نشرت صحيفة “ديلي تلغراف” تقريرا أعدته مراسلتها جوسي إنسور، تقول فيه إن البريطانية سالي جونز، المطلوبة رقم واحد عالميا، تقوم بإعداد جيش من المقاتلات لتنفيذ عمليات في الغرب.
وتقول الكاتبة: “لأكثر من عامين، ظلت الجهادية البريطانية الهاربة سالي جونز من أكثر الإرهابيات المطلوبات عالميا، فمنذ هروبها من (مقاطعة) كينت، للزواج من المقاتل في تنظيم الدولة من بيرمنغهام جنيد حسين، ظلت رسائل قليلة عبر وسائل التواصل الاجتماعي الدليل على حياتها في (خلافة) التنظيم الإرهابي”.
ويشير التقرير إلى أن الصحيفة استطاعت جمع خيوط حياة جونز وتحركاتها، وحياة ابنها البالغ من العمر “جوجو” ديكسون، من خلال معلومات من الناشطين في سوريا، ومنشقين هاربين إلى جنوب تركيا.
وتذكر الصحيفة أن سالي الأم، التي تعيل طفلين، وتعتمد على المساعدة الاجتماعية من الحكومة، بدأت تشعر بعدم الرضا عن حياتها، وعندما اتصلت عبر الإنترنت مع المقرصن جنيد حسن، البالغ من العمر 19 عاما، انجذبت إليه، خاصة أنهما تحدثا معا عن حياتهما في إنجلترا، والإسلام، والحرب في سوريا، وأخبر حسين جونز أنه يريد السفر والانضمام إلى تنظيم الدولة، وشجعها على الانضمام إليه.
وتورد إنسور أن وثائق مسربة تظهر الكيفية التي انطلق فيها جنيد حسين في تموز/ يوليو 2013 إلى سوريا من تركيا، حيث مر على بلدة جرابلس، ومنها إلى الرقة، وهي العاصمة الفعلية للتنظيم، وتبعت جونز جنيد بعد ستة أشهر، مستغلة عطلة المدرسة في أعياد الميلاد، وبعد عيد ميلاد جوي التاسع، وقرر ابنها الأكبر، وعمره 19 عاما، البقاء في بريطانيا مع صديقته، مشيرة إلى أن جنيد تزوج من سالي بعد أيام من وصولها إلى سوريا، وحضر حفلة زواجهما عدد صغير من الشهود في منطقة إدلب في شمال سوريا، واعتنقت سالي الإسلام، وغيرت اسمها إلى سكينة حسينة، وغيرت اسم ابنها من جوي إلى حمزة.
ويفيد التقرير بأن الزوجين، المتزوجين حديثا، تفرقا عندما وصلا إلى الرقة، حيث ذهب جنيد إلى الريف للتدريب، فيما نقلت سالي إلى معسكر الطلعة الواقع جنوب غرب المدينة، وقضت فيها ستة أسابيع من أجل فحص ولائها للتنظيم، وتلقت دروسا شرعية، بحسب عضو في المجموعة التي توثق حالة الرقة تحت حكم تنظيم الدولة “الرقة تذبح بصمت”، التي تعمل بالسر داخل المدينة، ولديها عملاء ومخبرون يسجلون ما يسمعونه من أحداث، لافتا إلى أنه بعد أسابيع تزوج حسين من ثانية، وهذه المرة من فتاة سورية عمرها 23 عاما من الرقة، ويعتقد أن سالي والزوجة الثانية عاشتا في البناية ذاتها الواقعة في شارع النور في وسط الرقة.
وتنقل الصحيفة عن ناشط، قوله إنه شارع النور من الأحياء الثرية في المدينة، وأضاف أن “المقاتلين في صفوف التنظيم كلهم تزوجوا من ثانية، وبالنسبة لجنيد فلم تكن الثانية فتاة أزيدية تم استرقاقها، بل كانت فتاة من المدنية كما طلب”، مشيرة إلى أنه لا يعرف كيف كان شعور سالي جونز من مشاركة أخرى بزوجها، إلا أن الرسائل التي أرسلت عبر “تويتر” في ذلك الوقت، تظهر أنها ظلت ملتزمة بزواجها منه.
وتلفت الكاتبة إلى أن سالي تحدثت، مستخدمة كنية أم حسين البريطانية، عن الحياة الجميلة التي عاشتها في دولة “الخلافة”، وشجعت في مراسلاتها على وسائل التواصل الاجتماعي الأتباع والمؤيدين بالقيام بهجمات ضد الغرب، ودافعت عن قتل الرهائن الأجانب، قائلة إنها ستفعل الأمر ذاته، ويعتقد أنها ساهمت في تجنيد العشرات للتنظيم قبل أن يتم إغلاق حسابها على “تويتر”.
وينوه التقرير إلى أنه لا يعرف عن مكان وجود سالي الكثير، إلا أن هناك رواية تحدثت عن انتقالها إلى الموصل في العراق، مستدركا بأن الناشطين يرون أنها محاولة لتجنب الملاحقة الأمنية، حيث تقول الرواية إنها سافرت في أيار/ مايو العام الماضي مع حسين إلى الموصل، ويعرف الجميع أن جنيد حسين ذهب هناك بناء على طلب مسؤول كبير في التنظيم؛ “لنصب نظام رادار”.
وبحسب الصحيفة، فإن حسين صعد في سلم التنظيم بسبب قدراته التكنولوجية، ومعرفته بالحاسوب، ويشك بأنه يقف وراء عمليات قرصنة كبرى قام بها التنظيم على الإنترنت؛ لتجنيد المؤيدين في الغرب، ودفعهم للقيام بعمليات إرهابية، لافتة إلى أن الولايات المتحدة وضعته على رأس قائمة المطلوبين، بعد زعيم التنظيم أبي بكر البغدادي، والجهادي جون محمد إموازي.
وتقول إنسور إن “الولايات المتحدة لاحقت حركات حسين، وقتلته في آب/ أغسطس 2015 بواسطة طائرة دون طيار، بإطلاق صاروخ على مركبته، وكان مقتله خسارة فادحة للتنظيم، وخسارة أكبر لسالي جونز، وفي الوقت الذي تزوجت فيه الزوجة الثانية من جديد، إلا أن سالي، البالغ عمرها 47 عاما، لم تفعل ذلك”.
ويعلق الناشط قائلا للصحيفة: “لم تتزوج أم حسين مرة ثانية؛ نظرا لكونها كبيرة في العمر، ويفضل مقاتلو التنظيم الشابات الصغيرات”، ويقال إنها انتقلت مع ابنها جوي إلى شقة جديدة في حي الثكنة، حيث تشترك في البناية مع عائلات المقاتلين الفرنسيين والأوزبك.
ويذكر التقرير أنه بعد وفاة حسين، عينت سالي مسؤولة عن تدريب الفتيات الأوروبيات “المهاجرات”، وعينت لقيادة الفرع النسوي من كتيبة أنور العولقي، وهي وحدة أنشأها زوجها الراحل جنيد، وتتكون من مقاتلين أجانب، وكان الغرض منها التخطيط، وتنفيذ هجمات في الغرب، وسميت الكتيبة على اسم الناشط اليمني الأمريكي، الذي قتلته طائرة دون طيار عام 2011، مشيرا إلى أن سالي درست النساء كيفية استخدام الأسلحة، والقتال، والقيام بعمليات انتحارية ضد أهداف غربية، ويقال إن جونز تلقت راتبا شهريا، حوالي 700 دولار، بالإضافة إلى علاوة 300 دولار شهريا< لكونها أرملة "شهيد" معروف، وبحسب الناشط فقد أصبحت "عنيفة بشكل شديد" منذ وفاة حسين، الأمر الذي زاد من كراهيتها للغرب. وتورد الصحيفة نقلا عن منشق عن تنظيم الدولة، عرف عن نفسه بأبي عبد الرحمن، ويقيم في مدينة غازي عينتاب في جنوب تركيا، تأكيده الدور الجديد الذي باتت تؤديه سالي في التنظيم، وقال: "يحترمها تنظيم الدولة؛ لكونها أرملة جنيد، الذي كان مهما جدا له"، وأضاف: "يريدون إرسال رسائل لمقاتليهم المهمين بأنهم يحترمون عائلاتهم، ويضمنون لها حياة جديدة بعد وفاتهم"، وتابع قائلا: "أم حسين مهمة بذاتها، فقد كانت السبب الذي ساعد التنظيم على تجنيد الكثير من الفتيات إلى الرقة، فليس من السهل إقناع فتاة مسيحية تحب موسيقى الروك بالتحول للتطرف". وتبين الكاتبة أن سالي هي الوحيدة، على ما يعتقد، التي تولت منصبا قياديا داخل التنظيم إلى جانب أم سياف، وهي زوجة وزير المالية في التنظيم، لافتة إلى قول خبير مكافحة الإرهاب ومستشار أعضاء الكونغرس مايكل أس سميث الثاني، الذي يعد كتابا حول العمليات الخارجية لتنظيم الدولة، إنه يعتقد أن سالي جونز لم تكن مجرد زوجة جهادي. وينقل التقرير عن الخبير قوله: "في بداية هذا العام، لمّحت سالي جونز لي (عبر مواقع التواصل الاجتماعي) أنها ربما قامت بتدريب الفتيات الإرهابيات؛ لنشرهن في الغرب، وتنفيذ هجمات هناك، وليس غريبا أن يقوم التنظيم بتربية الفتيات الإرهابيات"، وأضاف أن "نشر المقاتلات والانتحاريات، خاصة النساء اللاتي قتل أزواجهن في ساحات القتال، أصبح أمرا شائعا بعدما نظم أبو مصعب الزرقاوي الجماعة التي تعرف اليوم بتنظيم الدولة". وتشير الصحيفة إلى إحباط الشرطة الفرنسية يوم الأحد الماضي هجوما على مركز باري، الذي قالت إنه خططت له أول خلية نسوية تابعة لتنظيم الدولة، واعتقلت الشركة ثلاث نساء بقيادة إنصاف مداني (19 عاما)، بعدما عثر على سيارة متروكة ومليئة بعبوات الغاز قرب كاتدرائية نورتردام، وحاولت مداني السفر عدة مرات إلى سوريا، إلا أن المخابرات الفرنسية منعتها، لافتة إلى أنه لا يعرف إن كانت هناك صلة مباشرة بين الخلية وسالي جونز، إلا أن النائب العام فرانسوا مولين قال إن الخلية تلقت إرشادات من عناصر في تنظيم الدولة، وتظهر أنه يرغب بتحويل النساء إلى مقاتلات. وتبين إنسور أنه بالإضافة إلى الدور الذي تؤديه سالي جونز في الفرع النسائي، فإنها قامت بتسجيل ابنها في معسكر "أشبال الخلافة"، القريب من قرية الطبقة، غرب الرقة، ويعتقد أنه انضم للمعسكر عندما بلغ عمره الحادية عشرة، حيث يدرس الأشبال اللغات العربية والفرنسية والإنجليزية، والشريعة، ويتم تدريبهم على استخدام الأسلحة. وبحسب التقرير، فإن الناشطين من الرقة يعتقدون أن هناك حوالي 15 طفلا بريطانيا يدرسون في معسكر "أشبال الخلافة"، ويقول ناشط: "يدرسون أكاذيب، ويشاهدون صورا مزيفة عن المذابح، التي يقولون إن الغرب ارتكبها ضد المسلمين، وبانتهائهم من الدراسة تكون أدمغتهم قد غسلت"، مشيرا إلى أن أحد الأطفال البريطانيين ظهر في شريط دعائي لتنظيم الدولة، وبدا الولد الذي ارتدى زيا عسكريا يحمل مسدسا، ويقف خلف سجين راكع ويرتدي زيا برتقاليا قبل إطلاق النار عليه، ويعلق الناشط قائلا إن "تنظيم الدولة يريد شخصا بريطانيا شهيرا لتقوية مصداقيته، خاصة بعد مقتل إموازي". وتنقل الصحيفة عن ناشطين قولهم إن هناك ما بين ثلاثة آلاف إلى 3500 مقاتل تابع للتنظيم لا يزالون في الرقة، التي يعيش فيها 300 ألف نسمة، منهم 1200 من غير السوريين، وما بين 400 إلى 500 من الأجانب، حيث قام المقاتلون بنقل عائلاتهم إلى المناطق الريفية، بانتظار العملية العسكرية التي يخطط الغرب من خلالها لاستعادة المدنية. وتختم "ديلي تلغراف" تقريرها بالإشارة إلى قول الناشط: "لا أظن أنهم سيقاتلون دفاعا عنها، فهي مهمة من الناحية الإعلامية، ومدن مثل دير الزور والبوكمال أهم لهم" . التقرير ترجمة موقع "عربي 21"