أحزان الساخرين

أحزان #الساخرين / #سوسف_غيشان

يقول الكاتب الأيرلندي الكبير أوسكار وايلد، صاحب رواية «صورة دوريان غراي»:
-إذا أردت قول الحقيقة للناس، فعليك أن تضحكهم أولا، والا قتلوك. هذا الكلام الذي قيل حوالي 130 عاما ما يزال قيد التنفيذ، وما يزال من الصعب قول الحقيقة للناس، حول أنفسهم تحديدا، إلا إذا حاولت إضحاكهم أولا.
قبل زمن تلقيت دعوة للحديث خلال مهرجان ثقافي، وقد قالت المنسقة على الهاتف، ما معناه أنه يمكنك أن تضحكنا في الوقت المحدد لك. وهذا ما أحزنني، ويحزنني دوما.
يحزنني أن ينظر الناس للكاتب الساخر على أنه مجرد شخص مضحك، للتسلية والترويح. ومع احترامي وتقديري لكل القادرين على إضحاك الناس، وهذه مهمة صعبة جدا، إلا أن الكاتب الساخر، ينظر إلى نفسه بشكل مختلف، ويعتبر الضحك مجرد وسيلة لتوصيل الرسالة الجادة لغاية تقبّلها من المتلقي، ولا يهدف إلى إضحاكه، بل إلى إبكائه في الواقع.
إن جعل الإنسان يتنبه إلى أخطائه وخطاياه وممارساته المغلوطة، التي لا يدرك مدى رعونتها، هذه إحدى رسائل الكاتب الساخر على المستوى الفردي، وتكتمل الرسالة إذا حاول هذه الشخص تجنب هذه الأخطاء والابتعاد عنها، بعد أن أدرك مدى سخافتها.
أن يعرف الإنسان حقوقه، ويدرك قدرته على الحصول عليها من خلال النضال من اجلها، وكسر هذه الهالة الوهمية التي يحيط البعض أنفسهم بها، وتحويلهم إلى كائنات في منتهى العادية يمكن مقارعتها ومصارعتها لنيل الحقوق الإنسانية التي تتناسب مع الواجبات.
حتى لو كان أسلوب الساخر يؤدي أحيانا الى تفريغ الشحنات العاطفية القوية لدى الناس، فهذه أيضا رسالة جيدة، وليست تهمة للساخرين، لأن الانفجار الفوضوي يؤذي مفاصل الدول.
المؤلم ان بعضنا – نحن الساخرين – وربما جميعنا في بعض الأحيان، من يعطي الانطباع بأننا كائنات مضحكة فحسب، وقد ساهمت بعض وسائل الإعلام، في ذلك حينما تنشر مساهمات الساخرين في صفحات التسلية والترفيه.
وتلولحي يا دالية

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى