أوراق محروقة..لسراب يوسف

صدر مؤخراً للأديبة سراب ابو عصب وبدعم من وزارة الثقافة مجموعتها الاولى بعنوان “أوراق محروقة” وهي عبارة عن مجموعة نصوص أدبية وجدانية تميزت بالتجديد وابتداع الصورة الممزوجة باللغة الرشيقة …اخترنا لكم:

,لادة

أطلُّ على الأرضِ سيدةً للحدائقِ أو للحرائق

فأولدُ من جمرةٍ وردةً في سياج

و أحيا بموتي بيضاء من غيرِ سوء

أمدُّ يدي للغيوم فأمطر ضوءاً

ويغرقُ وقتي بآذار شهرَ حنين وبشرى غناء

تعالَ صديقي في الليلِ طيراً يمدُّ جناحيه

يحملني في المجازِ مجازاً

ويأخني كالدخان

ليجتاحني حجراً شجراً أو قصيدة

ويكتبني في الرحيل رحيلاً

يعلقني في الوريد دماء

ويفرغني من معاني الهباء

ليسلمني للبهاء

فأي الظلالِ ستحرس قلبي وتبعد ظلم الظلام إذا كانت المفردات خناجر؟

و أي الرياح ستحمل زرعي إلى الشمس؟

وكل رمادي البيادر؟!!!

لست كغيري

أنا ممن يموتون حباً، وممن يعيشون حباً

فلا تطلب من الريح أن تمارس معك جنون الهبــوب

ولا من القمر أن يطأ ظلك في رقصة

ولا من اللغة أن تكتب القصيدة عارية من اسمي .

لن تجد ولو بعضي في غيري

فالجنون ليس له مد إن لم أكن بحره

ليس له هطول إن لم أكن غيمه

ليس له نجمة ترشد التائهين إليه

إن لم أكن سماؤه وأرضه وجسده وفضاءه !

أتغيب عنك فتنكرني هواجسي

أحضر فيك فتنكر عليّ جموحي

تصيبك حمى السؤال فتبحث في غيري عن ملامحي

لكني العصية على التشبيه

ألمح كل شيء ولا ألمح أي شيء

يعذبني الجفاف وفي الجفاف يكون خصبي

أمضي حد الإنبعاث من العدم !

في حلمي يسير الواقع زمناً آخر

تحملني يداك فتفيض عني

ويحملني جسدك فلا أنقص ولا أزيد

تفلت مني فّي وأفلت منك فيك

تدفعني للعناق فأخترقك وتخترقني

أتورط في الوجع فأتجلى،

يحاصرني الحصار فأتنفسك هواء لكي أحتوي حريتي

أشاطر العشب اخضراره والبياض سلامته .

أقدم قلبي حتى أفتش عن ليلي فيك

أردي الحب الذي علمتني أن أصدق بوحه إن باح

أنتظرك حراً إلا مني

ألتقيك مهاجراً إلي

تغسلني بعطشك

تطرق أبوابي لتخرج منها

أفتحها فتنطلق داخلي تارة أخرى

الرابح الاكبر

عندما تشعر أنك ما عدت قادراً على احتمال الآخرين ، فكر بنفسك جيداً ، حاول أن تتجاوز عن مزقك ،

لا ترتعد أكثر ، اخرج من دائرتك و ألق عنك مدك و جزرك ، فتش في ملامحك عن الآخر ، واقرأ نفسك في مكانه ، لا تكتفي بأكل قلبك ، لا تطرق الحصى وتخرج أسلحتك التي تدمي ، جراحك أنت وحدك من يشفيها ، وأشلاؤك أنت من يجمعها ، لا تنتقل من الضحية للجلاد ، لا تسأل ولا تحاول اصطياد الكلمات من فخ الذاكرة ، اتركه لنفسه فإن لم يرجع لن تكون الخاسر لأنك حافظت على جدرانك ، حافظت على نقائك وبقيت أنت أنت ، لا مكان فيك يتسع لطعنات غيرك ، لن تموت سهواً ولا عن سبق إصرار وترصد!

تعلم من السماء كيف تكون رحيمة ، وتعلم من الأرض كيف تفتح ذراعيها للجميع ، لا تتدحرج ولا تقف على قمة الهاوية ، فكل كذبة هاوية ، انزع مخاوفك وقل : مرحباً حريتي،عالٍ لا تقبل السقوط ، لك في روحك ألف فصل ، تتعلم من أمامك و من ورائك و لا يضيرك لا الزبد و لا الإنكسار ، تعلّق في قامتك القوافي ، ترسم في السحاب صورتك فتمطر ، تنحت على الأرض ملامحك فتزهر . ابتعد عن المساحات الضيقة ، عن الخسارات ، عن الحماقات التي تفقدك الياسمين الذي تفتّح في شرايينك وأوردتك.

أدمن النسيان ولا تتذكر ، لا تتذكر إلا ذراعاً عانقتك ، وكتفاً رميت أحمالك عليه ، لا تتذكر إلا من أحببت ومن أحبّك ، ولتكن رسول المحبة في الحياة ، في جفائها تلمّس ودّها وفي قسوتها احتويها ، أعطها وستغدق عليك ، ولا تنتظر منها أن تمد ذراعيها! فمع كل انتظارٍ بتٌر جديد ، ومع كل عطاءٍ منك احتمال ولادة النبع من جوف الصخر ، لا تركب قارباً بل اركب البحر ، ضم ذراعيك حولك ، عندها ستلتفت إليك الحياة فيك ، وستعلن نفسك الرابح ، الرابح الأكبر!

همسة : “قيل يوماً : الوقت الذي نمضيه بعيداً عن أنفسنا محض خسارة ”

________________________________________________

سواليف تبارك للمبدعة سراب ابو عصب احدى كتاب سواليف هذا الاصدار مع امنيات التوفيق

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى