
إلی قائدٍ ما: #الوطن کما تراه أنت لا کما نراه نحن !
شبلي العجارمة
بعد صمود #الجند تحت سطوة شمس الظهيرة لأکثر من ساعة ونصف في شهر تموز,أقبل غبار اللاندروفر من بعيد منذراً بقدوم #القائد ,لف الغبار طابور الجند بقادة سراياهم ,هدأ الغبار ,والتف الساٸق راکضاً ليفتح الباب للبيك,شرب القاٸد کأس ماءٍ بارد حتی لا يصاب بلفحة شمسٍ جراء برودة مکيف سيارته اللاندروفر ,مسح نظارتيه,وتفقد وجهه بالمرآة,أصلح طاقية رأسه وهبط أرض الميدان, وامتشق مسدسه علی جنبه الأيسر ,ووضع عصاه تحت إبطه ومشی ,استظل بالمنصة الکبيرة,وصلت شفاهه إلی حاجبه من الکشرة المصطنعة,شکر قاٸد الطابور وقال اقتربوا جميعکم من المنصة, ثم قال :
يعطيکم العافية,أنا ما بدي اعلمکم الضبط والربط العسکري ,لکن وأقسم بالله ثم حلق بإصبعيه وأطلق السبابة هذا وطن مش لعبة,إنتوا مشاريع شهداء ,إنتوا حماة الديار ,إنتم صوان الأرض وشجرها الشامخ الممتد,هاي بلدنا وإذا إحنا ما خدمناها وحميناها نجيب هنود وسيرلانکين بخدموها ?,أنا خجلان أحك هالکلام قدام زلم شواربهم معبيه وجوههم,الکل بتمنی بکون هون بمکانکم ,الجندية شرف ما بعده شرف,تذمر ما بدي تذمر ,شو يعني لو وقفتوا تحت الشمس ساعة ويوم وشهر ,شو يعني لو تأخرت عليکم عشان ودعت ابني بالمطار طلع بعثة وسافر عشان برجع بستلم هاي العصا مني بيوم,شو يعني لو ما شفتوا ولادکم عشان الوطن ,الوطن أمنا وأبونا واطفالنا وزوجاتنا ,مين إلنا غير الوطن إحنا ومين إله غيرنا هالوطن.
تشردق القاٸد وهو يهبد علی الجند هبد ,رکض المراسل والساٸق والجميع بمطرات ماٸهم الحارة لدرجة الغليان ,فکفها بإشارة يده بعجرفة ,فطلب من المراسل زجاجة ماء مثلجة خاصة به ,شربها ومسح بقية الماء عن شاربيه ومسدهما ,خلع النظارة الشمسية وارتدی نطارته الطبية ,توقدت عيناه جمراً وغضب,ثم أمعن النظر بجندي بمنتصف الطابور وأشار إليه ,إنت اطلع علي جاي ,تلفوني ما هدي من کثر واسطاتك من البارح عشان إجازة ٢٤ساعة ?,فقال الجندي سيدي کنت بدي أتطمن علی زوجتي بالمستشفی خلفت ولد عشان بستلم مکاني بيوم هون , القاٸد بغضب وقال تتفلسف علي خذوه علی السجن ما بدي أشوفه ,ثم أطلق القاٸد بصره نحو جنديٍ هزيل في مٶخرة الطابور,تناول حبة دواء ابتلعها وفتح مطرة ماٸه الحار وشربها ,فقال القاٸد ولك إنت ما بتستحي ,کيف تشرب مي وأنا بنبط عليك وطنيات ?,فقال الجندي سيدي شربت دواي عشان ما بموت وبجي إبني أو أخوي وبستلم مکاني ,فقال القاٸد کمان تتفلسف خذوه علی السجن .
سيدي القاٸد ما :
الوطن بعيوننا مجرد تعب ,حرمان ,رواتب متواضعة .وأوقات علی هامش الحياة,الوطن ليس کما تراه أنت لاندروفر ومکيف دافیء شتاءً وبارد صيفاً ,الوطن ليس مسدساً للزينة ولا عصا تحت الإبط,الوطن ليس ازدراء الجند ونرجسية الإعجاب بالذات ,الوطن ليس بعثة دراسية لإبنك الحاصل علی معدل مقبول ,بينما هو جامعة وطنية بعيدة علی بند الأقل حظاً لأبناٸنا الحاصلين علی امتياز ومصطلح سوء الاختيار للتخصص,الوطن ليس وراثة الجند للجند والقادة للقادة من ذات فصيلة الدماء ,الوطن ليس جبين مضمخ بالعرق ووجه يقطر ندی من الکوندشن ,الوطن ليس المحاصصة بين شردقتك المعالجة بالماء المثلج ,لکنه لجنديٍّ هو تسليك حبة الدواء بماء مغلي علی وهج شمس الوطنية ,الوطن ليس بمقص عدالة ساٸق بيتك وساٸق أبناء القاٸد المختص بالمدارس وساٸقك الخاص ومراسلك ,ونحن تحت رحمة الکيا سيفيا وقروض البنوك والسرفيس والحافلات والکنترولية ,الوطن ليس محاضرة من تحت سقف منصة فارهة تقي من أشعات الشمس الحمراء والخضراء والصفراء لطابور آدمي بشري تحت وطأة غضب شمس الحصاد,الوطن ليس رشة غبار من عجلات لاندروفرك لتأخرك بتوديع ابنك بالمطار في الوقت الذي يقام الحد علينا لتأخرنا بزيارة زوجاتنا اللواتي يضعن الجند في قفص الوطنية المکسور .
سيدي القاٸد :
هل همستم کل هذا الکلام بأذن الوطن وقلتم له من لك غير هٶلاء الجند,هل قلتم کل هذه الأبجديات لمٶسسات الوطن ,لکنترولية الحافلات ,لمن ينسب البعثات الدراسية,هل قلتم هذه الوصايا لبراشوت تعيين أبناٸکم في الوظاٸف العليا وصفيح ترضية أبناٸنا بعد البطالة بوظاٸف المراسلين وحراس المدارس والبلديات وعمال وطن ,هل قلتم هذا لمراياکم ونساٸکم وحداٸق بيوتکم وقصورکم التي صارت ما بين عشيةٍ وضحاها من خشة باٸسة إلی قصرٍ مشيد,هل قلتم هذا لأسطول سياراتکم التي لم تعد تذکرکم بسرفيس رأس العين والعبدلي وحافلات الزرقاء ,هل قلتم هذا الکلام لقرار إعفاء مرکباتکم من الرسوم الجمرکي وما بين سخطنا بسطوة البنوك علی رواتبنا لشراء عواية علی شکل سيارة ?.
لا أظنکم قلتم کل هذا ولا أعتقد أنکم ستقولون شيٸاً من ذاك القبيل ,فالجندية روح متساوية في الميدان ,فالرصاصة والقنبلة والصاروخ سيدي القاٸد جميعها أعمی البصر ولا يفرق بين رتبةٍ عليا ولا أخری دنيا ,والشهادة روح مجردة حتی من البزات وإکسسوارات الجندية ,والجندية علی تراب وطن لا يفرق بين حذاء قاٸد ولا حذاء جندي ,الجندية أن نتساوی في الحياة سيدي القاٸد کما سوف نتساوی بالموت يوماً ما أيها القاٸد ما !.