الخطاب الأردني الحديث
بقلم: د. ذوقان عبيدات
من وحي المحاضرة العميقة للباحث أحمد سلامة في حزب الرسالة أمس ، حفزني لأتحدث عن #الخطاب #الأردني. تناول أحمد سلامة ضرورة تقديم خطاب ديني يقدم #الإسلام الحقيقي بعيدًا عن اختطاف المجتمع باسم الدين، وتخويف كل من يرى ضرورة تقديم خطاب ديني حديث، ولكنه أصيل يعكس مفاهيم الدين السليمة! وقد رأى المحاضر ضرورة التحرّر من الخطاب الشائع لإطلاق طاقات الأفراد والجماعات! مع ملاحظة أن أي أحد من الجمهور لم يعترض على خطاب سلامة!!
لكني هنا، سأتحدث عن الخطاب الأردني: الإعلاميّ والتربويّ والمجتمعيّ والسياسي، وقليل من الدينيّ، وأدرك أن من اختطفوا الدين والمجتمع قد قالوا: كل من يدعو لتغيير الخطاب الديني هو عدوّ للدين! ولعلكم تعرفون ما معنى هذه العبارة!
1- ففي الخطاب #الإعلامي الرسميّ، لم يأخذ #الأردنيون هذا الخطاب مأخذ الجدّ بل رأوْا فيه خطابًا نفاقيّا سطحيّا ينعكس سلبًا على السلطة! ومهما كان مسؤول الإعلام لم يتغير خطابنا! وكان عاجزًا عن كسب أي مواطن لصالح الدولة! وكأن هناك من يكربج أي مسؤول إعلامي، فلم نسمع تحليلًا لصالح الدولة ولا قصيدة محترمة ولا لوحًا فنيّا أصيلًا، لم يعرف المواطن الأردني حتى الآن كيف يتم احتساب أسعار المحروقات ولا الكهربا ولا الدين، وكيف صار كل أردني يحمل ثلاثة آلاف دينار دَينًا خارجيّا إضافة لديونه الداخلية!
ولا حتى مشاركة الأردن في اجتماع الرياض الخطير!!
قدّم أحمد سلامة أمس خطابًا سياسيًّا مقنعًا جدّا حتى إنني سألته: إذا كان الأردن كما ذكرت لماذا كان خطابه ضعيفًا هزيلًا لم يكسب غير الانتهازيين والمنافقين! ولماذا لا نمتلك إعلامًا موازيًا لعظمة ما قلته عن الأردن؟ ولماذا ابتعدت مناهجنا عن الصورة المشرِقة التي قدمت؟ طبعًا ليس لدي إجابة عن الخطاب الإعلامي ولكن أعرف بدقة خفايا المناهج المدرسية وضعف أدائها، وأسبابه وانسداد الأمل منه وفيه!!!
2- الخطاب المجتمعي، ليس من السهل تحليل الخطاب المجتمعي، فليس هناك لدي دراسات عن ذلك! ولكن يمكن ملاحظة أنه خطاب مختطَف من شرعيّتين: الشرعية الدينية المدعومة كليّا من الدولة والتي ضيّقت كل منافذ الحرية: فكرامة المرأة مؤامرة غربية على ديننا، وتعديل الدستور لصالح النوع الاجتماعي مؤامرة لتدمير قيمنا الدينية، والسياحة الدينية تهديد! وقضية الكازينو محرّمة!
أما الشرعية الثانية، فهي الشرعيّة العشائريّة، وهي مدعومة أيضًا من الدولة، فالنائب ابن العشيرة، والمدير العام والأمين العام ابنا العشيرة، وعطايا مجلس الأعيان عشائرية، بل هناك من قال: العشيرة هي التي تحمي الأردن، ولا أدري كيف يشعر”الصعاليك” من غير أبناء العشائر تجاه هذا الوضع!! إذن: خطابنا الاجتماعي محكوم عشائريّا ودينيّا بدعم رسمي جدّا!!
3- الخطاب التربوي أعانه الله، تسيَّدَه غيرُ التربويين: فآخر ثلاثة رؤساء للجامعة الأردنية هم أطبّاء متخصّصون بمجالات ضيّقة جدّا لا تقودهم إلى نظرية تربوية، طبعًا هذا ليس هجومًا على الرؤساء الثلاثة إطلاقًا، فعلاقتي مع معظمهم إيجابية! ولكنه نقد لسذاجة الاختيار!
ومجالس التربية كلها تعجّ بالموظفين الذين لم يمتلك معظمهم أي معاناة تربوية، أو أي تأمّل أو دراسة، ولا حتى أدنى اهتمام! ولذلك، أتوقع حصولهم على أوسمة الجمود والارتداد التربوي!
فما خطابُنا التربوي؟ سأفرد لهذا الخطاب مقالة خاصة ولكن يكفي أن نلحظ:
- في مجال المناهج نكرّر ضعفنا!! وفي مجال التوجيهي نطمئن الطلبة على أن الأسئلة سهلة والعلامات معيارية وبالكسور المئوية، وأننا سنجبر السَّمَكة على صعود الشجرة!
- وفي مجال المعلمين، لم نقل للمعلم: ماذا نريد منه! وما نموذج المتعلم المنشود،! بل لم نجرؤ على القول بأن الملابس الأنيقة مهمّة! ولم نقل للمعلمات أن لا يميّزن بين الطالبات وفقَ عدد طبقات الحجاب!
ملاحظات قصيرة:
- معلم أي عشيرة أكثر قوّة من مدير ومشرف من فئة بدون!
- أمين عام ابن عشيرة يطيح بأيّ وزير من فئة بدون!
- مدارس تقدم المكافآت للطالبات حسب الحجاب!
- مناصب وأوسمة معظمها امتيازات للأكثر نفاقًا!
التعليم والتوجيهي والمناهج والتدريس حتى لا يغضب أحد: تيتي تيتي!
ملاحظة مهمّة:
كي لا يطلق القناصون سهامهم عليّ، فمؤسسات الانحراف الأخلاقي المشروعة رسميّا وقانونيّا مثل الرِّبا، والملاهي، والبارات، ومحلات الخمور، هي أشدُّ خطرًا من الكازينو!
وهذا لا يعني أنني أؤيد الكازينو، لكنه قد يكون أقلَّها ضررًا، كما يمكن منع الأردنيين الأنقياء من دخوله!!
احترامي.