اجتماع مع الرئاسة
لو كانت السياسة تتحدد بالمعاملة الانسانية و اللياقة اللفظية و الانسياب الكلامي و اعلان حسن النوايا لكانت الثقة حتى من المعارضة أقرب الى حكومة الملقي بنسب عاليه ان لم يكن من باب الثقة فعلى الأقل من باب اعطاء الفرصةالا أن الثقة بالحكومة الحالية تأتي ضمن إرث ثقيل لنهج الحكومات الاردنية السابقة و الناظر الى تراكم الفشل في كثير من الملفات الاساسية الاقتصادية و المديونية المتراكمة و الافق المسدود و الذي تثبته بالاحصاءات المؤسسات و المقاييس الدولية لتقييم الاوضاع و المؤشرات و الملاءة المالية مثل Moodys و S & P و يظهران الأردن في حالة اقتصادية سيئة و غير قادر على الوفاء بالتزاماته، أما الملفات المستحدثة في التعليم و الخدمات، الطاقة خصوصا، أطلقت حالة من السخط الشعبي العام تبناها المفكرون و الكتاب و السياسييون و أصحاب العمل و الشأن في الميدان و قدموا خطابات و معالجات متعددة كل بحسب اختصاصه، و هذه كلها لا يمكن السكوت عليها من قبل نواب الشعب و يجب اتخاذ موقف صلب لا يتأثر بتبريرات الحكومة، أيا كانت هذه الحكومة، إما حاملة لنهج التغيير الذي لا يلاءم الشعب او وارثة لها من الحكومات السابقة و متبنية لافكارها و برامجها!
الشعب في حالة احتقان و سخط و احباط و العلاقة بينه و بين النواب تبادلية و تشاركية فهم ينطقون باسمه و يحملون طروحاته،فقراؤه قبل اغنياءه و ضعفاءه قبل أقوياه ثم يضعونها في رؤية و موقف سياسي مبني على رؤية في الاصلاح و تحقيق للطموحات الشعبية.
يظن البعض أن كلمة الثقة سهلة بقلة حروفها و لا يعلمون ان كلمة في السياسة و مستقبل الوطن قد تكون عمارا او دمارا، اصلاحا او غير ذلك، و كل يرى بعين برنامجه السياسي في خدمة الوطن، المعطي و الحاجب على حد سواء.
أكتب الان بعد لقاء مع رئيس الوزراء و طاقمه الوزاري، لقاء ايجابي فيه الكثير من النقاش و تبادل الاراء و لكن حكومة ما زالت تتبنى اتفاقية الغاز و تعطي لها المبررات القوية لا يمكن أن تُعطى ثقة في الوقت الذي نرى فيها طيفا كبيرا على امتداد الوطن يرسل رسالة اسبوعية أننا نطفىء الضوء و نعيش على الشموع و لا نرهن أنفسنا للعدو بشركة وسيطة مع العدو! اباؤنا الذين صنعوا الكرامة و تاريخها و بطولتها عاشوا دون كهرباء في كثير من الاوقات، عاندوا و تحدوا كل المعطيات و المثبطات على أرض الواقع و كانت بوصلتهم مصلحة وطنية لا يمكن أن تأتي من خلال العدو فصنعوا النصر، نصرا صاغ اجيال أهل العزم و أصبح الأردن شوكة لا تكسر و رقم صعب يحدد موقفه حال المنطقة، و سلاحا يسل في موضع القوة و يغمد في موضع الرحمة و السلام.
يجب على الحكومة أن تطرح هذه القضية المصيرية للاستفتاء الشعبي فالأمر جلل و لا يمكن للنواب، مهما كان فضلهم ان يساهموا لوحدهم في هذا القرار و الأمانة، فبريطانيا، و هي من أعرق الديمقراطيات و فيها اعرق البرلمانات لم تأخذ قرار الانفصال عن الاتحاد الاوروبي Brexit من قبل المجلس فقط و انما شارك به كل افراد الشعب.
اكتب في عصر جلسة الثقة في وقت يتوقع أن يأتي ليلها بثقة مريحة لحكومة الملقي بحسب قراءات بعض الاعلاميين و السياسيين لاقول أن حجب الثقة او اعطاءها ليس أمرا شخصيا أو منفعيا و اربأ بمجلس النواب عن هذا و اذكرنا جميعا أننا نحمل طموحات و آمال الشعب، شعب لم يعد يؤمن الا بالله و الوطن، شعب لا يقفز عن سفينته و لا يخرقها بل يأخذ على أيدي الخارقين و لذا ما زال يخرج من يأسه لينتخب عل و عسى يكون الخروج من النفق المظلم.
لا مشكلة في الثقة ان كانت سياسية برامجية لمصلحة الشعب
و لا مشكلة في حجبها ان كانت سياسية برامجية لمصلحة الشعب
و الحجب لن يكون عدمي او جلوسا في الزاوية فمتى صدر قرار ممثلي الشعب فالمعطي و الحاجب بعد ذلك سيكونان في خندق الوطن و العون و العمل مع كل مؤسسة وطنية تمضي للامام و يحاسب من منع الشعب سنوات من المسير و أبقاه مكانك سر.
و على الشعب أن يسأل من منح لماذا منح و من حجب لماذا حجب؟!