الروائي هاشم غرايبه….عارف عواد الهلال

الروائي هاشم غرايبه

عارف عواد الهلال

عندما يمتلئ صدر الإنسان بهيبة ووقار شخص كالروائي هاشم غرايبه, يصير لهذا الشخص من الهيبة والوقار في نفوس من حوله ما يفرض حضوره في الوجدان, ويزداد تمكنه من الضمير, ويشتد التصاقه بأنياط القلب وتلابيب الصدر, ويصبح هذا الشخص فيصلا فارقا في الحياة, فلا تتم كثير من الأمور إلا بافتراض مثوله, أو بافتراض وجود رأيه, فكل أمر يجري بغير هذين الافتراضين لن يصل إلى درجة الإحكام والإبرام بما فيهما من الروية والحكمة.

كثير من الناس من يرتبك من أبسط الأمور, وقليل من الرجال من يتجاوز المعيقات بأبسط الحلول, كما هو الأستاذ هاشم, الذي يخيل للبعض أنه سيرد على أمر ما بانفعال شديد, وتوتر مجلل, حين تزداد اللجاجة بين المتناكفين, غير أنه يبطل ظن أولئك عندما يأتي رده هادئا, رزينا, حصيفا, كيسا ومقنعا, ولا يمكن الطعن فيه, ليس لأنه صادر عن هذا الشخص بذاته, بقدر ما يكون لأنه نابع من حكمته التي أحكمتها سني العمر, واختزنها العقل من تجارب الحياة, وما وقر في الفؤاد من أمهات الكتب وعيون الأسفار التي هي بالأصل حصيلة تجارب أجيال وأجيال, أحسنت قراءتها وحَسُنَ توظيفها.

الأستاذ هاشم غرايبه الذي نتمنى له الصحة والسلامة, ونأمل خروجه من المستشفي سليما معافى أثر دخوله لإجراء بعض الفحوصات الطبية, ترك فينا خلال الثلاثة أيام الماضية فراغا كان يملؤه بحضوره الهادئ الذي ينشر الدفء بين أصدقائه, وإن كان حضوره الوجداني لم يفارق ضمائرنا, إلا أن هيبة المقام تملأ البصر والسمع والفؤاد.

هؤلاء الرجال, ممن هم بميزة صديقنا هاشم غرايبه, هم جبال الأرض, يحفظون المجتمع من أن يميد ذات اليمين أو ذات الشمال, أو يحيد عن جادة الصواب, وهم ملحها الذي يحفظ قوام الرأي, وسداد الحكمة, وماؤها الذي يديم الحياة, وينعش الأرواح, ولا تستقيم الحياة بدونه, وهم الشجر الراسخ بجذوره الممتدة في عمق الزمن, وهم الحجر الصلب الذي يملأ الفراغ ويجذب الأطراف إليه, وهم وداعة الحياه وبساطتها, وهم الهواء بسلاسة نسماته ونقائها, والزهر برقته وأريجه, والفضاء باتساع مداه ومجاهيله, والبحر بسحر ظاهره ومخاوف لججه, وهم كل مذاق مشتهى مستساغ, وهم المر والعلقم في آن.

———————
عارف عواد الهلال
alhelal@maktoob.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى