
الروح و الراحة
دائماً اسمع هذا السؤال : ما هو أكثر مكان تحبّه ؟؟ الغالبية ينطلقون بالإجابات الجاهزة ..التي لا يقفون عندها ولا يعرضونها على (تفكيك العقل) لها ..فتكون إجاباتهم المناطق السياحيّة مثلاً : جرش البتراء أم قيس ..! أو بيتهم و بيت جدهم ..أو الحارة ..أو أي مكان يتمنونه !
الاجابات هنا متعلقة بسطحية (حسب وجهة نظري التي قد تكون سطحية هي الأخرى و على استعداد للتراجع عنها إذا أقنعني أحد بغيرها ) ..لأنني على قناعة بأن جرش مثلا أو أم قيس ؛ لو طلبت منك المبيت وحدك فيهما فلن ترضى ..وعدم قبولك وحده ؛ ينفي صفة المكان الأجمل ..وبيتك وبيت جدك ..انزياحك لهما هو بفعل الذكريات و التفاصيل التي تمتلكها أنت و تتقاطع مع الآخرين ..!
لكني أصفّق طويلاً لمن قال : المكان الأجمل لي هو المكان الذي يوجد به (من أُحبّ) ..فمن تحبّه هو الذي يصنع لك المكان ..وهو الذي يجعلك ترى غرفة متهالكة فيها مروحة لا تعمل و باب زرفيله خربان ؛ و أسلاك كهرباء متدلية من الأباريز ..و بقايا دهان من عشر سنوات وأكثر ..تراها أكثر جمالاً وراحةً من قصر منيف لا روح فيه ..وركزوا على كلمة (روح ) ..المكان الذي بلا روح ليس جميلاً من الناحية العملية و إن كان جميلاً من الناحية الوصفية (النظرية) لأن الجمال و الحب عندي قائمان على أمرين حتى يكونان كذلك ( روح وراحة) ..! فحتى (تحبّ) مكاناً يجب أن تكون فيه روح تحاكيك بأريحيّة ..! ولن يكون هذا إلا مع من (تحبّ) ..!
لذا ..الانسان بطبعه عندما يتضايق من الجميع ..أوّل تصريح يهدّد به هو الرحيل أو مغادرة المكان : القعدة (الأرواح) بطلت تنطاق ..! وعندما يضيق عليك وطنك ؛ فإنك دائماً تفكر بالهجرة رغم حبك الجارف لوطنك ..لأن لا تتآلف مع (الارواح) ولا تشعر فيه بالراحة ..وهذا ما يشعر به غالبية الشباب الأردني اليوم ..يريدون الهجرة بحثاً عن فرصهم (راحتهم) المتثلة بالرزق الوفير و بناء المستقبل (المتخيّل) ..لأنهم يشعرون برفض المكان (الأحبّ) لهم ..والانسان في حالة (الزعل على المكان) على استعداد أن يهجره و يبحث عن مكان مجهول ليبدأ به من جديد ..!
حبيت أتفلسف عليكم اليوم قليلاً ..لأنني أحرص على المكان الذي أنتم فيه ..بينما لا تتوقف الحكومة عند رغبة الشباب الجارفة بترك الوطن ..ولا تسأل نفسها : ليش ؟ وكيف نعيد الشباب إلى حبّ الوطن و الشعور بـ (الروح و الراحة ) فيه ..؟! – See more at: http://addustour.com/17943/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%AD+%D9%88+%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%AD%D8%A9.html#sthash.ok8MoX9b.dpuf