أبجدية مقلوبة / منصور ضيف الله

أبجدية مقلوبة …

على غير هدى سحبت ذيل أقدامي ، أعلام حمراء كثيرة تخفق أمام المركز الثقافي ، شبان يستعرضون بتحد ظاهر ، وسيارات فارهة تقف ، وبذلات مختلفة الألوان والماركات ، على غير هدى دخلت ، قريبا من البوابة يقف بعض المعازيب ، أتقدم نحوهم . ” قوكم ” ، وجاء الجواب متحدا ممتدا ” قويت ” . كنت طيرا صحراويا حل . منشورات حزبية تستلقي مسترخية على طاولة فارهة ، عيون كثيرة ترقب ، ينزلق البدوي داخلا ، يتمترس في مقعد متوسط ، وحيدا كذئب عضه الجوع في فلاة مقفرة .

تتدفق الجموع ، تجلس قربي سيدات . بتؤدة وهدوء وصمت ينطرن البداية . تأبينية يعقوب حدادين . في المنصة الرئيسة يجلس أصحاب الكلام ، طاهر المصري ، ليث شبيلات ، واخرون ، بعضهم أتى من القدس . روائح العطور تخطفني ، الملابس الأنيقة ، لمع الذهب على النحور الرقراقة ، ويبدأ الحكي ، وحده ليث لفت نظري . لم تتح لي فرصة صعود المنصة ، رغم الرغبة الجارفة . فبعض المنصات غالية .وبعض الحكايا عن أبي خليل نادرة ، وطريفة ، وتحتاج فقراء أقحاح حقيقيين لتسطيرها .

خرجت من اللمة ، تنفست هواء نقيا ، الشوارع تنوس بأبجدية مقلوبة ، والسيارات تهرب إلى آخر الطريق ، وثقل يخيم على الصدر ” ورم لا يمكن استئصاله ” من سيرعى الصغار ؟ ماذا يمكن أن أجيب عندما تتعلق أصغرهم تطلب أمها ؟ ورم . نتحاج أحيانا حلولا صعبة أمام مسائل صعبة . ولا تبرير ، فالحياة ستمضي ، والقيمة الحقيقية في الهدف .

مقالات ذات صلة

آخر مرة في زيارة الجامعة الأردنية ، انطلق الدكتور طارق بسيل من المواساة والتعزية ، هو القدر ، وما كتبه الله كتبه ، وعلى الإنسان أن يواجه أيامه بشجاعة وفرح . قد تتعرضين لنزيف في أية لحظة ، هو القدر . وتغرق الأم في الله ، أو يغرق فيها ، كل ليلة تغرق ، وترحل في جولات روحانية تتعمق تدريجيا . غاب الورم ، او بدا هكذا على أقل تقدير ، ومضت الحياة طبيعية ، ما أجمل انتصار الإنسان على ذاته ، ما أروع أن ينكشف غطاء الأشياء ، وتظهر حقيقتها ، يا إلهي كم نحن نعيش الخديعة برضى وقناعة وإيمان . وحينما ينهاز الزيف ، ويتداعى الوهم تضيق فسحة الزمن ، وترحل لحظات الفرح ، ونبقى وحيدين يأكلنا الندم والقهر والفجيعة .
نحتاج صلابة حقيقية ، بقدر حاجتنا إلى فرح حقيقي ، وإلى تقدير سليم لقيمة الأشياء ، أن نتجاوز الأصنام العتيقة في داخلنا ، ومسؤولية تربيتنا ومناهجنا لا يداخلها شك . سينتصر الفرح ، ستنتصر الحياة ، هكذا قال الله .

«اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَقَعْ حَبَّةُ الْحِنْطَةِ فِي الأَرْضِ وَتَمُتْ فَهِيَ تَبْقَى وَحْدَهَا. وَلكِنْ إِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ.»

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى