التصفيق والتصفير للبطل الأمريكي

#التصفيق والتصفير للبطل الأمريكي / #كامل #النصيرات

أحكي لكم من الذاكرة ..هَنْدزت حالي ..ولبست إللي على حبل جسمي ؛ هُمّا هُمَّا..وقلت يا الله …وين يا جدعان ..وين يا غيرانين مني ..وين يا عوازال ..؟؟ وين وين ..؟؟ أكيد مش عَ العين ..لأني عندما ألبس وأتهندز ..وأستعير كندرة واحد من الشباب ..المشوار بكون مهم ..وهو كذلك ..مهم حقا ..فأنا سوف أذهب لوحدي على السينما ..ودون حسيب أو رقيب ..كان عمري خمس عشرة ..!! يا الله ..
ستة أفلام بنص ليرة ..يعني عرض متواصل ..ما زلتُ أذكر أحد الأفلام كالحلم ..فيلم أمريكي حربي..كلّو خلعات وبكوس وكفوف ..الفيلم مليان فشك ..ومليان جثث ..ومليان ليل ..كان الفيتناميون مْشَنعين بأبو إللي جاب الأمريكان ( هيك كان بالفيلم الأمريكي )..وكلما ظهر بطل الفيلم الأمريكي ..تقوم السينما وما تقعد من التصفيق والتصفير وألفاظ تجرح الأذن ..!!..هل فهمتم ماذا أحكي ..استوعبتم الموقف جيّداً ..؟؟ أُعيد مرّة أخرى ..وركزوا شوية .. البطل الأمريكي يقتل الفيتناميين عن جنب وطرف ..ونحن نصفق له ونصفِّر ..!!
رائحة السينما أكثر من كريهة ..ريحة رجلين وجرابين ..ريحة بني آدمين من خمسة شهور مش متحممين ..ريحة عرق وعرق ..ريحة آغو ..ريحة كل شيء عفن .. إلا رائحة الوجع العربي ..غابت عن هذا المكان ..!!
وكبرتُ ..وكبر معي تشتّتي ..فهمتُ كل شيء ..وبقيت نقطة عالقة في دماغي …كيف نسب ونشتم أمريكا على مدار الساعة ومدار النَّفَس ..وما زلنا ندخل السينما ونصفق ونصفِّر للبطل الأمريكي ..؟؟!!..ولكن بعد أن رأيت كيف صرنا نُهتك بدلع في الشوارع ..وكيف نجوع بوعي في كل الفضائيات …وكيف امتلكنا سريراً متحركاً ..على مقاس كل الأمكنة ..إلاّ مكان السرير الحقيقي وهو غرفة النوم ..!! وسنبقى هكذا ..حتى نترك عادة الاعتقاد بأننا أبطال.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى