أحب أمّي كلّ يوم
#مصعب_البدور
أحب أمّي وأكره #زيف #الاحتفالات، فمنذ أمس وضجيج العبارات الرنانة تتغزل بالأمهات، وزوبعة من نسخ ولصق الكلمات تعصف بنا، وازدحام الحشود عظيم على باب العم قوقل؛ ليجود عليهم بعبارة يستعرضونها أمام المتابعين والأصدقاء، لتتحول الأمّ إلى تجارة جديدة، كُثُرٌ هم من يحتفلون بأمهاتهم، وآمل أن تكون كثرة الاحتفالات على قدر البرّ، وإن كنتُ سمعت قبل مدّة أنّ أصحاب صخب الاحتفال بيوم لا يكلمون أمهاتهم، والذين يتراشقون تصاوير وتسجيلات وعبارات كلها تحتفي بالأم هي آخر ما يفكرون به.
لذلك كلّه أكره زيف الاحتفالات وأكره عبارات الزور، أكره #النفاق الاستعراضي، وأَمْقُتُ برّ #الأم الافتراضي الذي يتخذ من شاشات هواتفنا مسرحا له، وأرفض كلّ العبارات ذات الجرس الموسيقي التي تتخذ من الأمّ نوتة لها.
أحب أمي وأحس أنها معجزة أدركها ولا أستطيع التعبير عنها، أحس بها آية منشورة في هذا الكون، أليست الأم آية؟ فكيف لي أن أتخذ من قداسة آية كونية معراجا للزيف.
وإنّي لا أشكك في حب الناس لأمهاتهم، إنما أتمنى أن لا أرى دمعة في عين أم سببها ابنها، وأتمنى أن تكون الأم معزوفة كل العام، وأن تكون مقالة كلّ يوم، وأحب أن تكون الأم رواية خالدة، أو وِرْدَ تلاوة راسخ لا ينقطع، ألا تستحق أمي أن تكون معزوفة الأعوام فأغيب ولا تمل من انتظاري، ولها تسعة تشاركوا معي فيها لكني أحسّ أني وحيدها، تُشْعِرُ كلّ واحد منّا أنها له ولا أحد غيره لها؛ أفلا تستحق أمي أن تذوب فيها كلّ كينونة وهي ملكوت الكينونات جميعها، فهي من يشكل كلّ شيء، صوتها المنبثق من الهاتف يغير مجرى اليوم ويعدل المزاج، دعاؤها بطاقة أمان؟ ووجودها في هذه الحياة دافع للبقاء.
نعم أنا أحب أمي كلّ يوم وأنتمي إليها كلّ لحظة
أَلَسْنا شيء منها؟
أَلَيسَتْ في عروقنا دمٌ يجري؟
أَلَيسَتْ حنيننا الأبدي لأول منزل؟
أَلَيسَتْ من علمنا حرفنا الأول؟
أَلَيسَتْ أول يد صافحتنا؟
أَلَيسَتْ من شهدت أول خطوة لنا؟
أنا لا أعدّ محاسن الأم فالمعجزات أكبر من أن توصف، وكلّ الكلام يتصاغر أمامها، وإذا أرادت المحابر أن ترسمها تجف ولو أمدها بحر بعده بحر.
معذرة إليكم لا أستطيع رؤية كلماتكم عندما يلوح خيال أمي.