ملتقى فضاءات يواصل احتفاءه بالمبدع جمال أبو حمدان لليوم الثاني.. صور

سواليف

ملتقى فضاءات يواصل احتفاءه بالمبدع جمال أبو حمدان لليوم الثاني.
ندوة رواية وروائيون شهادات إبداعية

لليوم الثاني على التوالي تابع ملتقى فضاءات السادس للإبداع العربي ندوته فعقد ثلاث ندوات كان أولها ندوة رواية وروائيون التي قدمتها الروائية الأردنية نوال قصار، وكان الروائي الأردني عبد السلام صالح أول المتحدثين ومما جاء في كلمته التي تحدث فيها عن روايته أكثر من وهم، قائلاً: في زمن أقل ما يقال فيه أنه متوحش.. في ظل فساد كل شيء، ما الذي يمكن أن تكتبه أو تقوله؟
وتحت تأثير بلاغة الواقع ومغالاته في القبح، أشعر أن أي بلاغة أحاول اقترافها تشعرني بالضآلة والمحدودية. ما الذي أحاوله إذا.
أكتب كي لا أموت، كي أستطيع المواصلة والاستمرار، ربما لآن الكتابة من الاشياء القليلة التي قد تشعرك بأنك ما زلت أنت.
ثم تحدث الروائي الفلسطيني حكيم خاطر حيث قال: اما الْيَوْمَ فلا أرجو من اصولية الكلاسيكيين الرحمة بِنَا، ولا اناشد افواههم متفوهة الحرية تقبل حرية المغاير. فالأقلام لا تكذب، والعيون المتعالية لا تبصر، والمفاهيم المستنبطة لا تلزم غير صاحبها.وكما قال هيدايو كوجيما..
“اخر الأشياء الباقية التي يمكن ايصالها الى الجيل القادم، أيقونة عجوز لا تنفك تتغير وتنمو”
وعن كوني فلسطينياً محاطا بهالة وجوب التعبير عن نوع واحد من الصراعات والازمات كتبت مؤخراً..
“قبل ان تقاتل عدوك الاشد خطراً، على من قبلك تعليمك كيف تلقم سلاحك، ومن قبلهم عليهم ان يصنعوا البندقية، اما انت فعليك ان تهزم نفسك، عدوك الأخير”وهذا سؤال الهوية.
أما الروائي المقدسي اياد شماسنة فقد قدم شهادة طويلة حول روايته الرقص الوثني جاء فيها: وأنا سليل عائلة تحكي منذ خروج الحسين من مكة حتى اليوم، ثم تروي؛ لتساهم في تكوين الرواية، والرواية تأويل الحكاية.
كان اسمها أولا: فرانكشتاين في إسرائيل ،ثم رأيت الجنرالات يرقصون رقصا وثنيا حول حطب الحرب والصراع. رأيت البسطاء مصلوبين فوق أحلامهم وحقولهم. ورأيت الجدران تقوم بين القلب والقلب، بين الانسان والإنسان، والتاريخ يسرق أو ينهب أو يزوَّرُ وَيُباع. والأبناءُ يعاد تكوينهم بالعنف والقوة، تجهيلا أو تنميطا، أو غسيلا: بالدم والدموع والعرق.
كل الأحداث تتصاعد في حلقة متكاملة حول نار إغريقية تحرق ولا تخمد. لم أَرَ الفينيقَ ينجو من الحريق. لا تصدِّقوا من قال إنّه نجا، الأُسْطورَةُ هُنا توظَّفُ في خدمَةِ الجِنرالاتِ، تُخَلَّقُ أوْ تُقْتَلُ أوْ تُشَوَّهُ أوْ تُباعُ، ربما تخلق النار أُسْطورَةً أُخرى، لكن ما كان، لا يعود لا يعود أبدا كما كان.
ثم تحدث الروائي ايمن العبوشي صاحب رواية العادي فقدم شهادته الإبداعية، التي نقتطف منها: أنا لا أكتب الرواية، بل أجمعها كمن يبحث عن شظايا زهرية انكسرت بفعل الزمن، وأجعل منها قصة طويلة. وكل تلك الشذرات هنا وهناك قد تصنع لي رواية شاهدتها عن غير قصد ومن دون ترتيب؛ البشر في طقوسهم، والأشياء الشاخصة في حضرة الحركة.
لكن أعظم الصور التي رأيتها كانت ولا تزال في العوالم المفتوحة على مصراعيها، في الشارع وبين الأشجار وعلى مشارف البحر، حيث يصرّح المكان عن نفسه بوضوح ومن دون خصوصية تجعل منه غامضا يحتمل شكوك البشر وتأويلاتهم عديدة.
تكون الرواية أحيانا انسيابية وسهلة مثل نُدف الثلج تسقط على رأسي لتكسو مع الصفحات البيضاء كمال النص ونهايته، أو تقف أسابيع صمّاء جرداء أمام صحراء جدباء.
فالرواية تفتعل إغواءها ونزواتها ونزقها ونهايتها، حتى أشعر أنني أدوّر زوبعة بيدي لا أعرف إلى أين سينتهي شكلها أو كيف تخمد.
في الرواية..(العادي عناش، أبو علي، ذبّاح السودا) وغيرها من الأسماء لرجل واحد هي فصول الرواية الستة… وهو رجلٌ ليس طيبا أو سيئا، وليس شجاعا أو مغوارا أو جبانا، هو عاديٌبما يحكمه السياق… فلم يقم بعمل خارق يجعله رجلا فريدا من نوعه، إلا أن محيطَه البشري، والتطور الدرامي يجعلان منه شخصا سيذكره التاريخ، أو هناك يضعه السرد.
ثم اختتمت الروائية نبيهة عبد الرازق بقراءة نصوص من كتابها الأخير حناجر العذارى، ونختار نصاً مما قرأت بعنوان تفاصيل الغواية

هناكَ حيثُ الصلاةُ على حدودِ الاشتياق
والعالمُ غافلٌ
لا يدين للحقيقةِ بشيء
وحدَك في المكان
تختبرُ صبر المفردات
تُعيد تشكيلَ البدايات
حين أناديكَ
أيها الهاربُ من لغتي
ثم قدم الشاعر والروائي احمد ابوسليم رؤية نقدية في ثلاث من الروايات:
الرَّقص الوثني لإيَّاد شماسنة
متتالية الخسارات

إنَّ رواية الرَّقص الوثنيُّ لإياد شماسنة، محاولة لإتمام ما بدأَه غسَّان كنفاني في روايته عائد إلى حيفا، قبل خمسين عاماً، وهو بذلك يشرُّع الأَبواب أَمام المقارنة، والمقاربة، مع أَخذ الظُّروف المحيطة المختلفة بعين الاعتبار.
ينحى شماسنة إلى رسم خطوط روايته، بشكل هندسي مدروس، ضمن دائرة جغرافيَّة، إجتماعيَّة، معروفة جيِّداً لديه، من خلال شخصيَّات بُنيت بعناية وانتباه، لتخدم الفكرة الرَّئيسة للنصِّ المُضاف، والنصِّ المؤسِّس له، وهو هنا عائد إلى حيفا، وهي فكرة إشكاليَّة الهويَّة، وتعالقها مع الواقع، فرواية الرَّقص الوثني هي رواية فلسطينيَّة أُخرى تطرح سؤال الهويَّة من أَوسع أَبوابه، ضمن عمليَّة مقارنة بل صراع مضطرب مع الهويَّة الصُّهيونيَّة على البقعة الجغرافيَّة الواسعة أَي فلسطين بشقيها المُحتلِّ عام 1948 والمحتلِّ عام 1967.
كيف لا يكون سؤال الهويَّة هو المحور الرَّئيس في الرَّقص الوثني، وقد بُنيت على أَساس هذا السُّؤال فكرة عائد إلى حيفا؟
الفتاة لحكيم خاطر

مقالات ذات صلة

“فإمَّا أَن نتعامى، فنضيع في مثاليَّة أَجدادنا، أَو نبصر فنضيع ونغرق لنطفو ولو بعد حين”
وفي كلا الأَمرين ضياع بطريقة ما، في الحالة الأُولى هو ضياع في سجن الماضي الَّذي يكبِّل كلَّ أُولئك الَّذين يجعلون من الموروث نصَّاً مقدَّساً لا يجوز المساس به، فيفقدونه عنفوانه وبريقه، ويحكمون عليه بالموت، خنقاً، وفي الحالة الثَّانية هو ضياع من نوع آخر، ضياع في العتمة الَّتي خرجت من دائرة الزَّمن.
يختار حكيم خاطر في روايته “الفتاة” ضياعه على طريقته الخاصَّة، فهي ليست رواية بالمعنى الكلاسيكيِّ للرِّواية، وهي أَيضاً ليست مجموعة من الخواطر، لا شخوص بعينهم، ولا أَحداث تتوالى في الزَّمن، إنَّه بطريقة ما يحاول أَن يخرج من نمطيَّة الكتابة إلى الكتابة الجديدة، تلك الَّتي يتداخل فيها الضَّوء بالعتمة، ولا يعود ثمَّة مرجعيَّات أَبداً….
إنَّه الضَّياع….كما ذكر هو ذاته منذ البداية.
ماذا يوجد بعد الوهم في رواية
أَكثر من وهم/لعبد السَّلام صالح

إذا أَردتَ أَن تتوقَّف أَمام نمط الكتابة الجديدة الجامحة، المُختلفة، المُستفزَّة، المُخالفة لما هو مألوف، فلا يمكن لك أَن تتجاوز الرِّوائيَّ عبد السَّلام صالح، خصوصاً في روايته الأَخيرة الصَّادرة عن دار فضاءات: أَكثر من وهم، حيث يجتمع الواقعيُّ بالمُتخيَّل، والصُّوفيُّ بالجنسيِّ، والماديُّ بالمعنويِّ، والعاجل بالآجل، وكذا الشعريُّ بالنَّثريِّ، في صدد العلاقة بالشَّكل أَيضاً، فتتداخل الخيوط إلى تلك الدَّرجة الَّتي تشعر فيها، كقارئ، أَنَّ عليك التدخُّل بنفسك كي تفضَّ اشتباكها.
تتركَّز القيمة الفعليَّة لبعض الأَدب في جموحه، وهذا بالذَّات ما ينطبق حسب اعتقادي على رواية أَكثر من وهم، وقد تجلَّى الجموح هنا في عدَّة محاور، كلغة الوصف الَّتي وصلتْ بالقارئ حدَّ الاستفزاز، لأَنَّه لم يعتد على مثل هذه اللُّغة في الأَدب الملتزم، حيث تميل اللُّغة في بعض المواضع في الرِّواية إلى لغة الشَّبق كما توجد بكراً في الوعي الإنسانيِّ دون رتوش، أَو تجميل، وتصل حدَّ استعمال العاميَّة، في محاولة للتَّوصيل أَكثر، كما يتجلَّى الجموح في مخاطبة الأَشياء بأَسمائها، متخلِّصاً من القيود الثقيلة الَّتي يضعها المثقَّف على نفسه أَثناء إنتاجه لنصِّه الإبداعيِّ، ما يُفقد النصَّ مصداقيته في كثير من الأَحيان.
اما الناقد محمد سلام جميعان فقد قرأ ورقة نقدية حول رواية العادي وكتاب حناجر العذارى:
أيمن العبوشي في عالمه الروائي

إنَّني إذ أختار هذا العنوان للحديث عن رواية )العادي( للروائي أيمن العبوشي فإنَّما لألفت الانتباه إلى الجدلية التي تحكم بطولة العمل الروائي لدية، إذ تنأسر الشخصية البطلانيَّة في مساراتها ومصيرها من تماهي البطولة والنرجسية معاً في صميم تكويناتها وانفعالاتها. ففي روايته نلمس كيف يتحوّل البطل الوهمي الذي تعاظمت فيه الأكبريةوالأكمل​ية والأعظميَّة عبر الخضوع لتصورات وتمثّلات واعية ولا واعية ساهمت عوامل كثيرة في إعلائها، منها ما هو بفعل الوجدان الديني والخديعة السياسية والمثل والقيم الاجتماعية، وغيرها، مما يجعل البطل المتبطّل تاريخياً واجتماعياً مستعلياً بأناه، لا يلبث في خواتيم الأعمال الروائية للعبوشي أن يتحول إلى بهلوان وخادع ومخدوع في الآن ذاته، لأنه لم يكن صنيعة نفسه بل هو ثمرة توتّر صراعي مع مجموعة من القواهر هي اللقمة والسلطة والطبيعة.
فالعادي جزء من بنية كبرى مشوَّهة ومستلبة للأوضاع الراهنة المتشكّلة في وعي جمعي تسيطر عليه الذُّهانيّة. فالأنا الواعية للشخصيات تتشكّل في جدلية الواقع من مجموعة من القواهر والإحباطات التي تحول دون القدرة على التكيُّف أكثر من التكيف مع مستلزمات البقاء والاستمرار البيولوجي.
حناجر العذارى لنبيهة عبد الرزاق
في التعريف الرديف للعنوان المركزي، تُثبتُ المؤلفةُ عبارة ( نصوص) كدالةٍ ملحقة تكفي للاعتذار للقارئ عن أيِّ تجنيس للونها الكتابي، فهي نصوص وحسب. وهو مهربٌ مراوغٌ يُخصِّب الرؤية ويُفسح للفكرة تدبُّرَ الذات، وفتح ميادين تأويليَّة بعيدة – إلى حدٍّ ما- عن قصيدة النثر.

ليس من السهل في هذه النصوص الممايزة بين الانفصال أو الاتصال بين الذات والآخرـ لآنَّ المرغوب والمحظور يتناوبان الحضور، فمرَّة تتوحَّد الأضداد، ومرَّة تنفصل، فتبدو الحالةُ تعبيراً عن تطهُّر أو تسامٍ أو تلاؤم( من الملاءمة)، فماذا تريد الكاتبة أن تمحو، وماذا تريد أن تُثبِت؟ فالكلمة والعبارة والصورة هنا أشبه بحلم ضبابيٍّ يُعبِّر فيه اللا وعي عن إكراهات وانفعالات وتطلُّعات تسعى إلى التكيُّف مع الواقع ومع الآخر، بحثاً عن لحظة اطمئنان وإيناس.
فما بين المنطوق والمسكوت عنه تكمن رحلة البحث عن الشّبه النقيّ في غابة الاصطراع القيمي بين الحقيقي والزائف، وفي هذا كفاية لاحترام هذه النصوص وتوقير ما تؤشر عليه من هواجيس فاضت بها حنجرة مجروحة بصمت يغالب الكلمة، وينتصر للموقف. ولكلِّ واحد منّا أن يرى في هذه النصوص ما يشاء وهو يقرأها بحياد المرآة.

ندوة التجريب في قصص جمال ابو حمدان
د. إبراهيم خليل
لو لم يكنْ جمال أبو حمدان كاتب روايةٍ، وقصةٍ قصيرةٍ، ومسرحيَّةٍ، لكان شاعرًا، بلا رَيْب، ذلك لأنَّ منْ يقرأ آثارهُ، تتكشَّفْ لديه ظاهرةٌ تَطْغى على ما يكتُب، وُيؤلّفُ، وهي ظاهرةُ الشعر، التي تنْبَعث بإشراقاتها من خَلَل السطور، والحوار، وحتى منْ خَلَل الألفاظ النفَّاذة العَبِقَةِ بما تخثَّر فيها منْ ماءِ الشعر، وروْنقِ القريض. وما يتصادى في أنْساقِها منْ إيقاعاتٍ موسيقيَّة، وجروسٍ رخيمَةٍ، يتعمَّدُ الحفاظَ عليْها في السرْد، والوصْف، والإنْشاد، وكأنها ضرْبةُ لازم، مما يقرِّبُ نثرهُ من الشِعْر؛ سَلاسةً، وتراكيب. وهذا ليس بغريب ولا عجيب فقد كان شاعرا وإن ظل شعره قليلا، فقد اطلعنا على قصيدة له بعنوان عمان تنم عن شاعرية رقيقة ، يقول في بعض الأبيات منها:
يا جارة الشمس، هذي الشمس إن غربت
أشرقتِ أنتِ بأنسِ الحبِّ حين صفا
قد تُكسفُ الشمسُ إذ َيْخفى توهُّجها
ووهْجُ حسنك يا عمانُ ما كُسفا
وإن تناءت شعابُ الأرض واغتربتْ
عن السماء، وجفَّ الوصلُ حين جفا
ادارت الندوة الدكتورة هناء علي البواب فقدمت الشاعرة والكاتبة زليخة أبو ريشة لتقرأ من قصص جمال أبو حمدان، وكانت قد كتبت شهادة حول علاقتها وتعرفها بالمبدع وعائلته جاء فيها: كنتُ في السنة الجامعيّة الثانية عندما تعرّفتُ إلى تيسير سبول وجمال أبو حمدان وعدد من أدباء الأردن وشعرائه الشباب. كانوا ينهضون بالإذاعة الأردنيّة التي كانت تستقطبُ أفضلهم، ويصنعون لها مكانةً متفرّدةً في المنطقة. وكان مثقفو تلك الفترة يحرصون على القدوم إلى أول جامعةٍ في الأردن والتعرّف إلينا. بل لقد نشأت آنذاك بيني وبين بعضهم صداقةٌ ظلت مع الأيام. غير أنَّ توثّق العُرى مع جمال سينتظرُ أعواماً طويلةً حتى أزوره في بيته في مرج الحمام، وأعقد معه ومع ريما مودّةً عميقةً ستظلُّ حتى الساعةِ.
لم يكن جمال في يومٍ من الأيام صاخباً، ولكنّه كان حاضر البديهة ساخراً. أحضرَ يوماً حجراً من البيتِ الذي وُلِدَ فيه في قرية رساس في جبل العرب في سوريا، ووضعته ريما في بيتٍ زجاجيٍّ، فقال جمال: هناك حجران أسودان؛ واحد في مكة والآخرُ في بيتي.
ثم تحدث الدكتور إبراهيم خليل: لو لم يكنْ جمال أبو حمدان كاتب روايةٍ، وقصةٍ قصيرةٍ، ومسرحيَّةٍ، لكان شاعرًا، بلا رَيْب، ذلك لأنَّ منْ يقرأ آثارهُ، تتكشَّفْ لديه ظاهرةٌ تَطْغى على ما يكتُب، وُيؤلّفُ، وهي ظاهرةُ الشعر، التي تنْبَعث بإشراقاتها من خَلَل السطور، والحوار، وحتى منْ خَلَل الألفاظ النفَّاذة العَبِقَةِ بما تخثَّر فيها منْ ماءِ الشعر، وروْنقِ القريض. وما يتصادى في أنْساقِها منْ إيقاعاتٍ موسيقيَّة، وجروسٍ رخيمَةٍ، يتعمَّدُ الحفاظَ عليْها في السرْد، والوصْف، والإنْشاد، وكأنها ضرْبةُ لازم، مما يقرِّبُ نثرهُ من الشِعْر؛ سَلاسةً، وتراكيب. وهذا ليس بغريب ولا عجيب فقد كان شاعرا وإن ظل شعره قليلا، فقد اطلعنا على قصيدة له بعنوان عمان تنم عن شاعرية رقيقة ، يقول في بعض الأبيات منها:
يا جارة الشمس، هذي الشمس إن غربت
أشرقتِ أنتِ بأنسِ الحبِّ حين صفا
قد تُكسفُ الشمسُ إذ َيْخفى توهُّجها
ووهْجُ حسنك يا عمانُ ما كُسفا
وإن تناءت شعابُ الأرض واغتربتْ
عن السماء، وجفَّ الوصلُ حين جفا
أما الدكتور الناقد محمد عبيد الله فقد قدم ورقة بعنوان عالم جمال أبو حمدان والكتابة باللون الرمادي، نضي بعضها حيث قال:
انطلق الأديب الراحل جمال أبو حمدان (1944-2015)، في مجمل تجربته الإبداعية من موقف واضح راسخ تجاه الكتابة الإبداعية، وذلك بوصفها ضرباً من محادثة النفس، أو الحوار مع الذات، ووصف في شهادة أدبية نادرة أوّلَ لقاءاته مع الكتابة وصفاً دالّاً، يكشف عن طبيعة كتابته رؤية وتعبيراً، يقول: “أول لقاء لي مع الكتابة تمّ في ليلة أرق مضنية، التقيت فيها مع ذاتي لقاءً مباغتاً، وكنت صغير السنّ صغير التجربة، أفقتُ فزعاً على حلم فيه موت..وكان الآخرون من حولي يقظين على موت حقيقي وناجز..فما جرؤت على أن أحدّثهم بحلمي..فانزويت حزينا على ورقة..ولو نجحت في محادثة نفسي، لظلّت الورقة بيضاء..لكني فشلت..ومن يومها لم أتوقّف عن الكتابة لمداورة ومراوغة ذلك الفشل…
ومن يقرأ كتابات جمال أبو حمدان سيجد أنها حقّاً ضرب من الحوار الذاتي العميق، لا يدّعي فيه الكاتب معالجة هموم عامة أو قضايا كبرى، وهو “تذويت” قصدي رغم صياغته العفوية، يتجاوب مع طبيعة الكتابة ووظيفتها عند أبي حمدان. فهو يرى -استئنافا للمنظور الذاتي- أن الكتابة أقربُ إلى فعل مستقل لا يتأسس على مقاصد خارجية، ورسالتها في ضوء ذلك رسالة إبداعية لا تستمدها مما هو خارج عنها، بل من طبيعتها الذاتية وعالمها المغلق عن “الخارج” وهمومه وقضاياه.
وقرأت ترف جمال حمدان ابنة المرحوم مقتطفات من شهادة المدع الراحل جمال ابو حمدان المسماة جمال نامة.
بعد ذلك انعقدت الندوة الثالثة التي أدارها الكاتب محمود الريماوي الذي قدم القاصة عطاف جانم فقرأت من مجموعتها الصادرة حديثا شارة الخلاص، ثم قرأت القاصة حنان بيرتي قصة من مجموعتها ليت للبحر لسانا يحكي، وقرأ الكاتب السوري منذر السليمان من مجموعته وجهة غير واضحة قصة المغفل، ثم قام الكتاب بتوقيع كتبهم للعديد من الحضور

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى