التكنولوجيا كأيدلوجيا..هل ذوبت العولمة سيادة الدول النامية..وكيف؟

التكنولوجيا كأيدلوجيا..هل ذوبت العولمة سيادة الدول النامية..وكيف؟
ا.د حسين محادين

“من وحي التجاذبات/الصراعات الاعلامية المتبادلة بين الحكومة والمعارضين- قراءة تحليلية “.

(1)
منذ تسعنيات القرن الماضي، ومع بداية ضمور الاتحاد السوفيتي السابق وظهور العولمة بقيادتها الغربية وتحديدا برئاسة امريكا الى حد ان وصف بعض العلماء العولمة بالأمركة.
(2)
مع ظهور العولمة وتسيدها كقطب وحيد القرن والعملة”الدولار”في قيادة العالم ؛ لذا اخذت الحدود التقليدية لدول العالم بصيغتها الأرضية تاريخيا في الضمور والمقصود هنا هو ” تمكن الدول من سيادة قوانينها الملزمة فوق اراضيها وعلى مواطنيها، والتي اخذت في التلاشي والذوبان بالتدريج جراء سيادة العولمة” وبمعنى موازِ هو الضمور الفعلي لسيادة الدولة القطرية تاريخيا ،الامر الذي سمح بعدها بالتدفق الحر لكل من:-
السلع والخدمات والافكار، وبث الحريات الفردية والمجموعاتية في النقد لاوضاع وانظمة الحكم القاهرة في الدول النامية، خصوصا وان هذه الحريات بما فيها التنقل وحقوق المواطنة و وحق التمتع بالحصول على اكثر من جنسية للمواطنيين في العالم الجديد حينها والآخذ في التعولم، حيث تم حماية مثل هذه الحقوق المستجدة الحضور وسعة التطبيق لها من خلال الشرعية والقوانين والاتفاقيات الدولية مثل؛حقوق الانسان من الجنسين، الأمن الانساني،جرائم الحرب، الشفافية والحوكمة، حق الحصول وتدوال المعلومات، اتفاقية المناخ، اتفاقية سيداو..الخ..حيث تم ربط مدى التزام الدول النامية بتنفيذ بنودها في موضوعات وحجم المساعدات المالية المقدمة لها عبر المنظمات الدولية والدول القائدة للعولمة؛ خصوصا هذه المواثيق الدولية والعابرة لسيادة الدول الاقليمية قد وقعت عليها معظم دول العالم لاسيما النامية منها، كجزء من سعيها للتكيف مع سيادة النموذج الغربي في الحياة الآخذة في التعولم.
(4)
وبناء على ماسبق، استندت الدول التي قادت العولمة في سرعة بثها لنماذج وافكار عولماتها المتعددة”
الاقتصادية،الثقافية،الاجتماعية ..الخ” على التكنولوجيا وما توفره من تفاعل مباشر بين الناس متجاوزة لعقدة وبعد الجغرافيا بين الافراد والشعوب،او حتى اختلاف اللغات بين المتحاورين من خلال ما وفرته التكنولوجيا من ترجمة فورية بين المتفاعلين عموما واسقطت بذلك مفهوم من داخل الوطن او من خارجه اذ اصبحت الكرة الارضية والحدود القديمة بين البلدان تتمتع بنفس السهولة والسرعة في الذوبان والاتصال ، ومن هنا يمكن ان ندرك كيف ؛ولماذا عملت شركات التكنولوجيا المعولمة على انتاج ادوات التواصل الاجتماعي بمضامينها السياسية ايضا، وفي الذروة التأثيرية فينا كأفراد ومجموعات من الدول النامية عبر ما اسميه بثقافة الصورة البصرية “الفيديوهات، المسلسلات، الفوتوشوب..الخ” علما بأن ما يقارب من80%من معارفنا كبشر نتشربها عبر حاسة البصر وهنا مكمن التجلي في العلم وتوظيفه في العمل على بث وعولمة النموذج الغربي كأيدلوجيا نحونا كمجتمعات مغلوبة حضاريا والقائلة بانتقال الانسان من كائن ارضي كما الدول قبل العولمة الى الانسان الكوني العامل في الارض والنازع نحو ترويض الفضاء بالعلم والحريات الفردية.
(5)
اخيرا..
1- علينا الاعتراف؛ فكرا واعلاما، وسياسات كدول نامية ومنها الاردن ان حدود وخطاب الداخل والخارج التقليدية قد تلاشت بعد ان انتقل الصراع الفكري والسياسي بين الحكومات والمعارضين لها من حدود الارض جغرافيا ،اي ما كان يُعرف بسيادة الدولة التقليدية الى حدود الفضاء والتكنولوجيا وبتحدد علمي وعملي أدق، من خلال قدرة ونجاح كل من الحكومات ومعارضيها في توظيف التكنولوجيا”ثقافة الصورة/الفيديوهات الحيّة ترابطا مع عمق المحتوى الاعلامي المقنع للجمهور الاردني القلق اصلا” واستمالة المواطنيين المتفاعلين لحظياً وهم الأساس في ترجيح ميلهم للاقناع بأطروحات اي منهما ، و بالتالي فأن النجاح في استخدام الحجة والذكاء النفسي والسياسي اثناء بث افكار واطروحات كل من المتنافسيّن، المدعمة بالوثائق والعرض الجيد لافكار اي منهما لهو العنصر الاساس في تعديل اتجاهات المواطنيين نحو اي من الخطابين سيتبنى ، ولنتذكر بأن العرض الجيد لأي موقف او فكرة سياسية او اقتصادية هو نصف الطريق لكسب الجمهور/المواطن الاردني المتلقي لهذه الاطروحة او تلك.
2- ان التكنولوجيا واداتها التواصلية هي حامل ومحمول، إذ تمنح المعارضة والمولاة على حد سواء نفس الفرصة في بث ما يريدون، ولكن الحد الفيصل بين النجاح او الاخفاق في كسب ميل المواطنيين المتلقين لما يوجه اليهم خصوصا وقت الازمات وسيادة الغموض المعرفي في الراهن والقادم في مستقبل الايام؛ هو محتوى وشكل وشخصية القائمين على الرسالة الثقافية السياسية، ان كانوا مقنعين ام غير واثقين بانفسهم عند بثهم لرسالة ما من قِبل اي منهما.
فماذا نحن فاعلون كمواطبيين مستهدفين؟.
*عميد كلية العلوم الاجتماعية-جامعة مؤتة.
*عضو مجلس محافظة الكرك”اللامركزية “.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى