فيما مضى كنت أحب ألعاب الذكاء الإستراتيجية والتي كانت مصممة بشكل معقد وتحتاج الى أن تمارس الذكاء والدهاء لحلها ومواصلة اللعب ، تلك الألعاب كانت تجذبني نوعاً ما لأنني بعد أن أصل الى حلها كنت أشعر بفرحة المغرور المتباهي بذكائه ، ولكنني بعد مدة أيقنت أنني كنت أضيع وقتي ومجهودي الفكري بلا فائدة ، وذلك لأنني أستخدم عقلي في حل الطلاسم التي سبق وأن خطط لها المصمم والذي كان ينوي قاصداً متقصداً أن يرهق عقلي لإرضاء غروري .
في السياسة الأمور لا تختلف كثيراً ، فكل متابع لها يعلم – كما أعلم – أنها لعبة الأذكياء وأن طلاسيمها التي أجهد نفسي في فهمها أو محاولة فهمها هي خطة مرسومة بعناية لنفس السبب وهي ارهاق تفكيري وإضاعة مجهودي دون فائدة .
داعش التي لا أكاد اعلم عنها سوى ما تكتبه الصحف الملعونة او لنسميهم تجار الكلمات أشعلت الشرق الأوسط وأوروبا والعالم أجمعه وأرقت نومه ويومه ، وفي تفكيري المحدود أعلم أن الكثرة تغلب الشجاعة ، فكيف تكون مجموعة إرهابية وصغيرة نسبية بهذه القوة والتكتيك حتى ترهق جيوش وطائرات العالم بأسره ؟؟ ، ولماذا أثارت ضجة إعلامية عربية وغربية بشكل مبالغ جداً فيه ، حتى أنني (في سذاجة تفكيري) قلت في قرارة نفسي ” لو أنهم أعطوا مصاريف الضجة الإعلامية لداعش كان استسلم لحالو”
اميركا التي تحكم العالم استطاع فرد واحد أن ينفذ هجمات 11 سيتمبر في عقر دارها ، بل في عقر وزارة دفاعها المرهوبة الجانب عالمياً !! هل هذا معقول؟
وفرنسا احدى أكبر دول الإتحاد الأوروبي استطاعت (مليشيا) أن تنفذ هجمات في عقر دارها أيضاً
، ما يحدث من مجريات سياسية يشبه الى حد كبير ألعاب الذكاء الإستراتيجية التي تحتاج الى الكثير من الجهد العقلي للتفكير بها ، والقليل من المنطقية لحلها ، لن أجهد نفسي بالتفكير كثيراً ، ولكن من السهل التحدث بمنطقية حول ما يحدث .
11 سيتمبر في عام 2001 سواء كان مدبراً حسب ما أشيع وتم تداوله من بعض الصحفيين والباحثين السياسين أم لا فقد كان نقطة تحول في السياسة الأمريكية حيث أنها أعلنت الحرب على الإرهاب الذي لم أزل لا أفهم مدى المسمى أو شموليته ، والذي بدوره كان ذريعة أميركا للتدخل في العالم بشكل عام وبالشرق الأوسط بشكل خاص وفي العراق وليبيا وسوريا بخصوص أكبر ، ولم يتضح بعد إن كانت هجمات باريس سوف تكون ذريعة أخرى للغرب لتدخل بيوتنا من الباب الأمامي وتحمينا من أنفسنا؟
هجمات باريس لها كثير من المعطيات وكثير من الإستنتاجات ، فهي أولاً بزخمها الإعلامي سوف تنال التأييد الشعبي لما تقوم به فرنسا من دور كبير والتدخل في سوريا والشرق الأوسط ، أما تالياً فهي وبعد أن وجدوا صدفة جواز سفر سوري لم يحترق ولم يتأثر بإنفجار حامله – سبحان الله – الذي قام بالعملية الإنتحارية ستكون الذريعة للتخلي عن اللاجئين السوريين وعدم استقبال المزيد منهم وقد تصل الأمور الى طرد الموجودين لديهم والذين بدورهم كانوا سبب الكساد والفساد والأزمة الإقتصادية الجديدة الأوروبية بل والعالمية بأن لم تستطع الدول الكبرى بفخامتها وثروتها أن تتحمل بضع آلاف من الشعوب التي تآمرت عليهم وزرعت بينهم الأزمات والمليشيات وفرقت بين قلوبهم بالعنصرية والطائفية .
هولاند الذي تفاجئ بالهجمات الإرهابية اعلن بصورة منسقة إخبارياً أن فرنسا سوف تستمر في حربها على الإرهاب وأنها سوف تحاربه في عقر داره ، ثم تبعت كلماته طلعات مكثفة في الرقة السورية ، ثم أتى مطالباً بتغييرات دستورية حتى يتسنى له محاربة الإرهاب بحرية أكبر معللاً السبب أن الأساليب القديمة غير مجدية .
في النهاية لست ممن ينظرون الى الأمور السياسية بعين ” نظرية المؤامرة ” لكننى مجرد هاوي لألعاب الفيديو الإستراتيجية التي تحتاج للكثير من التفكير والقليل من المنطقية.