وضيئةٌ أم معطال / محمد عيد عبيدات

أسير في بحر النسيان….أنظُر لمطاف الشُّبان…هدفٌ واحد…نظرةٌ واحده…أرى في الأفق صديقان يسيران جنباً لجنب…أولهم يقول للآخر أنظُر إنها وضيئةٌ حسناء …

وتزال عيني تُراقب باستحقار… بنظرةٍ لواقعٍ مشهود لا يمكن تعديله…يستمرُّ الحديثُ بين الصديقين….صدقت إنها حسناءُ عُطبول..أستمرُّ في المراقبة والنظر إليهما بخلسه…

أقول في نفسي “نظرا لهذه الفتاه لفترةٍ طويله ،ما التالي؟ما الذي استفاداهُ من هذه النظرةِ الجامحه ؟” أستمرُّ في السير…. أتألم لواقعٍ مؤلم ..واقعُ الشهوةِ و إرضاء النفس…

يستمرُّ صمتي وتفكيري مع كُلِّ خُطوةٍ أخطوها…ألمَحُ بطرف عيني ألفةٌ من الشُّبان…أسمعُ همساتٍ وثرثرات…يُطِلُّ شابٌ ويقول بسُخريةٍ: أطَلَّت علينا معطالٌ فاحجبوا أبصاركم خشية العمى ….

مقالات ذات صلة

ودوَّت أصوات الضَّحِكِ تملأُ المكان…المارَّةُ ينظرون، ينتقدون،ويدْعونَ لهم بالصلاح…مع جهلهم سبب ضحكهم…مجتمعٌ راقي يقابلُ الأذى بدعوةٍ لخالق الكون بالصلاح …اختلَطَ عليَّ الأمر …

طرفينِ متناقضين تماماً …طرفٌ يسيء وطرفٌ يطلب العفو والرحمةَ لنقيضه…أعدتُ التفكيرَ في شباب اليوم…

قسمٌ عقلُهُ في مكانه ،يستيقظُ في الصباح الباكر ،يحمل حقيبتَهُ ويتَّجِهُ لبيتِ علمه يُنهي دُروسهُ ويتَّجِهُ عائداً لمنزله،يُبقي تفكيرَهُ في علمٍ ينفَعُه،

وقسمٌ يستيقظُ في كُل صباح ،يوهِمُ أهلَهُ بذهابه لنيل العلم،يحمِلُ حقيبَتَهُ يسيرُ باتجاه الشارع ،ينتظر رفقتَهُ ،يلتقيهم ويدَعُ العلم ليبقى في الطريق..ينتقدُ المارَّةَ ويشعُرُ بلذةٍ عند فعل ذلك…فهذه وضيئةٌ جميله وتلكَ معطالٌ غريبه…هذه طويلةٌ وتلك قصيره…
“صحيح أنـك لا تعرف قيمـة ما تملك حتى تفقده ولكن الصحيح أيضـاً أنـك لا تعرف ماذا ستفقد حتى تفقدُه”

مقولةٌ أعجبتني ..فأنت أيها الشاب بدلاَ من أن تستفيد من شبابكَ بما ينفَعُكَ تختارُ أن تبقى ذو فكرٍ يميلُ لإرضاء النزعةِ السلبيَّة المتجمعةِ في داخلك..وتترُكُ شبابَك يضيعُ بلا عنوان..

عنوانٌ يدَعُ لكَ بصمتكَ في حاضرٍ قادم…بصمةٌ تُخَلٍّدُ روحَكَ في جسَدِ الدنيا…أنت لا تعرفُ قيمةَ شبابك الذي ستَمُرُّ عليه ليلةٌ تأخذهُ معها لتذهَبَ به لمَسلكٍ لا عودة منه…

يذهَبُ هو و أنت تبقى وحيداً تُعيدُ النَّظَرَ بشبابك الذي ذهب سُداً..وتسألُ نفسك …ما الذي فعلته بشبابي ؟؟؟ ..تفيقُ نفسُكَ من نومها وتُجيبك ..لقد أضعتها بهذا وذاك ..تتألم لحالك..

وتقول “ليت الشباب يعودُ يوماً”..ولكن فات قطارُك …الذي يتمنى كلُّ من ذهب شبابه أن يركبهُ ويعودَ معه…فلو أنَّك عَرفت قيمةَ شبابكَ منذُ البدايةِ و أحسنت الاستفادة منه لَما اضطررت للتَّحَسُّرِ على ما فات…

وضيئةٌ تلك أم معطال …طويلةٌ تلك أم قصيره…لكَ نصيبٌ في الدنيا ستناله …استقبل شبابك بتفاؤُل …استقبله بمخطط يُؤرِّخُ روحَك فالحياةُ مستمره… أنت شاب.. تنالُ وضيئتك …يذهب شبابك …

يمُرُّ الحاضرُ برفةِ عين ..يكبُرُ طفلك ليُصبح شاباً ينتظرُ وضيئته…تجلسُ مع نفسكَ وتنظُرُ لطفلك الذي كبِرَ وأصبَحَ شاباً كما كنت…عقلُكَ ناضجٌ الآن …ونظرُتُكَ له تُذكِّرُكَ بشبابك.
.تقول في نفسك”هل كنت مثله؟”
فالوضيئةُ وضيئةٌ في نظرك والمعطال وضيئةٌ في عين غيرك…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى