
بسم الله الرحمن الرحيم
و تعطلت لغة الكلام بين الشعب و النظام
يصادف غدا السبت الذكرى السابعة لانطلاقة شرارة الحرية من ذيبان _ الحراك الشعبي الاردني . و اشرقت شمس حريتنا من ذيبان ، فسلام الله على ذيبان ..
سلام الله على بني حميدة .. سلام الله على الشجعان . قد افلحت ذيبان .. قد افلحت بنو حميدة .. قد افلح الحميديون الذين هم في خيمتهم صامدون ، والذين هم على الفساد ثائرون ، والذين هم للحراك فاعلون ، والذين هم على سلميتهم محافظون إلا على من يعتدي عليهم فإنهم غير ملومين . في السابع من كانون الثاني من 2011 انطلقت شرارة الحرية من ذيبان الابية ، أرض جدهم الملك ميشع رائد الحرية في زمانه ، ذاعر اليهود اعداء الانسانية قتلة الانبياء و الاطفال .
انطلقت شرارة الحرية من ذيبان الابية ارض جدهم الثاني الصحابي الجليل ” أبي ذر الغفاري ” رضي الله تعالى عنه قال عنه الحبيب المصطفى ” ما اقلّت الغبراء ولا أظلّت الخضراء اصدق لهجة من ابي ذر . في السابع من كانون الثاني عام 2011 انطلقت شرارة الحرية من ذيبان وما هي الا ايام وإذ بالبشائر تأتي من تونس التي قال شاعرها ابو القاسم الشابي قبل 100 عام ” إذا الشعب يوما اراد ” ولإن الكلمة الطيبة تؤتي اُكُلها ولو بعد حين ، كان الشعب التونسي هو اول من قال ” الشعب يريد ” .
ثم ما هي الا ايام حتى تلتحق مصر بالركب ثم ليبيا ثم اليمن ثم سوريا ثم العراق وكان ما كان وما زال حتى اليوم . حاول الشعب الاردني قبل كل الشعوب العربية الثائرة في وجه الظلم و الطغيان و الفساد ان يحافظ على لغة الكلام بينه و بين النظام ، لكنه مثل كل الانظمة العربية اصر على تعطيل لغة الكلام و كتم انفاس شعبه باستخدام كل اساليب العنف كالحجارة و القناوي و قنابل الغاز لقلع العيون و اصابة الرؤوس و كسر الاطراف ثم الاعتقال و الحبس و التعذيب و التخويف و الترهيب حتى تعطلت لغة الكلام بين الشعب و النظام ، وسكت الناس وعادوا بخفي حنين إلى بيوتهم خوفا من الأذى او القتل .
حدث هذا في الاردن ، لكن أشد منه حدث في تونس و مصر و ليبيا و اليمن و سوريا و العراق ،فقد اصرت كل الانظمة على تعطيل لغة الكلام مع شعوبها و كتم انفاسهم و اعادتهم إلى قمقم العبودية و الذل و الخنوع . لم تكتفِ الانظمة بذلك بل اصدرت قرارات و سنت تشريعات على عجل لتخويف و ترهيب كل من يحاول ان يعبر عن رأيه في مقال على صحيفة ورقية او الكترونية او على صفحات الفيس بوك ثم التضييق على كل الاحزاب السياسية ، فخرس الناس جميعا و الجموا بلجام القهر . ان الشعب الاردني هو الشعب العربي الوحيد الذي سكت و خرس و قَبِل على مضض هذا الاكراه بالقوة ، لكني اشك ان يكون هذا القبول صادقا ومما يؤكد شكوكي تلك الاختراقات الامنية الاربعة التي حدثت في الاردن في العام الذي انصرم للتو إذ نتج عنها ضحايا و اصابات كثيرة ، هذه الاختراقات التي لم تكن لتحدث لو لم تجد تعاونا او تسهيلا او غضا للطرف من بعض الاطراف .
اما الشعوب العربية الاخرى فلم تسلك سبيل الشعب الاردني عندما رأت ان انظمتها مصرة على تعطيل لغة الكلام معها ذهبت لمخاطبتها بنفس اللغة ” لغة السلاح ” لمواجهة السلاح بالسلاح دون النظر إلى حساب العواقب و عذرهم في ذلك ان النظام عندما استخدم السلاح ضدنا و نحن مسالمين لم يحسب العواقب فلماذا يُطلب منا نحن ان نحسب العواقب، و البادئ أظلم .
بالنظر للواقع الذي آلت ليه الامور في الاقطار العربية الاخرى ثبت بالوجه القطعي ان كل الانظمة التي قررت تعطيل لغة الكلام مع شعوبها و اخراسها و كتم انفاسها ومنعها من الاحتجاج السلمي ابتلاها الله بالاحتجاج المسلح وهاهي اليوم تدفع دماءً و ارواحاً ثمن قرارها تعطيل لغة الكلام مع شعوبها .
اما الاردن الذي ما زال في فسحة من أمره فأني أرى انه ما زال بالامكان استدراك الامر قبل فوات الاوان ، وذلك باتخاذ قرار عاجل من اعلى المستويات بالغاء قرار تعطيل الكلام مع الشعب و السماح للناس بالاحتجاج السلمي على كل ما يزعجه او حقهم في حرية التعبير عن أرائهم و المطالبة بحقوقهم سواء كان في الشارع او في المقالات الصحفية او المواقع الالكترونية او الفيس بوك ، و الغاء كل القوانين التخويفية التعجيزية التي اتخذتها الحكومة للتضييق على الحريات و القيام باصلاحات شاملة و اقامة ميزان العدالة .
بذلك يمكن قطع الطريق على التطرف و الذي اطل برأسه علينا طوال عام 2016 وحتى لا نجد بين شعبنا الطيب فردا واحدا يؤيد مثل هذه الاعمال . ارجو ان يستمع النظام للنصيحة و يعمل على استدراك الامر قبل فوات الاوان حتى لا يلتحق الاردن بالاقطار العربية المدماه . وهاهم شباب ذيبان بعد احتجاجهم القديم الدائم على الفساد و الفقر و البطالة و الغازاليهودي يشرعون اليوم باحتجاج جديد ضد سحب مياه المجاري من زيزيا إلى ذيبان ، فهل سيستمع لهم النظام ام انه سيستمر في تعطيل لغة الكلام ؟ .