اخر الحلول
أحيانا يجد الأنسان نفسه في مساحات غير متوقعه ، أو أن يقوم بمهمات لم تكن بالحسبان ، وعلى الأغلب في مثل هذه الحالات تكون الفائدة للمستضعفين والفقراء والمهمشين ، هي إذن إرادة الله وحكمته في التوازن والعدل ونفاذ قدره بخيره وشره .
أمس في محكمة جنوب عمان ينجز القاضي المعاملة سريعا ، ولكن يتيه الملف على طاولة جانبية ، والمراجع يجلس ساعات في الانتظار ، ثمة عجوز معه خارج المحكمة ، وحاجات العجائز كثيرة ، ولكن القضاء مقدس ، وللقضاة احترامهم .
الجميع تقريبا يغادر ، والمراجع في الانتظار ، وعندما يطفح الكيل يستأذن المراجع القاضي بسؤال ، وللأمانة كانت ردة الفعل إيجابية ، والاستجابة سريعة ، ولكن الملف ضائع ، والوقت يدهم الجميع .
مرة أخرى يدخل ، ويصدم إذ يكتشف ملفه – وقد أنجز منذ زمن – على الطاولة المجاورة ، لم يلتفت إليه أحد، ساعات طويلة تبخرت كغيمة صيف ، وعذاب العجوز مجرد نكتة عابرة ، والملف هناك .
الساعي يعاني من ضغط في العمل ، اﻻمر عادي ، الملف يتيه ساعات أمر عادي ، ولكن غير العادي ان ينفعل القاضي بصورة مفاجئة لأن يقول المراجع : أنا ظلمت ، وقد ظلم .
مجرد الاعتراض على ساعات الانتظار جريمة ، ووقتها يهدد بالحبس . بالعقوبة المانعة للحرية .
لست انتقد أحدا ، ولا ألوم أحدا ، ولكني أسأل : هل يجوز للغضبان ان يصدر حكما ؟ ألا يفترض فيمن يجلس للقضاء او الأفتاء أن يكون ذا روية ؟ ثم ليسمح لي القارىء أن أضيف عبارة قديمة قرأتها في صدر مكتبة الجامعة الاردنية : اذا استخدم الإنسان اخر الحلول في أبسط المسائل فماذا يتبقى له في أصعبها.
لكل قضاة الاردن الاحترام ، ولجهودهم التقدير ، وللسعاة دعاء بزيادة العدد .