إذا عجزت عن القول الحق فلا تصفق للباطل / عبدالرحيم الزعبي

إذا عجزت عن القول الحق فلا تصفق للباطل
يتعامل الأمين العام مع مسلمي أوروبا بطريقة تخلو من فهم الواقع، بل ومن فهم الدين أيضا !! فهو يعتقد بأن المسلمين كتلة واحدة صلبة ثابتة تنتمي إلى أرض واحدة هي “العالم الإسلامي” !! وهو يعتقد بأن جميع مسلمي القارة الأوروبية هم مهاجرون من دول “العالم الإسلامي” !! وهو يعتقد أيضا بأن هؤلاء المهاجرين جميعا مرحب بهم في بلدانهم “بلدان العالم الإسلامي” !! ويعتقد بأنهم جميعا قد هاجروا قبل ثلاثة أيام، ومن السهل عليهم العودة إلى بلدانهم !!
ويجهل أن هناك مسلمين على القارة الأوروبية من أصول أوروبية، فالإسلام ديانة تتنامى وتنتشر بدخول الناس فيه لا بمجرد التكاثر البيولوجي، أي أن أوروبا هي وطنهم، فأين يذهب هؤلاء بأنفسهم ؟!! ويجهل أن هناك مسلمين من أصول غير أوروبية، إلا أنهم ولدوا في أوروبا ولم يعرفوا لهم وطنا سواها، ولم يعرفوا لهم لغة إلا اللغة الأوروبية القومية للدولة التي يعيشون فيها، وهؤلاء هم الجيل الثالث في أوروبا من مهاجري دول “العالم الإسلامي”، فأين يذهب هؤلاء وأين يغادروا ؟!!
ولعل الأمين العام حين يخاطب مسلمي أوروبا، لعله يجهل مفاهيم المواطنة والحريات الشخصية ومؤسسات المجتمع المدني والنقابات والقوى الضاغطة ومسيرات الاحتجاج السلمي والتحريض الصحفي !! ولعله يجهل أن الأمة مصدر السلطات !! ولعله يجهل وهو يتحدث عن الدستور والقوانين والنظم والتعليمات أن النصوص الدستورية وما يندرج تحتها من قوانين ونظم وتعليمات يصيغها ممثلو الأمة ويعدل عليها ممثلوا الأمة !! ولعله يجهل أن ممثلي الأمة يمثلون من انتخبهم سواء كان أوروبيا غير مسلم أو أوروبي مسلم أو مهاجر مسلم حاصل على جنسية أوروبية !! ولعله يجهل أن من حق مؤسسات المجتمع المدني والنقابات والقوى الضاغطة والصحافة والمثقفين وأفراد الأمة من عامة الناس، من حق هؤلاء جميعا أن يعترضوا بصورة سلمية منظمة على القوانين والنظم التي تمس حقوقهم وحرياتهم ومصالحهم !!
ويبدو أن الأمين العام يجهل كل ذلك لأنه لم يزل يتعامل مع نظم الحكم الدستورية الحديثة بناء على قاعدة “طاعة ولاة الأمور” !! وهي على أي حال ليست قاعدة شرعية عامة !! بل هي قاعدة استبدادية خاصة تم تعميمها !! أو قد تكون في أحسن أحوالها ضرورة وقائية لها ما يبررها في سياقات معينة !!
ويبدو أن الأمين العام يتعامل مع مسلمي أوروبا في ضوء “أحكام أهل الذمة” !! وهي بالمناسبة ليست أحكاما إسلامية عامة عابرة للتاريخ !! بل مجرد اجتهادات تشكلت في سياقات تاريخية معينة ثم محتها سياقات تاريخية أخرى نعيشها اليوم !! ويبدو أيضا أنه يجهل أن كل مهاجر حاصل على جنسية أوروبية فهو مواطن وله الحق في التعبير عن اعتراضه ضمن الأطر القانونية وله اللجوء الى النقابات ومؤسسات المجتمع المدني والصحافة وغيرها من القوى الضاغطة !!
الخلاصة ليت الأمين العام يسكت امتثالا لمقولة الشعراوي رحمه الله “إذا عجزت عن القول الحق فلا تصفق للباطل”
لقراءة الخبر الخاص بالامين العام لرابطة العالم الاسلامي

أمين عام رابطة العالم الإسلامي: اخلعن الحجاب أو غادرن أوروبا!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى