#اتصالات ولقاءات ساخنة في #واشنطن والإقليم.. مراجعات وإعادة تدوير الزوايا
#محمود_أبو_هلال
المتابعة والقراءة والكتابة المستمرة في الأحداث المتتالية وما ينتج عنها من تحولات قد تفرض على الأفراد مراجعات. الثبات أحيانا يكون علامة موت وليس علامة حياة. كذلك الأمر للدول الحية والفاعلة، تُجري مراجعات مستمرة لسياستها، خاصة بعد أحداث جسام فيها أو في محيطها.
في سوريا بدا واضحا أن الحكم الجديد فيها، يسعى حثيثا كي يكون جزءا من النظام الرسمي العربي وراح يظهر بالصورة المطلوبة عربيا. ومن كان يعتقد أن الحكم الجديد فيها سيكون حاضنا للمعارضين العرب حتى لو كانوا من الداعمين للثورة وللحكم الجديد عليه أن يجري مراجعاته ويعد حساباته كما فعل الحكم الجديد.. وكذلك الفاعلون في المنطقة.
التركي وفقا لمراجعاته وإعادة حساباته التي أجراها، بدا وقد تراجع عن خيار المراهنة أو توظيف الحركات الإسلامية، لمصلحة خيار المراهنة على القوة المالية الاستثمارية الخليجية الضاربة (للإمارات والسعودية).
وقد نقول أن فترة التأزم (الخليجي التركي) ما بين 2013-2020 قد تم محوها أو القفز عنها. فلقد جربت تركيا الاصطدام بالخليج فلم تجني سوى تراجع الاستثمارات والسياحة وتردي العملة المحلية، وفوق ذلك لم تجن مكاسب سياسية واضحة.. وجرب الخليج (الإمارات والسعودية) تغيير الحكم في تركيا والانقضاض على حليفها في المنطقة (قطر) وما حصدوه كان مجرد مناوشات ونشاط كثيف للذباب الإلكتروني.
وفي المحصلة لم تنجح تركيا في التأثير على الأنظمة الملكية، ولم تنجح الأخيرة بدورها في إزاحة أردوغان ولا التأثير على النفوذ التركي في الإقليم.. معادلة أجبرت الكل على التراجع خطوتين للوراء ثم الدوران والالتقاء في دمشق ولبنان.
أما لبنان فكانت بحق الساحة المناسبة لوضوح المراجعات والتغيرات. فلبنان على الدوام كانت معملا تجريبيا لإنتاج القوة الإقليمية المهيمنة. وقيل إن كنت ترغب في معرفة من هي القوة الإقليمية الأهم في المنطقة العربية؟.. انظر فقط إلى لبنان وستعرف.
الضربة القاسية التي تلقاها حزب الله من “إسرائيل”. كانت كفيلة بجراء مراجعة عاجلة، فلم يعد بمقدوره التحكم في كل تفصيلة في الحياة السياسية في لبنان من جانب، ويرغب بالتواصل حتى مع من لا يتقاسمون معه ذات الخط الأيديولوجي بالكامل. فهو يستشعر خطر معركة قوية في الداخل اللبناني تنتظره، قد يقف كل الفاعلين الأقوياء في المنطقة ضده فيها ولا حاجة له بالتورط فيها.. ولقاء وفد من الحزب مع أمير قطر -أخف الخصوم الحاليين-. قد تكون على سلم مراجعاته.
مراجعات بدت وكأنها محت فترة الاستنزاف بين فواعل السنّة (السعودية وتركيا) واستبدلتها بتعاون وتقاسم.. على ألّا يعمم انتصار الثورة السورية، بقدر استغلاله لتثبيت وضع إقليمي صالح لسنوات قادمة بفض الاشتباك مع “إسرائيل” مقابل الاعتراف بالمصالح التركية والعربية في الباقي من سوريا.
إيران لا بد وأنها تجري مراجعاتها الخاصة، بعد أن انحسر نفوذها في العمق العربي وتراجعت بخطابها وسلاحها، وأولى حساباتها، ألا تدور الدائرة عليها، وستسارع لاتفاق من نوع ما، مع أمريكا، تقدم فيه إيران ضمانات جدية في الملف النووي.. وإقرار أمريكي بدور إيران الحيوي وكدولة مهمة في الإقليم.