أمٌ بأمّة
م. أنس معابرة
أعتقد أن أحد الأسباب الرئيسة في #الانتصارات التي تحققها #المقاومة في #غزة يكمن في العنصر النسائي غير المحارب، العنصر النسائي الذي لا يحمل بندقية، ولا يرمي بالقنابل، ولكنه يعمل على اعداد وبناء #الرجال التي ستقوم بكل ذلك لاحقاً.
إن #الأمهات التي تعتقد أن واجبها يقتصر على خدمة الزوج، وترتيب المنزل، واعداد الطعام، وتنظيف الثياب، والحمل والانجاب، أو حتى الذهاب إلى العمل والعودة منه؛ لا تدرك الواجب الرئيس المناط بها، بل لا تدرك الأهمية الكبرى لدورها في نهوض الامة الاسلامية كاملة.
إن الدور الكبير المناط بمعشر النساء هو أن تعمل على #صناعة_الرجال، وتجهيزهم لقيادة الأمة في المرحلة المقبلة، نحن لا نحتاج إلى خراف تُعلف، ولا أبقار تسمّن لتذبح في عيد الأضحى القادم، ولا نحتاج إلى تصدير الفاشلين من الأبناء، العاجزين عن تدبير أحوالهم إلى المجتمع، بل نحتاج إلى جيل من الشباب الواعي، القادر على قيادة من حوله بنجاح.
أيتها الأم القديرة: إن واجبك اليوم في صناعة أبطال كعمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعمرو بن العاص، وصلاح الدين الأيوبي، وعز الدين القسام، وعمر المختار، وغيرهم من القادة الذين تركوا أثراً لا ينمحي مع توالي الأيام والسنون.
أيقظوا أبناءكم لصلاة الفجر جماعة في المسجد بدل أن تخافوا عليهم من برودة الطقس، علموهم أن صلاة الفجر في المنزل للنساء فقط، أقرءوهم سورتي محمد والأنفال، وذكروهم دوماً أنهما تصنعان الرجال القادة الذين تحتاجهم الأمة اليوم، وهي تعاني من هجمة شرسة من كل حدب وصوب.
أيتها الأم الغالية: أنت بحاجة إلى صناعة العلماء النجباء، الذين يعيدون إلى هذه الأمة مجدها في العلوم الشرعية والطبية والاقتصادية والسياسية والأدبية وغيرها، نحن بحاجة إلى فارابي جديد، وأبن سينا جديد، وشافعي جديد، وابن تيمية جديد، ولن يخرج هؤلاء إلا من عباءتك أنت.
أنت قادرة على صناعة هؤلاء بكل بساطة، فأنت لا تختلفين عن أسماء التي أعطتنا الزبير، ولا عن أم أيمن التي أعطتنا أسامة، ولا عن فاطمة الأزدية التي أعطتنا الشافعي، ولا عن هؤلاء الأمهات في فلسطين وغزة، التي تقدم الأبطال المقاومون، وتقدم الشهيد بعد الشهيد دون تردد.
والله إن دورك أيتها الأم لكبير، وما سميت سورة النساء بهذا الأسم إلا لعظيم دور النساء في إدارة هذا الكون، فأمراءه عمران وهبت ابنتها لله، فكانت مريم العذراء البتول، أم نبي الله عيسى عليهم جميعاً الصلاة والسلام.
إن العمل على صناعة الرجال في البيوت لا يقل أهمية عن حمل السلاح والقتال في الميدان، فكلاهما ثغر من ثغور الجهاد، تقوم عليه الأمهات المخلصات في أداء الرسالة، الصادقات في النية بطلب الجهاد في سبيل الله، المقبلات على تربية وتنشئة أبناءها تنشئة إسلامية حسنة صادقة.
إن من يقول اليوم بأن المرأة ضلع قاصر يعجز عن إدارة أموره لوحده، وبحاجة إلى رجل يقوم عليها ويراعيها، فيكون والدها أولاً، ثم أخوها أو زوجها، ثم يكون ابنها حتى وفاتها لا يفقه من العلم شيئاً، ولم يجد التربية المناسبة التي تعلّمه دور النساء في كتابة التاريخ، وصناعة المجد، وانتصار الأمم.