الذكاء الاصطناعي ورؤية في مستقبل التعليم

#الذكاء_الاصطناعي ورؤية في #مستقبل_التعليم

#عبدالبصير_عيد

كلمة أصبحت حديث الحاضر نحو استشراف المستقبل، الـ “AI” وهي الكلمة المختصرة للمصطلح الإنجليزي “Artificial Intelligence” وتعني بالعربية الذكاء الاصطناعي، الذي انتشر كالنار في الهشيم في المجتمع التعليمي من معلمين وطلبة وقادة تربويين، بل أضحى استخدام هذا المصطلح ميزة للابتكار والإبداع في شتى المجالات والصناعات، بما في ذلك النقل والطب والاتصالات والصحافة. ولكن وبلا أدنى شك يعد التعليم البوابة الرئيسة للتخصصات جميعها، فمن المعاهد والمدارس والجامعات يتخرج الطبيب والمهندس والجندي والمعلم، ولذلك يعتبر دخول الذكاء الاصطناعي إلى عالم التعليم في وقتنا الحالي تحدياً حقيقياً له أثره في الحاضر والمستقبل.
وبما أن استخدام الذكاء الاصطناعي أصبح حتمياً وواقعاً لا يمكن التهرب منه، كان لا بد للمعلمين أن يواكبوا هذه المرحلة، ويخوضوا غمارها ببراعة عالية، فلا يعقل أن يعيش التلميذ في عصور التقنية واستشراف المستقبل، والمعلم يخوض في عصر والأحافير والماضي.
إن استخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لا يقلل من أهمية المعلم ودوره الفعال في العملية التعليمية، فوجود التوازن يتيح أفضل النتائج من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة داعمة، لا كبديل كامل. وبذلك يحتاج المعلم أن يأخذ القدر الكافي من التدريب لتحقيق أفضل النتائج الفعالة من استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة تمكنه من تحليل البيانات والنتائج وتوظيفها في خدمة العملية التعليمة. كما يجب تسليط الضوء على أهمية الحذر من مشاركة البيانات المهمة، لما فيه من التهديد الحقيقي على الخصوصية، وذلك من خلال تنفيذ بروتوكولات صارمة وقوية بشكل مسؤول.
إن دور التكنولوجيا كأداة يؤدي دوراً محورياً في عمل المعلم، ولكن للذكاء الاصطناعي دور مختلف، فهو ينجز الأعمال البشرية، والتي تحتاج منا للكثير من التفكير وجمع المعلومات وترتيبها وتهذيبها واستخدامها على شكل أعمال مبتكرة أو المشاركة في صنع القرارات ورسم الأهداف.
يمكن للمعلم أن يستفيد من الذكاء الاصطناعي من خلال كتابة خطط الدروس ووضع الأهداف والمادة التدريسية المناسبة ووضع التمارين والأنشطة وإنشاء التقييمات المختلفة مثل الاختبارات التكوينية والختامية. ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يسهم في رفع مستوى الدروس لتشمل مهارات التفكير العليا وتقديم أفضل التجارب، واقتراح أفضل الطرق المبتكرة والاستراتيجيات الحديثة المناسبة لتحقيق أفضل النتائج. وكل ذلك دون ريب لا يغني عن دور المعلم؛ فالمعلم الناجح هو من يتمكن من تقييم هذه العملية وهو من يديرها ويصحح مسارها بما يتناسب مع أهدافه ومستوى تلاميذه.
في الحقيقة لا يجب أن يُنظَر إلى الذكاء الاصطناعي كمنافس للمعلم بل كأداة داعمة له يجب أن يستخدمها بفاعلية وذكاء. وهنا يأتي دور المعلم ليتعاون مع الذكاء الاصطناعي لتجويد المنتج التعليمي مما يعزز الإبداع والتفكير الناقد والتعلم المستمر.
وبالتوازي مع المعلم، فإن الذكاء الاصطناعي له أثر كبير على الطالب في رفع كفاءة المخرجات التعليمية لتسافر بالطالب عبر الزمن نحو المستقبل.
رغم دور الذكاء الاصطناعي في خلق جو جديد من الإبداع والتحسين والتطور، إلا أن هناك بعض الممارسات الخاطئة من التلاميذ تجعل من الذكاء الاصطناعي أداة تهدم أكثر من أن تُعمر. وهنا يأتي دور المعلمين والقادة التربويين لوقف أي ممارسة من شأنها أن تضر في العملية التعليمية ومخرجاتها. وكما يعرف الجميع فالمثل يقول “فاقد الشيء لا يعطيه!”، فالمعلم يجب أن يطور من مهاراته وخبراته لتكون مواكبة لهذه الثورة التكنولوجية.
وفي خضم الحديث عن التطوير، فإن كثيراً من المؤسسات التربوية ووزارات التربية والتعليم حول العالم تبحث بجدية في تطوير المناهج المدعمة بخاصية الذكاء الاصطناعي، وتوفير التعليم الشخصي لكل تلميذ لتناسب مختلف المستويات الأكاديمية وتراعي الفروقات الفردية من أجل تحقيق المساواة في التعليم.
إن البحث في مستقبل التعليم مستمر في ضوء الثورة الحالية يثير في داخلنا كثيراً من الأسئلة فهل نحن مستعدون للتغيير؟ وإلى أين يذهب التعليم؟ وما هي الإيجابيات التي يجب أن نستثمر وجودها؟ وما هي السلبيات التي يجب أن نحذر منها؟ وهل اتخذنا الإجراءات اللازمة لمواجهتها؟
إن كلّ هذه التساؤلات المشروعة تقودنا نحو وعي منشود نسعى إلى تحقيقه؛ لنصل إلى نتيجة تكون بمنزلة إشراقة في منحنى التعليم في ظل التطورات المتسارعة، يُمْكِنُنا اختزالها بعبارة “يجب علينا أن نقود هذا التطور لا أن يقودنا”.

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى