
لِذتَ بملاذ.. واستعذتَ بمَعاذ (اعتقال الرأي)
محمد امين المومني
خمسةُ أشهرٍ دُونها خبرُ “جائحةُ كورونا” وقد لقينا منها عَنَتًا عظيمًا، وقد كانَ منها ما كانَ مِن ضيقٍ للعبادِ وكسادٍ في البلاد، وفوقَ هذا كُله عُسر الحالِ وكُرب الحياةِ برُمتها، وهذهِ الأوضاعُ كلها بناتُ ساعاتها.. إلا واحدةً ما لها من فَوَاق.
تتركونَ ما حاقَ بكم من أخطارٍ تُهددنا، وتشتغلونَ بما لا يُحقِقُ مصلحةَ الوطنِ في ظروفٍ أنتم تعلمونها علم اليقين، وقد حسبتم ذلكَ سدادًا وما كانَ كذلك، ولستم ببالغيه ولو بشِّقِ الأنفسِ.. فليسَ بمقدورٍ أحدٍ أن يتحملَ ما لا طاقةَ له به، يكفيهِ من لوعةٍ الحياةِ ما يحلمهُ على نفسهِ كُرهًا على كُره، وهذا مما يغيض.
لن تبغلوا سُؤددًا أَو ترتفعوا منازلًا أو تتصَّعدوا السماءَ إذا حاربتم الشبابَ لكلمةٍ هو قائلها في أمرٍ ما، ولئن رغبتم في تكميمِ الأفواه وإسكاتِ أصواتِهم، فإنَّ ذلكَ يُعد تجاوزًا صارخًا للدستور ومواده التي تكفلُ حقَّ الأردنيِّ في التعبيرِ عن رأيه.
لن أَجِدَ وصفًا يُكافئُ همةَ الناشطِ والحقوقي “مُعاذ”، وإنَّ الذي لاقاه لهو البُؤسُ بعينه، وتجاوزٌ للدستورِ الذي نعيشُ في مظلته، وإنَّ قرارَ توقيفهِ من محافظ عجلون دونَ حُكمٍ قضائيٍّ وبشكلٍ تعسفيٌّ لكلمةٍ أو رأيٍّ يُبديه مُخالِفٌ لتوجيهات جلالةِ الملك الذي نادى بأن ترتفعَ أصواتُ الشباب.
إنَّ الشبابَ يعيشُ بُؤسًا شديدًا لم يصلوا إليه من قبل، وإنهم يستشفعونَ بالأقدارِ بُغيةَ خُروجهم من مأزقهم هذا، وأيُّ شبابٍ يحيونَ به وكأنه ممات، وهم غُرباءٌ في وطنهم بلا عمل.. بلا أمل.. بلا مُستقبل، تقذفهم أمواجِ الحياةِ وتصفعهم الخيباتُ من كُلٍِ حدبٍ وصوب، وتراهم هائمينَ ضائعينَ محرومين..
إنَّ الشبابّ هو عمادُ الوطنِ وذروةُ سنامه، وهم الوقودُ إن يستدعي الوطنُ وقوده في النُهوضِ به أو الدفاعِ عنه، وإنَّه يلوذُ بهم لملاذه.. ويستعيذُ فيهم بمَعاذه.. وإنَّي لكم من الناصحين.. أن تركنوا الشبابَ لصدماتِ الحياةِ التي رسمتوهما لهم.. فهي قادرةٌ على إقصاءه إن كُنتم راغبين.. وإنها لكفيلةٌ في إسكاته إن كُنتم فاعلين.. فلا تُشغلوا أنفسكم بما يفعله غيركم..!
تعتصرني كما تعتصر قلوبَ الشبابِ المقهورِ أملٌ بالإفراجِ عن الشاب والناشط والحُقوقي “معاذ الوحشة”، والذي جرى توقيفه من محافظ عجلون لمُجردِ تعبيرهِ عن الرأي في العاشرِ مِنَ الشهرِ الجاري، والذي أعلنَ الإضرابَ عن الطعام منذُ لحظة توقيفه.. وحتى الآن.
Mo.almom16@gmail.com