صناعة الفرح . . / أحمد المثاني

صناعة الفرح

نحمد الله ، عزّ و جلّ ، أن جعل لنا من الناس مَن يسرّ الخاطر ، و يبهج النفس .. أؤلئك الذين فتحوا أعينهم .. و أعيننا على كلّ جميل في هذه الدنيا ..
و هذا الصنف من الناس يتفاءلون ، و يحبّون أن يروا كل ّ شيء بمنظار السعادة و الفرح ، بعيدا عن كل
أشكال النظرة السوداوية للحياة ..
كتب أحدهم و هو قد تجاوز عقود عمره الستة
أنا لي قلب لم يجد اليأس و لا الحقد اليه سبيلا
قلبي ، مازال معاندا .. لا يعترف بانقضاء عنفوان
شبابه .. فمازال فتيّاً ، يهزّه الشّوق ، و يستهويه الجمال .. فوردة جميلة أو وجه غادة حسناء أو
لحن جميل .. كل ذلك كفيل بأن يجعله يهتزّ فرحاً
ففي داخلي و داخلكم لو اعترفتم ، قلب يعشق
و يحب .. في داخلي طفولة لم تهرم .. نعم في داخلي طفل صغير يتنطط ، محبوس بقيود الوقار الزائف .. و شهادات الميلاد ..
قلبي متمرّد على شيخوخة النفس التي يعيش فيها بعض الناس .. و متمرّد على الموت المبكّر قبل ان
تحين ساعته ..
قد تقولون ما لهذا الستينيّ يتصابى .. أقول لكم
عيشوا حياتكم ، و استمعوا لنبض قلوبكم ،،
لا تجعلوا الجمال و حبّه إثماً .. و في دواخلكم
تتمنونه .. لا تجعلوا الحبّ في قائمة ممنوعاتكم
تخفونه بين السطور ، و الصدور .. فلا تبوحون به
لحبيب .. و في دواخلكم نار تشتعل ..
مشكلتنا جفاف عاطفي .. باتت معه حياتنا روتينا
قاتلاً ، فقدت فيه العلاقات حميميتها و روحها
و فقدت الأشياء جمال ألوانها ..
الأزواج باتوا في حال الشركاء .. و الزواج في
حال الشركة .. علاقات ربح و خسارة و حسابات
و مطالب ليس فيها للروح مطلب .. و لا للسعادة
مجال .. و اذا دخلت الأنانيّة من الباب .. خرج الحبّ
من الشّبّاك ..
و غابت الصحبة الطيبة بين الأصدقاء ، فلا أنس
و لا مودّة و لا وفاء .. لقد تصحّرت حياتنا الاجتماعيّة
و تباعدت عنّا تلك الايام الجميلة التي صارت في
سجل الأمنيات و الذكريات .. فأصبحنا من ضيق
يحاصرنا نتمنى أن تعود تلك الأيام ..
لو سألتم ما سبب الكثير من معاناتنا ، و خشونة طباعنا .. و ضيقنا من أنفسنا و من بعضنا ..
إنّه انعدام حسنا بحب حقيقي بيننا ..
فأين من يعيد لأيامنا بهاءها ، و للأفراح مسرّاتها
فقد أصبحنا نقيم أعراساً و حفلات ليس فيها فرح
حقيقي .. فقد غاب تحت ركام المظاهر الكاذبة و المجاملات المصطنعة .. لقد أصبحنا ناكل و نلبس
نغني و نرقص .. مثل ريبوتات .. تعمل ببطارية
ايها الناس ، بتنا نبحث عن ضحكة تزلزل كياننا
و تهزّنا .. و تدخل السعادة الى نفوسنا
اين هم صنّاع الفرح الحقيقي ..و ليس المزيف
و المزيّن بالعلب الجميلة ..
ايها الناس ، اتركوا قلبي و ان شئتم قلوبكم تعيش
عمراً قصيراً ..
اريد أرجوحة أطفال .. أريد أن اركض خلف فراشات
الحقل .. أريد بالونات ملونة ..
أريد عشقاً يهزّ قلبي .. و يعوضه عن كل يأس
أريد حبّاً .. يحيي بذوراً ، لتزهر ورداً
أيها الناس ، أريدكم معي في جنون قلبي
فقلبي .. مازال حيّاً ..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى