هل هي استدارة؟

مقال الأحد 7-10-2018
هل هي استدارة؟
تصريحان مباشران مثيران للإستفهام يحملان نفس الرسالة ، لم يفصل بينهما سوى ساعة واحدة..الأول لوزير الداخلية سمير مبيضين عندما قال : (مثلما يتيح الدستور حرية التعبير عن الرأي ضمن الحدود القانونية فإنه أيضا يمنع التجاوز على بنود القانون عند التعبير عن الرأي أو الاعتداء على الممتلكات العامة وتعطيل مصالح الناس وسيتم التعامل مع أي شخص يخالف القانون بمنتهى الحزم.) .
والتصريح الآخر لمدير عام قوات الدرك عندما قال: (سنضرب بيد من حديد لمن تسوّل له نفسه المساس بأمننا)..
هذان التصريحان فهما من قبل كثير من الناس على أنهما تهديد ووعيد وتراجع عن سياسة ضبط النفس السابقة ، وأن حرية التعبير والديمقراطية بدأت تتآكل حروفها بطريقة متسارعة ومتخبّطة ..ولأنني انقل دائماً في هذه الزاوية هاجس الناس وهم الناس وحديث الناس وجب علي أن أوصل التغذية الراجعة لمن يهمّه الأمر فالشكل الذي وصلت فيه الرسالة للشعب تشي بأن المرحلة المقبلة ستحمل من العنف والضغط والكبت ما لم نعتد عليه في السابق في عمر الدولة الأمر الذي كنّا نفاخر به دول المنطقة كلها ونتباهى به أمام عدسات كاميرات العالم حول الالتحام بين الشعب والأمن والرقي في الاحتواء..فسيادة القانون لا تطبّق فقط على أصحاب الرأي والتعبير والمسيرات السلمية وحتى المظاهرات التي تهتف ضد سياسات الحكومات، سيادة القانون يجب أن تطبّق على من أساؤوا للوطن بكسبهم غير المشروع وفسادهم وتصفيتهم للمؤسسات واستغلال الوظيفة.. سيادة القانون يجب الا تزأر في وجه الضعيف وتموء عند أقدام القوي والمتنفذ والمحمي.
وحتى لا تتسع الفجوة ، ولا تكثر التأويلات..إذا كان تصريح وزير الداخلية ومدير الدرك فهما على غير معناهما أتمنى أن يصدر عنهما ما يوضّح ذلك أكثر ويعيد الأمور إلى نصابها ، أما إذا كان التصريحان كما فهمهما الناس وهي الرسالة المباشرة “للعين الحمرا” فأرجو التراجع عن التفكير بهذه الإستراتيجية ،فالشعب لا يُهدّد ولا ينذر، سيما شعبنا الطيب الصابر الواعي الراضي بكل المحن..العلاقة بين الشدّة الأمنية والغضب الشعبي علاقة طردية ، لا علاقة عكسية..
كلما زادت القبضة الأمنية زاد الغضب واتسّعت الفجوة بين الدولة والشعب..والعكس صحيح..ولنا في الدول الشقيقة القريبة خير مثال..عندما تخلّوا عن سياسة الاحتواء واستخدموا “العين الحمرا” أصاب العمى الجميع ودخلوا بدوّامة العنف…
نصيحة محبّ لوطنه يفكّر دائماً بعقل غير مستفز..اتركوا للناس حرية التعبير ،اتركوا للناس الصراخ من الألم، لا تصادروا حقهم في الخوف على وطنهم …عندما تتألم من وجع في يدك أو ساقك..ذلك يعني أن يدك أو ساقك ما زالت حيّة…العضو الذي لا يتألم عضو ميت..ونحن شعب حي..وسنبقى شعبا حيا …
أرجوكم..لغة التهديد لا تليق بالشعوب .

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. الرجل الرشيد الذي أدارت فكرته حدث الرابع يجب أن يستمر.. لأن الأردن إرتقى بإدارته سياسة الإحتواء..!

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى