#تركيا تنتظر زلزالاً سياسيا؟ و #أردوغان لم يُدرك بأن معاداة #الكيان_الصهيوني أسلم من مصادقته
#فؤاد_البطاينة
مشهد تاريخي فريد أن تكون فلسطين الحالة الاستعمارية التقليدية الوحيدة الباقية في العالم، وأن يكون هذا العالم خاضعاً لاستعمار أخر “سياسي – ثقافي ” والمستعمر في الحالتين هي الصهيونية التي تتخذ من كيانها المحتل لفلسطين موطئ قدم تعبر فيه عن وجودها المزيف على الخارطة الدولية لتنطلق منه نحو إخضاع وتدمير بلاد العرب العرب والمسلمين وصولاً لمخطط حكم العالم عبيدأ. فمعيار الاستقلال الوطني لأي دولة أصبح في عدم وقوعها تحت تأثير الكيان الصهيوني الهش بجغرافيته وبشعبه المستعاراً كمرتزقة لا انتماء لهم للأرض، ولا يمكن أن يصمد في مواجهة حقيقية أو هزة لم يتعرض لها بعد.
حرب الصهيونية على العالم قائم باستخدام الغرب الساقط ثقافيا ضد العرب والمسلمين وصولاً إليه. وليس من دولة عربية أو مسلمة خارج هذا الاستهداف لأنها حرب ثقافية كونية بالأساس. فكلها معنية مهما اختلفت طموحاتها واستراتيجياتها وتحالفاتها . فلا نجاة لإحداها وهذا الكيان قائم ويجسد الصهيونية. وفي وضعنا ما نحتاج إليه ليس أقل من تحريم وتجريم وتكفير أي دولة اسلامية أو عربية تعترف بالكيان الصهيوني، وبضع دول حرة منها لديها الإرادة والقوة للصمود لتجتمع في محور سياسي – اقتصادي استقطابي يتولى تكاملية أسباب القوة وتأمين حماية وصمود الشعب الفلسطيني تحت الإحتلال واحتضان ورعاية مقاومته على وجه سليم..
فطامتنا، هي في دول إسلامية وعربية بين قوية وثرية تتنافس مع بعضها بدلاً من أن تتكامل، وتتجه لهذا الغرض نحو تحالفات مع أعدائها الغربيين، ومن بينها من يلجأ للكيان الصهيوني مباشرة في غياب تام لمفاهيم الخيانة والمسؤولية والسلامة. فلا بديل عن أن تعرف دول أمتنا طريق سلامتها. ولعل تركيا بثقلها الجغرافي والاقتصادي والروحي من أخاطبها اليوم في هذا الصدد لأنها على أبواب أعمق استهداف.
وبالملخص ارتقت تركيا بدولة الخلافة، ثم زاغت وأخطأت بتحولها لما يشبه الدولة الإستعمارية وشاخت وانكسرت بالحرب الأولى مخلفة لنفسها عقدة نفسية لدى الغرب. فتولى حكمها عسكر يهود الدونمة الصهاينة،وحاربوا ثقافة الشعب التركي وعقيدته الإسلامية ومصالحه وكرامته الوطنية، وجعلوا من تركيا ماكنة في خدمة الصهيونية ودعم كيان الاحتلال لفلسطين والتعاون معه. إلى أن جاء حكم إسلامي جديد فيها وصل إلى ” تركيا أردوغان ” الرجل الذي لم أشهد مثله حاكماً يرعى حاجات شعبه. ونظف تركيا من عسكر يهود الدونما الى حد كبير وبنى بلده من جديد ونهض بها قفزات خيالية بمختلف الحقول متحدياً الغرب وتحدث عن تطلعات أبعد، ولكن.
إني إذ أنوه بحقيقة أن لا دولة اليوم كبرت أم صغرت يُمكن لها أن تكون حرة ومستقلة بقرارها الوطني على أي صعيد ما لم تكن بعيدة عن حضن الكيان الصهيوني في فلسطين ومالكة لسلاح الردع، لأتساءل كيف لأردوغان وهو يقطع مشواره ويعود لحضن الصهيونية أن يصمد ويحافظ على انجازاته ويجنب تركيا العودة لماية عام من الإخضاع والإذلال، وتركيا اليوم على صفيح ساخن.
سيدي، أفعمتنا أملاً بمنحناك السياسي الصاعد ثم أفعمتنا إحباطاً بانحداره وانحرافه لنقيضه. وكمواطن عربي ومسلم متضرر من سياستك أتساءل كيف “لدولة خلافة” أن تصبح أكثر الدول الإسلامية دعماُ وتعاوناً مع الكيان الصهيوني المحتل لفلسطين الوقف الاسلامي وللأقصى والحرم الإبراهيمي، ويُخضع شعبها لتطهير عرقي وثقافي في محرقة لا تتوقف. ليتك تسأل نفسك ما الذي تحتاجه تركيا من “اسرائيل” وليس متوفراً لديك أو في بلاد العالم الأخرى. وكيف تفسر صداقتك لهذا الكيان وتشرع أبواب تركيا أمامه وهي مستهدفة منه ومن الغرب وجوباً لمجرد أنها دولة إسلامية وهوية شعبها الإسلام. سيدي بأي منطق نفسر تعاونك العسكري والأمني مع الكيان وهو الذي يسلح ويدرب وينظم من تعتبرهم على رأس قائمة أعداء تركيا من فصائل الأكراد، وتحتلَّ الأرض السورية بذريعتها، بينما تثور على دول بعيدة تأوي بعضها.
سيدي ألم تقرأ المفارقة عندما يحرص الغرب على وجود تركيا كدولة هامة ومركزية في حلف الأطلسي، ويرفض بازدراء أن تكون في الإتحاد الأوروبي ؟ أليس في الأولى احتواء لقوة تركيا العسكرية واستخداما لها ولجغرافية الدولة ضد روسيا والشرق، وترسيماً لعلاقتها بإسرائيل واحتلالها، وفي الثانية نكرانا لمصالحها الإقتصادية واعترافاً بغربتها العقدية والسياسية ؟. سيدي ألم تتوصل لقناعة أن تركيا مهما قدمتَّ لهم فلن تكون بقاموسهم إلّا عدو ملاحق، وألم تتوصل للقناعة بأن معاداة العدو أسلم بكثير من صداقته. هل في هذا كله طاعة لله أو طاعة لشعبك أم هو دنس السياسة عندما تعلو على المبادئ والقيم والحقوق.أم يطيب لك أن تزايد على أنظمة خون العرب وتلهث لقيادتها؟
سيدي لقد وصلت للحكم كإسلامي، وقد وراع الأمة أن تسمعك وصحبك في كرب الزلزال تتعالون على كلمة الله ودم الأقصى وشهداء فلسطين وأنتم تخصون الكيان المحتل بالمبالغة بالشكر على ما يقدمه لكم من مقدرات الشعب الفلسطيني المسروقة مهما كانت تافهة، وكأنه تميّز عن غيره بتقديم البركة لكم. وهل يصلح الموقف لوعد بتعميق دعمك للمحتل استجداء لعدم تدخله ضدك في الانتخابات. سيدي عليك وعلى كل سافل في هذه الأمة يعقد صفقة مع الكيان المحتل على ظهر الحقوق السياسية للشعب الفلسطيني أو لها مساس بمقدراته برا أو بحراً أو جواً، أن يفهم بأنه وغد ديوث متاجر بقضية وطن وحقوق ومال شعب مسروق.
سيدي، مع كل ما تقدم، أتمنى لك الفوز، فمنافسوك هم الأكثر تصهيناً وحرصاً على مصلحة أمريكا والكيان ولا يتصورون تركيا إلّا مخلباً له وذيلا لأمريكا، فاحرص ولا تركض بقدميك لحضن الضبع. فمع انتهاء مئوية معاهدة الإخضاع يتصاعد الحشد الصهيوني على تركيا وتتسرب الأنباء عن مخططات لاستهدافها بالتدمير والمسخ السيادي والإقتصادي، وأنتم فاتكم امتلاك سلاح الردع. وفقك الله لتغيير المسار مبكراً نحو الشرق، وحفظ تركيا وشعبها بخير.
كاتب وباحث عربي اردني