
#الحفيد_والجد
بقلم: د. #ذوقان_عبيدات
مسافات واسعة تفصل بين الحفيد والجد! فالحفيد هو المستقبل، والجد هو الماضي.
ومن هنا، يمكن تحديد العلاقات
بين الحفيد والجد بالعلاقات بين الماضي والمستقبل: الماضي حنين وشعور، والمستقبل علم وتكنولوجيا. ويمكن إلصاق كل مزايا الماضي وعيوبه بالجد، ويمكن إلصاق كل مزايا المستقبل ومخاطره بالحفيد!
ولا يحق لجد وضع أطر الماضي لتربية الحفيد.
(١)
الجد في الثقافات
تؤكد الثقافة العربية أن الجد هو رأس العائلة، ومالك الحكمة، ولذلك يقال: أنت ومالُك لأبيك. فالجد العربي لا يقبل بأقلَّ من تسمية الحفيد الأول على اسمه!
وبما أن أسماء بعض الجدود موغلة في القِدَم، وعدم الملاءمة، وعدم القبول من زوجة الابن، أو الابن نفسه، فإن تجاوز هذا التحدي يعدّ تمردًا ثقافيّا من الابن وزوجته.
أما في الثقافة الغربية، فالوضع مختلف، ففي السويد مثلًا يحق للجد قانونيّا أخذ إجازة ثلاثة أشهر لرعاية الحفيد. وهذا يعني الاعتراف الواضح بأهمية دور الجد في تربية الأحفاد. وبشكل عام، فإن الجد في كل الثقافات يمثل الحكمة، والهُوية، والتراث الثقافي، فهو القادر على سرد قصص وغرائب من الماضي.
وفي الأردن أذكر أن مدرسة البكالوريا استدعتني لأحدّث صفّا
يضم حفيدي عن حياتنا في الماضي، حيث ظهر اندهاش الأطفال لعدم وجود شوارع، وكهرباء، وحنفيات ماء.
(٣)
تزايد دور الأجداد
يمكن ملاحظة أن متوسط عمر الحياة ارتفع بشكل واضح، وهذا يعني وجود كثير من الأجداد على قيد الحياة. كما أن الأجداد أكثر استقرارًا نفسيّا وماليّا، وهذا يسمح للجد بدور أكبر في رعاية أبنائهم وأحفادهم. كما أننا قد نجد تقاربًا بين عمر الحفيد، وعمر الجد قد يصل إلى أقلَّ من عشرين عامًا؛ وهذا يعني أن الفجوة الثقافية والتكنولوجية لن تقف عائقًا أمام تدخل الجد في حياة أبنائه وأحفاده. فالجد مؤهل ثقافيّا ونفسيّا واقتصاديّا للعمل في تربية الأحفاد.
(٤)
أسبوع مع كايد!
كايد عبيدات حفيدي، زارني هذا الأسبوع، وعمره ثلاثة أشهر، كنا جميعًا متعطشين لكي يندمج في ثقافة أجداده، فزار حرثا، وشاهد معالمها، ودخل مضافة قويدر التحفة الحضارية، والسياسية، والنضالية. تنفس عبق التاريخ، وعبق الجغرافيا. شاهد شجرة الزيتون، ومسَك بعض ثمراتها.
وقف قريبًا من شجرة التين.
جلس إلى موقدة قويدر، ولمس دِلال قهوتها، شاهد المحماسة، وشاهد البكرج، والدلة، والمِهباش،
وقبل مغادرتنا، كأن في عينية سؤالًا: أين يرقد الشيخ كايد مفلح عبيدات، الذي أفتخر بحمل اسمه؟
قلت له: في زيارتك القادمة إن شاء الله!
عشنا مع الحفيد كايد أسبوع مشاعر مكثفة يمكن أن تمتد سنوات!
وهكذا، كان دور الجد في بناء الهُوية!
فهمت عليّ؟!!