المدينة الفاضلة (الذكية) / جمال الدويري

المدينة الفاضلة (الذكية)
وأخيرا, شرب شهريار القراح, وأفرج عن الكلام المباح, ونطق الجوهرة, وروى فضول الجمهرة, وسمّى موقع المدينة الفاضلة, او كما يحلو لبعضهم تسميتها (المدينة الذكية), يعني بتفكر لحالها.
وُلد المولود, وبلا قابلة او شهود, وبات الجميع على علم بإحداثيات المدينة الجديدة, دون ان يتطرق أحد من الخمسة البررة بخلع الاسم المناسب على هذا المولود الحديث لندعوه به. ( ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا أباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم ) صدق الله العظيم
ولا أدري في هذا المقام لماذا اتذكر العبقري النووي الشاب خالد, وهو يتحدث عن المفاعل الذري الذكي جدا, والذي (باطفي لحاله) والمنْوي اقامته على ارض مملكتنا الحبيبه, وبالحديث عن المدينة الذكية, لم يذكر المتحدث, سر هذه التسمية (الذكية), وهل اذا ما كانت هذه المدينة قد اقتدت بالمفاعل الذكي وصارت (تفكر لحالها) ايضا.
ما علينا…عرفنا اخيرا اين تكون المدينة الذكية, ولكن هذا العلم أكد على عدم ذكاء من خطط لها ان تكون حيث خطط وقرر. ولم تكن كما ذكر رسميون بأنها ستبتعد عن العاصمة حوالي تسعين كيلومترا, وقد ثبت هلالها شرعا, على رأس مثلث متساوي الأضلاع (عمان, الزرقاء, الجديدة الذكية), وبأضلاع طول الواحد منها ثلاثون كيلومترا فقط, وليس تسعون كيلومترا كما زعموا. وهذا يعني ببساطة, ان المدينة قد حُشرت مجددا في خرم الابرة, والذي ارادوا تحاشيه هنا, للحيلولة دونها وما حدث في العاصمة الحالية وما حولها.
نعم…وأضيق من خرم الأبرة سيكون هذا المثلث الخانق المحدود المساحة الكثيف السكان والذي سيصبح خلال سنوات قليلة محجّا للصناعة والتجارة وطلاب الوظيفة والترفيه والسكن, تماما مثلما أصبحت عمان والزرقاء وما بينهما.
الحكمة ايها السادة من التجديد والتغيير, هي ان يتجنب الجديد أخطاء القديم والماضي, ولا يكررها بالحاضر والمستقبل, وغيابها ايها السادة, هو الغباء المطبق وعدم تعلم الدروس, وشرها أن يلدغ المؤمن من جحر أكثر من مرة. وفي موضع المدينة الجديدة, ذكية كانت ام غير ذلك, وعاصمة ستكون ام سواه, ارى ان من خطط وقرر لها, لم يتعلم من هذه الكارثة السكانية المتكررة في عمان والزرقاء, وخاصة في احيائهما القديمة, حيث يفتقد المرء أقل مقومات الحياة الصحية العادية, لانفجار البنية التحتية لهما, ووصولها الى حالة (الكولابس) ولنسبة الازدحام وبذلك سوء المرافق والخدمات المقدمة لقاطنيها وزوارها, وما يتبع ذلك من ارتفاع أسعار العقار والايجار وأزمات المرور الخانقة وما يواكبها من حوادث مرورية وخسائر بالأرواح والممتلكات والوقت المضاع وخلافه.
ومن لا يتعلم من كيسه وأخطائه, فسوف يتكلف الكثير, ويخسر الكثير, وقد يقف يوما ما, أمام المدن الثلاث, عمان, الزرقاء, والذكية, وقد عجز عن تزويدها بماء الشفة حتى, او يعجز عن الولوج الى الوسط منها, بسبب الاختناق المروري مستحيل الحل, في شتاء يبلع وصيف يصدع وتخطيط لا ينفع.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى