أصول العقيدة

#أصول_العقيدة
مقال الإثنين: 15 /12 /2025 ب

قلم: د. #هاشم_غرايبه


العقيدة هو ما انعقد عليه الإعتقاد اليقيني، بغض النظر ان كان المعتقد صحيحا أو فاسدا.
مصطلح العقيدة لم يرد في كتاب الله ولا في السنة، وقد توافق الفقهاء على استعماله للدلالة على عقيدة التوحيد.
شرعيا ورد المسمى بلفظة الإيمان، وقد حدد تعالى اركانه في قوله: “آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِه” [البقرة:285]، وفصّلها الحديث الشريف الذي جاء بشكل سؤال من جبريل وجواب من النبي عليهما الصلاة والسلام: “..قال: فأخبرني عن الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره” [صحيح مسلم والبخاري].
لذلك تنبني العقيدة على الإيمان بست عناصر مجتمعة، لا يجوز اسقاط أي منها، وجميعها غيبية، ولا يتحصل الإيمان بها إلا بالقناعة العقلية، المبنية أساسا على التوحيد.
من هنا جاءت وحدة الرسالات السماوية، فجميعها انطلقت من العناصر ذاتها ولذلك لا يصح القول بالأديان السماوية، فالدين واحد، ولم يذكر في القرآن ولا السنة إلا بلفظة المفرد.
ما كان متعددا هي الشرائع: “لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا” [المائدة:46]، فهي كانت متباينة قليلا، لأنها كانت تنزل على أقوام مختلفين وفي أزمان مختلفة، غير أن الشريعة التي أنزلها الله في الرسالة الختامية كانت النهائية، ولكل البشر والى يوم الدين، ولذلك فهي ناسخة لكل ما سبقها.
عناصر العقيدة الإيمانية هي:
1 – الإيمان بالله إلها واحدا: “قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ .اللَّهُ الصَّمَدُ . لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ . وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ” [سورة الإخلاص]، وتتحقق القناعة بوحدانيته، وأنه الخالق لكل شيء، من ملاحظة وحدة خلقه، فكل الكائنات الحية يحكمها نظام حيوي واحد، معتمد على التزود بالهواء والماء والغذاء، وأجهزتها الحيوية وفق نظام واحد، تؤدى وظائفها بأدوات متشابهة وهي الجهاز التنفسي والدوري والهضمي والعصبي ..الخ.
وهو مالك كل شيء لا ينازعه في ذلك أحد، بدليل الانضباط التام في سيرورة القوانين الطبيعية، ولو كان شيء مما هو موجود ملكا لأحد غيره لحصل تناقض وتضارب.
وهو الرب لأنه المتصرف بكل شيء والضابط لدوام الأنظمة، فهو لم يخلق الأشياء وتركها لتدبر أمورها بنفسها، بل تكفل بإدامة كل ما تحتاجه (الرزق).
ومن معرفة الفارق الهائل بين قدرات العقل البشري وقدرات الإله ينبغي أن ندرك أن العقل لا يمكن أن يحيط بكينونة هذا الإله مثل هيئته ومن أوجده وكيف وجد، فلا يجوز للعقل أن يبحث في ذات الإله بل في أفعاله.
2 – من كانت هذه صفاته فكل ما يخبرنا به صدق مطلق الصحة، فمن لا يَصْدُق هو الذي يعجز عن الإيفاء بالمطلوب، لذلك فكل ما أخبرنا به عن طريق أنبيائه وكُتُبه مما غيّبهُ عن إدراكنا الحسي لا يحتاج الى دليل مادي، وأول هذه الغيبيات هي وجود الملائكة، يجب أن نؤمن بوجودهم من غير أن نبحث فيما لم يردنا أن نعلمه عنهم.
3 – الإيمان بالكتب التي أنزلها على بعض رسله، وما أعلمنا منها هي الصحف الأول على ابراهيم وموسى، والتوراة والزبور والإنجيل، وآخرها القرآن، كان لهذه الكتب دور في تعزيز دور الرسل، وعندما أنزل القرآن كان مغنيا عنها، لذلك حفظه الى الأبد فيما لم يحفظ ما سبقه.
4 – الإيمان برسل الله جميعا، صحيح أن قدرهم عند الله متباين، فمنهم من اتخذه الله خليلا، ومنهم من كلمه، ومنهم من خلقه على غير أسلوب خلق البشر، ومنهم من اصطفاه وجعله سيد الأنبياء، لكننا كبشر يجب أن لا نفرق بينهم في التقدير والاحترام .
5 – الإيمان باليوم الآخر، وهو مرتبط جذريا بالإيمان بالله، فمن كانت أسماؤه الحسنى (صفاته)هي الكمال، لا ينبغي أن نعتقد أنه يترك الناس الذين منحهم الإرادة الحرة هملاً بلا حساب، ولا يمكن تصور أن العدالة الإلهية تدع المسيء والمحسن ينتهيان الى المصير ذاته.
6 – الإيمان بالقضاء وهو ما كتبه الله على الإنسان في سابق علمه، مثل الحياة والموت والرزق، والقدر هو الذي يصرف الله به الأمور لتحقيق ما قضى به، ولكن تصاريف الأقدار لا تجري بهذه البساطة، إذ يتداخل مع ذلك بتفصيلات معقدة، أمور متعددة، مثل الإرادة والاختيار، والابتلاء، ودعاء المظلوم والمكروب، ورضا الوالدين، والإحسان، ..الخ، مما لا يمكن للإنسان الإحاطة بها “وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا” [الكهف:68].

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى