لا بساس أم لا مساس!!! / د . ناصر نايف البزور

لا بساس أم لا مساس!!!

كم تندّر الأردنيّون من تصريح سعادة المهندس عاطف الطراونة رئيس مجلس النوّاب المحترم و هو يُشدّد بحزم على أنّه لن يسمح ب “مساس الحكومة بجيب المواطن الفقير”!!!
بعضهم قال: لقد عبثوا بالبنطال!!! و قال آخر: لقد شلّحونا ولم يكتفوا بالجيبة!!! و صاح ثالث: الجيبة مخزوقة سعادتك!!!
في الحقيقة قد يكون سعادته أراد التورية؛ فقصد بالجيبة “سيارات الجيب” التي يمتلكها معظم الفقراء؛ و هنا لا أعني سيارات “الكيا سيفيا” التي يقتنيها الفقراء مِن باب التواضع؛ فهذه السيارات “ممسوسة” و “منحوسة” مِن دار أصحابها 🙂
و قد يكون سعادته أراد استخدام أسلوب “التناص” اللغوي ببلاغته المعهودة لتذكيرنا بقصّة “السامري” في القرآن الكريم في قوله تعالى: “لا مساس”… تعبيراً عن عزم سعادته “شل” و قطع اليد التي تمتد إلى جيوب الفقراء باللغة الدارجة أو بأن ينسفها في اليم نسفاً على حد التعبير القرآني الربّاني 🙁
السيناريو الأخر قد يكون باستخدام سعادته للفعل “مسّ” الذي يعني العلاقة الجنسية كما يرى بعض المفسّرين في قول مريم عليها السلام: “و لم يمسَسني بشرٌ و لم أكُ بَغيّا”!!! فقد باتت جيوب الفقراء حُبلى بالديون؛ فأراد سعادته تطميننا بقوله: لا حَمل بعد اليوم…. لكن لا ندري إذا كان سعادته يعرف أنّ هناك حبوب لمنع الحمل خاصة بجيوب الفقراء 🙂
السيناريو الأخير: فلربّما استعان سعادته بالمجاز المرسل في “علاقة ما سيكون”، لكنَّ زلّة لسانه نطقت ب “مساس” بدلاً من “بساس” (جمع بِس أي قِط)!!! و كأنّه أراد أن يقول: استمرار الفقر سينتج عنه عدم قدرة الفقراء على شراء اللحم و الدجاج؛ و بالتالي ستكون “الحاويات” خالية من العظام مما يستلزم اختفاء البساس من حاويتانا… 🙂
و هذا التأويل أبلغ و أقرب إلى الواقع؛ فقد لوحظ في الآونة الأخيرة تراجع أعداد القطط الأليفة في حاوياتنا الجميلة و تزايد عدد الكلاب الضالة و المفترسة قرب الحاويات و في الأزقّة بل و في الشوارع الرئيسة…. 🙁 البديع في الأمر أنّ الفقراء في وطننا يا صاحب السعاد باتوا يُزاحمون “البساس” المسكينة على الوجبات الدسمة التي تحويها حاوياتنا… 🙂
لقد نهشت بعض الكلاب الأوطان يا صاحب السعادة، فجاعت أسود الوطن من الفقراء… 🙁 لقد رأينا أبناء حرس الحدود البواسل والمرابطين على أمننا و سلامتنا بالأمس يتناولون بعض طعام الفقراء على وجبة السحور كعادة معظم أبناء الوطن الشرفاء؛ فيما نرى بعض الأثرياء المشبوهين يُنفقون عشرات بل و مئات الآلاف على فطورهم و سحورهم و مهورهم و طهورهم… مع أنَّ أكثرهم لا يعرفون عن الصيام سوى حشو البطون…. فلهم السحور، و الفطور، و المهور و الطهور؛ و لنا نصيب ال “هَم”، و ال”هَم”،و ال”هَم” و ال “هَم” في كُلِّ مناسبة من مناسباتهم… 🙁 فعن أيِّ “مساس” تتحدثون سعادتكم!!! 🙁 و الله أعلم و أحكم

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى