سواليف – مكتب النائب رلا الحروب
طالبت النائب د. رولا الحروب في كلمتها في مناقشة الموازنة بتعديل الدستور والنظام الداخلي بحيث تأتي موازنة الوزارات والوحدات الحكومية موحدة وقطاعية وفئوية وليس فصلية وتعرض على المجلس قبل عام من الزمن وتناقش في اللجان المختصة، وبحيث يتاح للجان اضافة نفقات او الغاؤها او استحداثها او تعديلها واجراء مناقلات بين البنود.
كما طالبت بتعديلات دستورية اخرى تعيد السلطة الى مجلس الامة في اقرار او رفض القروض المحلية والخارجية، وعدم تركها للسلطة التنفيذية، خاصة وانها تهدد مستقبل الاجيال القادمة.
وطالبت النائب الحروب بإلغاء الموازي من الجامعات الرسمية وخفض الرسوم ورفع موازنة صندوق الطالب الجامعي الى 150 مليون دينار، وتوفير التأمين الصحي الشامل للمواطنين بدل الاعفاءات التي اهدرت كرامة المواطنين وتتجاوز قيمتها السنوية 150 مليون دينار.
وطالبت الحروب ايضا بخفض كلفة النقل العام وايجاد بدائل فعالة واستثمار موارد الاردن الطبيعية ومعادنه، وتعدين الرمل الزجاجي والنحاس ورصد مخصصات في الموازنة للتنقيب عن الغاز والنفط بسواعد وعقول اردنية وفتح شراكات مع القطاع الخاص في الصناعات المتقدمة وتكنولوجيا المعلومات وانشاء شركات مساهمة عامة في تلك القطاعات وطرحها للاكتتاب العام لتستفيد الدولة من اموال الاردنيين التي هاجرت الى دبي وتركيا ومصر وكردستان.
وفيما يلي نص كلمة النائب د. رولا الحروب في مناقشة الموازنة لعام 2016.
بسم الله الرحمن الرحيم
بلادي وإن جارت علي عزيزة وأهلي وإن ضنوا علي كرام
معذرة يا أمة العروبة والإسلام ، معذرة يا أمة القلم، فقد هجرنا القلم الى السيف، وأشهرناه، ولكن ليس في وجه أعدائنا، بل في وجه الشقيق وابن العم، وأفسدنا في الأرض، فما عساها تكون عاقبة المفسدين؟
معذرة يا أرض اليراع، فقد استبدلنا اليراع بكل أسلحة الفتك والدمار، واستحضرنا أمم الأرض وجيوشها لتغتال بسمة طفل رضيع، وفرحة عروس بيوم زفافها.
معذرة يا فلسطين ويا شآم، ويا عراق ويا يمن ويا مصر و ليبيا . معذرة أيها السودان والصومال وجيبوتي، معذرة أيها الخليج الهادر والمشرق السادر والمغرب العاذر، فما عدنا نعرف سواء السبيل.
معذرة أمتي، فقد غادرنا ساحات التفكير والتدبير إلى ساحات الفتنة والتضليل والتجهيل.
معذرة شعبنا العربي الصابر في أردن الحشد والرباط، يا من تحمل هموم هذه الأمة الممتدة من الجرح إلى القرح، وفوقها همك وأوجاعك في مواجهة حرب الغلاء وتدني الدخول وارتفاع كلف المعيشة وتدهور الخدمات.
إن القلب ليدمى وإن العين لتدمع، وإننا على أمتنا لمحزونون، ويشهد الله أننا نجاهد بما في طاقتنا لإغاثة الملهوف ونصرة الضعيف، والإصرار على كلمة الحق في زمان التبس فيه الحق بالباطل، وأضحى تغيير المنكر باللسان مستوجبا للسجن والقتل واقتلاع الحناجر والأظافر.
أيها الزملاء…
لقد وقفنا هذا الموقف ثلاث مرات، وهذه هي الرابعة، نناقش الموازنة وننقدها ونقدم الاقتراحات، ومنا من أثخنها بالجراح ، ومنا من صمت أو باح، ومنا من حلل وتعقل وتفكر، ولكن الحكومة كانت تسمع حينا وتغمض حينا، وحتى حين كانت تستجيب، تبقى استجابتها غامضة طورا وخبط عشواء طورا ، حتى بتنا نشعر أن هذه المناقشات بهذه الآلية عبثية عقيمة، ولأننا أمة تأبى العقم والعبث، فقد آن الأوان لتعديل مسار مناقشة الموازنة عبر تعديلات دستورية وأخرى على النظام الداخلي تعيد وضع القطار على سكته كي يصل إلى محطته.
لن أفنّد الموازنة على عادتنا جميعا كل عام، ولكنني سأقدم هذه الاقتراحات، علها تكون ناقوسا يقرع فيدعو المؤمنين للصلاة.
أولا: إرسال الموازنة من الحكومة الى البرلمان قبل عام من الزمن أو ستة أشهر على الأقل لتناقش داخل اللجان الدائمة والكتل البرلمانية
ثانيا: السماح لمجلس النواب بإدخال تعديلات جوهرية بالاضافة والحذف والنقل بين البنود، وليس فقط تخفيض النفقات، على أن تتم تلك التعديلات من قبل اللجنة المختصة وليس النائب الفرد، وبعد مناقشتها باستفاضة مع النواب والحكومة داخل اللجان.
ثالثا: دمج موازنة الوزارات مع موازنة الوحدات الحكومية في موازنة موحدة، ثم تجزيء الموازنة قطاعيا وفئويا، وليس فصليا، على أن يناقش كل قطاع ضمن لجنته البرلمانية المختصة، بدلا من أن تنفرد اللجنة المالية بكل العمل، ثم تجمع توصيات اللجان لتناقشها أخيرا اللجنة المالية وترفع قرارها. وبذلك، يتسنى للنواب عبر كتلهم النيابية ولجانهم الدائمة تقديم مطالب مناطقهم ورؤاهم الاستراتيجية ضمن اللجان التي تناقش الموازنة.
رابعا: توسيع عدد أعضاء اللجنة الدائمة الواحدة، بحيث يضم على الأقل ممثلين اثنين عن كل كتلة وممثلين اثنين عن المستقلين الذين يعاملون ككتلة لهذا الغرض، وبهذا يتاح لجميع الكتل البرلمانية التأثير في الموازنة عبر ممثليهم في اللجان، وبذلك يسترد المجلس قوته المفقودة وقدرته على التأثير في خطط الحكومة المالية، وهي أهم دور يمكن أن يقوم به النائب، في ظل غياب إمكانية تشكل حكومات برلمانية أو كتل حزبية في القريب العاجل، وبذلك يستعيد المجلس تأثيره في حياة الناس ومعيشتهم وخدماتهم .
خامسا: إعادة السلطة لمجلس الأمة في إقرار أو رفض الاتفاقيات الدولية والقروض المحلية والدولية التي تقدم الحكومة عليها كل حين معرضة مصالح الأمة وأجيال المستقبل للخطر.
أما فيما يتعلق بالإيرادات التي يسعى الرئيس وأي رئيس مكانه جاهدا لتعظيمها، فأقدم هذه الاقتراحات بعيدا عن الطريق الذي سلكه هذا الرئيس وهو رفع الضرائب والرسوم وبدلات الخدمة والغرامات .
أولا: استثمار ثرواتنا المعدنية المهملة من نحاس وذهب ومنغنير وحجر جيري وطباشير وبازلت ورخام ورمل زجاجي وغيرها من خامات لم نعدن منها سوى البوتاس والفوسفات وأملاح البحر الميت.
أيها الزملاء إننا نبيع حاليا طن الرمل الزجاجي من ارض معان الأبية بسبعة دنانير، في حين أننا لو صنعناه لبعنا الكيلو الواحد بألفي دينار.
أيها الزملاء لدينا نحاس في ضانا يقدر مخزونه بثمانية مليارات دينار، ومع ذلك فإننا نجد أن المحافظة على السلاحف والغزلان أهم من إنقاذ ميزانيتنا من ورطتها الأبدية.
أيها الزملاء، لدينا غاز طبيعي في الريشة وشرق الصفاوي ونفط خفيف وثقيل في الازرق والسرحان والبحر الميت والمرتفعات الشمالية، وصخر زيتي يملأ أراض المملكة بالأخص الجنوب، ومع ذلك، فإننا كالعيس في البيداء يقتلها الظما والماء فوق ظهورها محمول.
إنني أدعو هذه الحكومة إلى تسويق مناطقنا الجيولوجية بما تضمه من ثروات، وأدعوها الى رصد مخصصات في الموازنة للتنقيب عن النفط والغاز بسواعد وعقول اردنية، والاعلان عن شراكات مع القطاع الخاص نملك فيها الموارد ونقدم جزءا من رأس المال ونستعين بخبرات القطاع الخاص في الادارة وتقاسم شطر من الارباح ، كي نرفد الخزينة بمصادر للايرادات من مشاريع منتجة ومن غير جيوب الفقراء والمسحوقين.
ثانيا: إنني أدعو الى أن تؤسس الحكومة شركات مساهمة عامة بعدما تجهز دراسات علمية وتسويقية ودراسات جدوى في قطاعي الصناعات المتقدمة وتكنولوجيا المعلومات، وتفتحها للاكتتاب، فوطننا أولى بهذه الاستثمارات المهاجرة من سوق دبي المالي الذي يستثمر فيه الاردنيون 24 مليار درهم.
ثالثا: إنني أدعو الحكومة الى تحويل رأس المال البشري الى مورد مالي عبر تجويد التعليم والتعليم العالي وخفض رسوم الجامعات وتطوير التعليم التقني. وأدعوها الى رفع موازنة صندوق الطالب الجامعي الى 150 مليون دينار تمنح فيها المساعدات المالية للطلبة المتفوقين والطلبة المحتاجين من الطبقتين المتوسطة والفقيرة سواء بسواء، واعفاء الجامعات الرسمية من ديونها، واعادة احتساب الرسوم بما يتلاءم مع كلفة دراسة الطالب الجامعي والغاء البرنامج الموازي واعتماد التنافسية أساسا للقبول، وتنشيط التنافسية بين الجامعات الخاصة والرسمية واعتماد منح وبعثات للجامعات الأهلية وايجاد تصنيف محلي للجامعات لتنمية القطاع ورفع القيمة المضافة وتشغيل الأكاديميين والاداريين واستيعاب الطلبة بدلا من ارسالهم الى كل أمم الارض حيث لا رقابة ولا اشراف، ولا حتى تعليم في كثير من الحالات، وحيث يقعون فريسة للجريمة والمخدرات والارهاب.
وإنني أدعوها الى تصنيف المدارس الحكومية والخاصة، وانشاء هيئة اعتماد وجودة للمدارس، وتأهيل المعلمين واعادة العمل بدبلوم التأهيل التربوي لغير خريجي كليات التربية أو اعتماد ساعات لا تقل عن ثماني عشرة ساعة ضمن مساقات البكالوريوس في التخصصات المختلفة لمن يرغبون في مزاولة مهنة التدريس، وإعادة بناء المناهج والامتحانات لتشجيع مهارات التفكير العليا وحل المشكلات، وتأهيل المدارس والغرف الصفية، وضبط رسوم المدارس الخاصة.
رابعا: أدعو الحكومة إلى اعادة النظر في سياساتها في التأمين الصحي واعتماد التأمين الصحي الشامل بديلا عن الاعفاءات التي تتجاوز 150 مليون دينار كل عام، والتي يضطر فيها المواطن الى اهدار كرامته على أبواب المسؤولين، والتي باتت بحد ذاتها بابا من أبواب التنفيعات.
خامسا: ادعو الحكومة الى خفض كلف النقل العام، وتوفير بدائل فعالة كالباصات السريعة والقطارات، وأثمن ما تقوم به من جهد في الاونة الاخيرة لاحياء الربط السككي مع العربية السعودية.
سادسا: ادعو الحكومة الى مراجعة خطتها في قطاع الطاقة المتجددة ليصل اعتمادنا على طاقة الشمس والرياح واعادة تكرير النفايات الصلبة والطاقة الجوفية الحرارية الى 25% بحلول العام 2020.
سابعا: ادعوها الى رفع الرواتب للعاملين والمتقاعدين ورفع الحد الادنى للاجور وتحفيز القطاع الخاص عبر اعفاءات ضريبية لرفع مداخيل العاملين فيه كذلك، وهو ما سيؤدي الى ضخ سيولة في السوق ورفع القدرة الشرائية للمواطنين وزيادة الطلب على السلع والخدمات، ومن ثم زيادة إنتاجها وتسويقها، وتحريك عجلة الاقتصاد الراكدة منذ ست سنوات.
ثامنا: ادعوها الى مراجعة معادلة التشغيل بين الجهاز المدني والعسكري، فقد اضطر الجهاز العسكري الى استيعاب العمالة حين اغلقت الحكومة التعيينات في الجهاز المدني، وهذا خلل كبير، فالتعيينات في بعض القطاعات المدنية حيوية جدا ويجب الاستمرار فيها لأنها تقدم خدمة ثمينة للمواطنين وترتبط بإنتاجية الخدمات الحكومية مثل الصحة والتربية والتنمية الاجتماعية.
تاسعا: أدعوها الى جذب الاستثمار المحلي والعربي والاجنبي، وأحذر من أن الاستثمارات في قطاع الانشاءات والاسكان قد تراجعت، وانخفضت المساحات المرخصة للبناء والتسهيلات الائتمانية الممنوحة للقطاع، بعدما غادر الكثيرون الى دبي وتركيا ومصر وكردستان وقرغيزستان، وكذلك الصناعة، فقد اغلقت مئات المنشآت، وتدنى رأس المال المستثمر في الصناعة وسرحت العمالة، ومثلها التجارة ، حيث انخفضت صادراتنا مع سوريا الى النصف ومع العراق الى الثلث تقريبا خلال عامين. حتى القيمة السوقية لبورصة عمان انخفضت، ومستوى الرقم القياسي لأسعار الأسهم انخفض بدوره، وصافي استثمارات غير الاردنيين انخفضت كذلك، كما انخفضت التسهيلات الائتمانية الممنوحة لقطاعات الصناعة والنقل والانشاءات، في حين ارتفعت التسهيلات الممنوحة للأفراد لغايات استهلاكية، وأنا هنا أحذر من أن الكثيرين منهم سيعجزون عن السداد، وسترتفع حصيلة المطلوبين للتنفيذ القضائي التي وصلت الى ارقام فلكية تهدد الأمن الاجتماعي والاقتصادي للأسرة.
عاشرا: أطالب بموازنات فئوية وقطاعية مستجيبة للنوع الاجتماعي، نتمكن فيها من تحديد حصة المرأة والشباب والاطفال وذوي الاعاقات والفقراء من النفقات العامة كي يتسنى لنا النهوض بواقع هذه الفئات المهمشة والمحرومة.
حادي عشر: أطالب أمانة عمان بإزالة كل المطبات غير المعيارية المخالفة للمواصفات، والتي تسهم في تكسير السيارات ونحن بلد مستورد لقطع الغيار وغير مصنع لها، وأطالبها بإزالة الكثير من لافتات السرعة غير المنطقية الموضوعة على بعض الطرق للجباية فقط وليس حرصا على السلامة، فلا يعقل ان توجد لافتتان بينهما امتار تنخفض فيها السرعة عشرين كيلومترا في الساعة وتوضع الكاميرا او دورية الشرطة بعد اللافتة الثانية. يكفي المواطن همه، فلا تزيدوا تلك الهموم.
وأخيرا، فإن أجندتنا الوحيدة هي أجندة الوطن والاسرة الاردنية، فإن كانت هذه تهمتنا، فنعم التهمة هي، وإن كانت أصواتنا التي تطالب بإغاثة الاردنيين نشازا، فحبذا لو تعزف كل الحناجر تلك النغمات النشاز.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته