#اقتصاد #الثراء_الفاحش: حين يصبح #المواطن متفرجًا على #مسرحية #العبث_الإداري
بقلم : ا . د .محمد تركي بني سلامة
“يبدو أننا في #الأردن قد دخلنا عصرًا جديدًا من العجائب الاقتصادية، حيث تتحول المناصب العليا إلى آبار نفط شخصية، يتدفق منها المال كأنه بلا قاع، ورئيس مجلس إدارة شركة يجلس على عرشٍ من ذهب، يتقاضى راتبًا يُمكن أن يُموّل مستشفى أو يُنقذ آلاف الأسر الفقيرة. لكن لا، لأن المنصب، كما يبدو، ليس لإدارة الشركة بل لإدارة الأرقام الفلكية في الحسابات البنكية!
ثلاثة ملايين دولار سنويًا؟! ما هذا؟ هل نحن أمام شخصية خرافية تُنقذ الاقتصاد الوطني؟ أم أن الرجل اكتشف حجر الفيلسوف ويحوّل خسائر الشركة إلى مكاسب شخصية؟! حتى الرئيس الأمريكي، الذي يدير أكبر اقتصاد في العالم، يبدو موظفًا صغيرًا أمام هذه العبقرية المالية الفذة.
أما أعضاء مجالس الإدارة، فهم بلا شك “الكهنة الجدد” لاقتصادنا، يتنقلون بين البنوك والشركات كما يتنقل الملوك بين القصور. يخفقون؟ لا مشكلة! يُعاد تدويرهم كوزراء أو أعضاء أعيان وكأن البلاد قد خلت من الكفاءات. فالفشل في بلادنا ليس سببًا للمحاسبة، بل شهادة خبرة تؤهلك للمزيد من الامتيازات.
ثم يأتي قانون “القمع الإلكتروني”، ليُضيف طبقة جديدة من الحماية لهؤلاء. فبدلًا من أن يُحاسبوا على هذه الامتيازات الخرافية، يُحاسب كل من يتجرأ على كشف المستور. نعم، في بلادنا أصبح الحديث عن الرواتب الفلكية جريمة، أما استنزاف الاقتصاد فهو “فن إداري راقٍ”.
والسؤال الحقيقي: أين هو جهاز الرقابة الذي من المفترض أن يحمي الشعب من هذا العبث؟ أم أنه مشغول في تدقيق دفاتر المزارعين الذين يبحثون عن لقمة العيش؟ هل من المعقول أن يُترك اقتصادنا رهينة بيد هؤلاء دون محاسبة حقيقية؟
بالمختصر، نحن أمام ملحمة اقتصادية ساخرة، حيث يُحتفل بالثراء الفاحش على حساب وطن يتأرجح بين الديون والفقر. أما المواطن، فهو مجرد متفرج في هذه المسرحية العبثية، يدفع الثمن دائمًا، بينما البقية يُصفقون لفصول جديدة من الانفصال عن الواقع!”