سواليف
إيهاب عثمان.. أردني تحدى نفسه وتسلق أعلى قمة في أفريقيا
قبل عشرة أعوام مضت، قرر امتهان التصوير الفوتوغرافي، رغم حصوله على شهادة في الهندسة الإلكترونية، وذلك انطلاقًا من فكرة استثمار الوقت والفكر والجهد في التجارب الحياتية.
فالتصوير يمكّنه من السفر وممارسة العديد من الأمور الجديدة ومقابلة الكثير من الناس المثيرين للانتباه.
إيهاب عثمان، الشاب الأردني، البالغ من العمر 34 عامًا، تمكن من خلال التصوير القيام بالعديد من النشاطات الفريدة وحتى الغريبة، فقد قام بالتصوير تحت الماء وتصوير الحياة البحرية والذي كان له الأثر العظيم في إثراء خياله الشخصي ونظرته للأمور.
وبعد أن زار أكثر من ٢٨ دولة مختلفة، وجد نفسه بحاجة إلى تحد وتجربة جديدتين، ومن هنا جاءته فكرة صعود واحدة من أعلى قمم العالم، ليكون تحديه بذلك نفسيًا وعقليًا أكثر منه جسديًا.
خلال رحلة الصعود إلى قمة الجبل قابل عددًا من المسافريين الأوروبيين والذين تجاوزت أعمارهم الخمسين والستين عامًا وقد تسلقوا القمة بسعادة.
انطلق إيهاب، ومجموعة من المغامرين الأردنيين والأجانب، في الخامس عشر من شهر يناير/كانون الثاني في رحلة تستغرق 15 ساعة من العاصمة عمّان للوصول إلى تنزانيا عبر مطار كيليمنجارو الدولي، كل واحد منهم له هدفه، وقد كانت أهداف عثمان الشخصية تتمثل بالتحدِ العقلي والجسدي في تسلق جبل كيليمنجارو، كونه يتطلب مجهودًا نفسيًا وعقليًا أكثر منهه جسديًا، أما أهدافه العملية فهي مرتبطة بمهنته كمصور متخصص بالسفر والمغامرات، لذا وجد في الجبل فرصة جيدة لتعريف الناس على هذه البيئة القاسية والجميلة معًا، وكذلك محاولة تعريفهم بالظروف المناخية لتلك المنطقة.
كيليمنجارو، من أعلى قمم العالم السبعة، أعلى جبل قائم في العالم وأعلى قمة في أفريقيا، يقع في تنزانيا ضمن محمية كيليمنجارو الطبيعية، على ارتفاع ٥٨٩٥ متر فوق سطح البحر ما يجعله مزارا للمتسلقين الهواة والمحترفين.
يشتهر جبل كيليمنجارو بغطائه الجليدي، حيث يقدر الباحثون عمر هذا الغطاء لأكثر من 11000 سنة، ولكن للأسف وخلال القرن الماضي خسر الجبل أكثر من 90% من كتلته الجليدية لأسباب طبيعية، كالتغير المناخي أو الاحتباس الحراري.
العديد من العلماء يؤمنون بزوال هذا الغطاء كليا بحلول عام 2030 وخسارة هذه الكتل يعني خسارة ما قيمته ١١٠٠٠ سنة من المعلومات المسجلة عن تاريخ كوكب الأرض.
هنالك 7 مسارات رئيسية لتسلق جبل كيليمنجارو والوصول إلى قمته وهي : مارانجو، مشامي، ليموشو، شيرا، رونجي، المسار الشمالي وأمبوي.
في هذه الرحلة، إنطلف إيهاب، وبدعم من شركة هيواوي ليفانت، سلك المغامرون طريق مشامي، الأكثر شهرة إلى قمة كيبو لتوثيق التنوع البيئي والمناخي على الجبل والكتل الجليدية المشهورة.
يقول عثمان بأنه خلال رحلة التسلق البالغة ٥ أيام إلى القمة يمكن تمييز التنوع البيئي بسهولة عبر الارتفاعات المختلفة، حيث تبدأ بالغابات الطرية، مرورا بالسهول الخلابة وإنتهاءً بالقمة البركانية الباردة، هناك مناظر خلابة وصعوبات مختلفة.
في ظهر اليوم الخامس من الرحلة عبر طريق مشامي وهو الأكثر شهرة بين المتسلقي، تصل المجموعة إلى مخيم باروفو على ارتفاع 4640 متر عن سطح البحر وبعد قليل من الراحة في الخيم، تبدأ رحلة الصعود النهائية إلى القمة حوالي منتصف الليل من نفس اليوم حيث تبلغ درجة الحرارة في المعدل (10 درجات تحت الصفر) عبر المنحدرات الصخرية وتعتبر هذه الرحلة الأكثر صعوبة والأكثر تحديًا نظرًا لانعدام الرؤية كليا والاعتماد على مصابيح الرأس لرؤية ممر العبور.
في هذه الرحلة أيضا يبدأ تأثير نقص الأكسجين عند المتسلقين ولا يمكن التنبؤ أبدا بمدى هذا التأثير ويختلف بحسب طبيعة الأجساد.
تستمر الرحلة صعودا حتى شروق الشمس، عندها يستحق المتسلقون كوبا دافئا من الشاي يستلذون به أثناء مشاهدة الشروق.
في العادة، يصل المتسلقون إلى طرف القمة المعروف “بنقطة ستيلا” حوالي الساعة الثامنة صباحا، ولكن الرحلة لم تنته بعد حيث تقع نقطة ستيلا على ارتفاع 5740 مترا فوق سطح البحر، أما أعلى نقطة وتعرف بنقطة أهورو (أو قمة أهورو) فما زالت بعيدة مسافة 30-40 دقيقة من المشي، وفي هذه المسافة يمر المتسلقون بالكتل الجليدية العظيمة التي يصل ارتفاع بعضها أكثر من 20 مترا ويمكن رؤية أجزاء من هذه الكتل مكسوة باللون الأزرق.
أخيرا عند الوصل إلى قمة أهورو وفي اللحظات الأولى يلتقط المتسلقون أنفاسهم – بالكاد – من جمال المنظر، فهم يقفون على أعلى نقطة في قارة أفريقيا كلها ويتذوقون أخيرا حلاوة الانتصار بعد كل هذا العناء.
بعد ذلك تبدأ رحلة النزول والعودة إلى مخيم باروفو، ثم النزول إلى بوابة كيلمنجارو في اليوم الثاني.
ويُعقّب إيهاب عثمان على هذه الرحلة قائلًا: “إن فكرة صعود واحدة من أعلى قمم العالم تجربة جديدة كليا و فيها تحد للذات، فخلال رحلة الصعود إلى قمة الجبل قابلت عددًا من المسافريين من كبار السن و قد تسلقوا القمة بسعادة، لذا لم لا يمكننا القيام بذلك ما داموا هم قادرون على تحقيقه” وأضاف: “أنا أؤمن أن الحدود موجودة في عقولنا فقط وإذا آمننا في غاياتنا بحق، سنجد كل الوسائل المشروعة لتحقيقها”.