سواليف _ برغم دعوات سياسية ومدنية لإنهاء حملة الاعتقالات والملاحقات الأمنية والقضائية في حق الناشطين، والإفراج عن الموقوفين لصالح تهدئة الأوضاع وإشاعة مناخ للحوار والتوافق السياسي في البلاد، بعد تنصيب الرئيس الجزائري الجديد، عبد المجيد تبون، إلا أن السلطات باشرت حملة اعتقالات جديدة وعادت لاستهداف الناشطين.
“تحرر السلطة من عقدة الشرعية بعد الانتخابات الرئاسية يضعها في موقف قوة وليس موقف ضعف”
وألحقت السلطات الأمنية الفنان والممثل عبد القادر جريو، منذ صباح أمس، بقائمة الموقوفين بعد اعتقاله في مدينة وهران، قبيل بدء الجمعة 44 للحراك الشعبي. وستتم إحالته غدا الأحد، إلى محكمة وهران، من دون توضيح أسباب اعتقاله، لكن الأرجح أن الأمر يتعلق بمواقفه السياسية التي أعلن عنها، والتي تدعم الحراك وترفض الاعتراف بالانتخابات الرئاسية الأخيرة والتزام الرئيس الجديد، ودعوته للإفراج عن الناشطين الموقوفين.
ويعد جريو، وهو أستاذ جامعي في الوقت نفسه، أكثر الفنانين إنتاجا للبرامج الساخرة، خاصة البرنامجين السياسيين الساخرين “ناس سطح”، و”جرنان القوسطو”، اللذين كان ينتقد فيهما النظام السياسي للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
وقبل اعتقاله كان جريو قد اتهم، عبر صفحته على “فيسبوك”، السلطات بالسعي لاعتقاله والتربص به، بعدما كتب “أنا أنتمي إلى هذا الشعب، كان بامكاني أن أساند أي مترشح للرئاسيات وأتنعم بعد الانتخابات بما ترميه عليك السلطة، أنا ابن الشعب وسأبقى في صف الشعب، لم أقبل بمساومة السلطة في عهد بوتفليقة لما كان الجميع يصفق ويطبل كان هناك أحرار متشبثون بمواقفهم”.
وتابع “سأكون الجمعة في وهران لمساندة عائلة الفتاة التي تم قمعها من طرف بعض رجال الشرطة، لنبذ كل أشكال العنف، سواء من طرف السلطة أو من طرف بعض المتطرفين في الحراك الذين أيضا تمادوا في الإساءة لبعض الأشخاص، أو حتى لبعض أفراد الشرطة … سأكون في وهران وحدي وأعزل وأعلم أن هناك من يتربص بي ومن هو مأجور للقيام بذلك وأقسم بالله سوف أبقى وفيا لمبادئي حتى و لو كلفني ذلك حياتي”.
والخميس الماضي، قرر قاضي التحقيق لدى محكمة تلمسان غربي الجزائر، وضع الناشطة والطالبة الجامعية، نور الهدى عقادي، في الحبس المؤقت، بحسب اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين، ووجهت لها عدة تهم منها المساس بالوحدة الوطنية وإلحاق الضرر بمعنويات قوات الجيش، بسبب منشورات لها عبر “فيسبوك”.
ودانت محكمة سيدي امحمد، بالعاصمة الجزائرية، الشاب محمد تاجديت بـ18 شهرا نافذة، بتهمة المساس بالوحدة الوطنية، على خلفية نشره قصيدة شعرية تنتقد السلطة، وهو الحكم الذي استغربته هيئة الدفاع ولجنة الدفاع عن معتقلي الرأي.
ورفضت محكمة العاصمة الجزائرية طلب إفراج عن الناشطين سمير بلعربي وكريم طابو، المتهمين كذلك بتهديد الوحدة الوطنية وإهانة الجيش، وأرجأت النظر في ذلك إلى تاريخ 25 من الشهر الجاري، برغم أن آمالا كبيرة كانت معلقة على المحكمة لتتخذ قرارا يساهم في تهدئة الأوضاع في البلاد، ومساعدة الرئيس الجديد في فترته الأولى في الرئاسة.
وقبل ذلك كانت قوات الأمن الجزائرية قد اتخذت، الجمعة، تدابير الإغلاق على مداخل مدينة وهران غربي الجزائر، لمنع وصول متظاهرين من مناطق مختلفة لدعم الناشطين هناك، ومنعت عددا من النواب والناشطين من الدخول إلى المدينة، كما استعملت القمع في حق متظاهرين في منطقة تيارت غربي الجزائر.
وقال الناشط الحقوقي عبد الغني بادي لـ”العربي الجديد” إنه لم يكن متحمسا للاحتمالات والتقارير، التي تحدثت عن إمكانية إقدام السلطات على تدابير تهدئة أو الإفراج عن النشطاء الموقوفين، مشيرا إلى أنه يعتقد أن “الاعتقالات الأخيرة تعطي مؤشرا غير مطمئن على تمسك السلطة بخيار الملاحقة الأمنية ضد كل الناشطين”.
وتابع قائلا “لم يكن لدي أي أمل في أن تنحو السلطة إلى التهدئة أو الإفراج عن الموقوفين، لأن ذلك نوع من الرومانسية السياسية التي لا علاقة لها بالواقع وبمنطق السلطة”، مضيفا أن “تحرر السلطة من عقدة الشرعية، بعد الانتخابات الرئاسية، يضعها في موقف قوة وليس موقف ضعف اتجاه قضية الناشطين”. وتوقع أن تعمد السلطات إلى زيادة منسوب القمع والاعتقالات وليس العكس.
العربي الجديد