عسكريةٍ موجهة ضد المدنيين، تُعدّ انتهاكاتٍ جسيمة ترتقي إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ما يوجب تدخّلًا دوليًا عاجلًا وحاسمًا لوقف هذه الجرائم ومساءلة مرتكبيها أمام العدالة الدولية.
وشدّد المرصد الأورومتوسطي على ضرورة التوصّل إلى توافقٍ عاجل لعقد جلسة لمجلس الأمن الدولي بهدف إصدار قرارٍ ملزمٍ لجميع الأطراف يقضي بإعادة فتح الطرق والمعابر الإنسانية المؤدية إلى مدينة الفاشر، وضمان تدفق المساعدات ووصولها بأمان إلى السكان والنازحين، مع فرض وقفٍ شاملٍ وفوري لإطلاق النار يتيح تنفيذ التدخلات الإنسانية العاجلة وإنقاذ الأرواح دون إبطاء.
ودعا المرصد الأورومتوسطي جميع الأطراف والدول المتورطة في تمويل الصراع أو تسليحه أو دعمه سياسيًا إلى التوقف الفوري عن تغذية آلة القتل والتجويع وانتهاك الكرامة الإنسانية للمدنيين، مشددًا على ضرورة وقف أي إمدادات مالية أو عسكرية أو لوجستية لأطراف النزاع، واستخدام نفوذها لوقف التصعيد وإنهاء الأعمال الحربية وإفساح المجال أمام الجهود الإنسانية والدبلوماسية.
ودعا المرصد الأورومتوسطي المحكمة الجنائية الدولية إلى توسيع نطاق تحقيقها القائم بشأن دارفور ليشمل الجرائم المرتكبة في سياق التصعيد الحالي، ولا سيّما أعمال الحصار والتجويع والهجمات الموجهة ضد المدنيين في مدينة الفاشر وغيرها، وحثّ المدعي العام على إعطاء أولوية عاجلة للتحقيقات الميدانية وإصدار مذكرات توقيف بحق المسؤولين عنها، بما يضمن عدم الإفلات من العقاب وإنصاف الضحايا على نحو عادل وشامل.




