الخياط العبقري / يوسف غيشان
أراد رجل ان يخيط بذلة من قطعة قماش يملكها، فدخل إلى خياط وسلّمه إياها، نظر الخياط للرجل، وبدون ان يأخذ القياسات قال له:
– بترجع بعد ساعة بتوخذ بذلتك!!
اندهش الرجل وتساءل عن القياسات، فقال الخياط:
– هذول الخياطين الهمل اللي بعملوا بروفة وبوخذوا قياسات … ارجع بعد ساعة وخذ بذلتك.
عاد الرجل بعد ساعة ولبس البذلة الجديدة، فإذا هناك كمّا أطول من كم، وسحاب البنطلون اعوج، والأزرار لاتلتقي مع الثقوب التي هي أصلا أصغر أو أكبر من الزر… كفة البنطلون اليمنى ملوية…وهكذا.
الخياط نظر إلى الرجل وقال له:
– إطعج حالك هيك … خلي رقبتك لليسار… إفكح رجلك اليمين ، انفخ صدرك..خلي كوعك أفقي… وقف على رجلك اليسار….. أيوه هيك تمام… البذلة ع قياسك مبروك.
الخياط مفتول العضلات ومتجهم ونرفوز، فلم ينبس الزبون ببنت شفة، خوفا من سوء العاقبة.
خرج الرجل بهذه الحالة المزرية وهو يفكح ويعرج ويطعج رقبته ويلوي يده حتى يتناسب مع تفصيل البذلة، فشاهده الناس.
قال الأول:
– شوف الزلمه كيف كسماته مطعوجة!!
فقال الثاني:
– أنا اللي عاجبني الخياط العبقري اللي عمل له بذله ع كسماته بالضبط.
نحن أبناء هذه البقعة العملاقة المحشورة بين المحيط والخليج. نحن نمشي بذات طريقة الرجل تقريبا مع بعض الاختلافات من دولة لأخرى ومن خياط لآخر، اختلافات اقتضتها طبيعة المنطقة الجغرافية والسياسية(الجيوسياسية)، لكننا نتشابه كثيرا…
ونحن…. نحن بنستاهل!!