يوميات طبيب / عمر البطوش

يوميات طبيب

“ارغب باطلاعك دكتور ان المريض يحمل فيروس التهاب الكبد سي”

تلقيت هذا الاتصال بعد حصول اصابة وخز بالابرة حديثة لي مع مريض كنت اقوم بعمل فحص اشعاعي له، فتم سحب عينات دم مني و منه للتاكد من و جود امراض معدية و اذا ما حدث انتقال لي ام لا…

عشت اوقات طويلة بالتفكير بالامر، ماذا لو حدث اصابة؟ كيف ساتعامل مع اهل بيتي الذين قد تنتقل لهم العدوى و منهم اطفالي او زوجتي، فما ذنبهم؟ لحظات من القلق و محاولة تجنب ذلك و ترقب نتائج الفحص خاصتي والتي استغرقت عدة ايام و شملت فايروس الكبد بي و سي و الايدز، ثم تلقيت اتصالا من الطبيب المسؤول عن الموظفين يعلمني ان نتيجة الاصابة الحالية سليمة ولكن الفيروسات بحاجة لفترة 2-6 اسابيع للتاكد من عدم انتقال العدوى…

مقالات ذات صلة

هذا جانب “صغير جدا” من الاخطار التي تحيط بالاطباء و التمريض وهو التعرض للاصابات المعدية التي قد تتم بطرق مختلفة بالهواء و اللمس او الوخز بالابر…

ماذا يعني انتقال العدوى للطبيب؟ تعني انه قد يتعرض هو و اهل بيته لتلك العدوى ومنهم اطفاله او زوجته والتي قد لا يدرون بها… علما ان بعضها ان حدثت لا شفاء منها مثل التهاب الكبد كالمثال المطروح اعلاه، مقابل ماذا؟ مقابل محاولة علاج شخص مصاب حامل لهذا الفيروس و التعامل به بشكل مباشر…

الطبيب و الممرض هم الجنود المجهولين الذين حينما تحين لحظة المرض لن تجد غيره يقف بجانبك و لا يهاب ان يعرض حياته و حياة افراد اسرته للاصابات بشتى انواعها مقابل القيام بدوره الطبيعي الموكل اليه…

لن تجد كاتبا كتب خبرا عن خطا طبي و هو لا يفرق بين الخطاو المضاعفة ليساعدك…
ولن تجد صحفيا يترقب سبق صحفي دون ان ينتظر نتائج التحقيق ليساعدك…
لن تجد مذيعا قد يستغل اوجاعك للظهور بمظهر المكترث و الفجوع على مرضك ليساعدك…
لن تجد كاتبا تناقل خبر “مضحك” بنسيان خلوي في بطن مريضة دون اعمال العقل و المنطق في غرابة الخبر والتحقق منه لمساعدتك…
لن تجد معلقا يشتم يمنة و يسرة ليظهر تاثرة بقصة خطا طبي مثارة و التي جمع منها قدرا لا باس به من اللايكات ليقف بجانبك…
لن تجد من يشتم اطباء القطاع العام و يحملهم تبعات كثرة اعداد المرضى او نقص الخدمات او قوانين التامين الصحي و لا يميز بين مسؤولية الطبيب و مسؤولية الادارة ليعتني بك…

لن تجد سوى ذلك الطبيب الذي يحاول انجاز عمله بصمت و الذي قد لا يجيد التعامل باليد او الشتم للدفاع عن نفسه من اعتداء بدني او لفظي في عيادة او على صفحات التواصل، فهو لا يجيد سوى عمله الذي يحاول القيام به بالدفاع عنك!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى