«الرابع» ولعبة القواعد الجديدة / عمر عياصرة

«الرابع» ولعبة القواعد الجديدة

هناك ثوابت للدولة في التعامل مع احتجاجات «الرابع» الاخيرة، فقد ظهر جليا منذ مؤتمر الوزيرة جمانة غنيمات، وما تلاها من صدامات يوم الخميس، ما يثبت ان ثمة استراتيجية للدولة «وليست للحكومة» باتت واضحة.
من جهة الرغبة، تتمنى كل تفصيلات الدولة الاردنية ان لا ترى احتجاجات في اي مكان، فالامنيات ان يعيش الاردنيون نوما عاما، وان لا يخرجوا للميادين.
لكن الحقيقة غير ذلك، فهناك احتجاجات على السياسات، وهناك حراكيون يساندهم ناشطون وغاضبون قرروا تنفيذ اعتصام دائم اسبوعي على الدوار الرابع في مقابل دارة رئاسة الوزراء.
ثوابت الدولة تقوم على جملة اهداف، اهمها ان لا يتحول الرابع الى نقطة استقطاب تعيد انتاج «رابع رمضان» الماضي الذي كان في حجمه وتأثيره وزخمه مما لا يحتمل الا تقديم التنازلات الوازنة «كإقالة حكومة الملقي».
من هنا تقرر استخدام «القوة الامنية» كأداة للتعامل مع الاحتجاج، هذا الاستخدام محسوب، وله اوقاته المقررة، كما انه ليس بالدموي بقدر كونه تخويفيا تشذيبيا لتمدد الاعتصام.
من هنا تم اللجوء للرزاز اولا، ومن ثم لجمانة غنيمات للتمهيد للامر، ذلك من خلال الحديث عن اقلية تريد الفوضى والاساءة، واعتبرت تصريحات الحكومة تغطية للقرار الامني الميداني.
ميدانيا، هناك استراتيجية واضحة وجديدة تخدم الهدف العام «عدم تحول الرابع الحالي لما كان عليه في السابق» فمن جهة تستخدم «القوة الامنية» طرديا مع ارتفاع السقوف.
ومن جهة اخرى يصر القرار الامني على منع امتداد الحراك في منطقة الرابع، من خلال ابقائه في حيز ضيق، تحت عناوين عدم اغلاق الشوارع، ذلك على خلاف ما جرى في رمضان حين اغلقت شوارع ومناطق واصبحت ساحة للاعتصام.
انزال قوات البادية لمكان الاعتصام يؤكد هذه الرسالة، فقناعتي ان الدولة لن تسمح باعتصامات ضاغطة على عصبها الرئيسي، وستحاول جاهدة استخدام كل المتاح من الوسائل لفرض ذلك.
سرعة اصدار قانون العفو العام تعد محاولة لتخفيف زخم الاعتصام والغضب، لكن هل سيقنع الناس، هل سيخافون من الامننة، هل هناك حلول اخرى لدى الدولة؟
اسئلة برسم الاجابة، فالمعاناة الاقتصادية في الاردن اجرائية، ليست متخيلة او منتظرة، وستظل مكان للتصعيد، لذلك لابد من تلطيف الحالة بعيدا عن الامننة الحالية.
نحتاج ان تثقل الدولة يدها بمكافحة الفساد، نحتاج الى وجبات اصلاح سياسي ملموسة ومحمودة، لا نريد خوفا من الاعتصام ولا فضاً بالقوة، نريد حلولاً وتسويات وأفقاً للمستقبل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى