كلام للقارئ وليس للنواب / طاهر العدوان

كلام للقارئ وليس للنواب
مناقشة النواب للموازنة امتحان لهم ان كانوا قادرين على ممارسة سلطة ( محاسبة ) الحكومة ام لا ، والارجح ( لا ) كبيرة . ان قوة النائب ليست فيما هو مسموح له دستوريا بقول ما يشاء ضد رئيس الحكومة ، انما في قدرته على اتباع اقواله بافعاله ، وقوة مجلس النواب هي في قدرته على خلق اغلبية تُشغل آليات المحاسبة التي ترسل الحكومات الى المنازل ، حتى وان ادى ذلك الى رحيله . لقد حفظت اجيال متعاقبة من الاردنيين ، ولعدة عقود ، اسماء عشرات من النواب الذين كانوا أعضاء في المجالس النيابية التسعة الاولى من تاريخ البلاد ، عندما كانت الثقة تحجب عن الحكومة وتسقطها ، مع علم النواب بان رحيل الحكومة يعني حل مجلسهم ( النواب الاردنيون مارسوا الديموقراطية بأرقى اشكالها منذ نصف قرن ويزيد ) . مثل هولاء ( السلف ) من النواب اعتبروا في الذاكرة الاردنية كزعماء لأنهم صنعوا مجالس نيابية قوية ومؤثرة أغنت حياة الوطن السياسية ، وفشل التجربة لم يكن في ممارسات هذه المجالس بحجب الثقة ، انما لأسباب و ظروف عربية ودولية خلقت مناخات مضادة للحياة البرلمانية الديموقراطية .. مناخات انبتت انظمة دكتاتورية مسؤولة عن كل ما يجري في المنطقة اليوم من كوارث ومآسي .
الديموقراطية النيابية (محاسبة ) وليست للاستعراضات البلاغية على طريقة ” أشبعناهم شتماً وفازوا بالإبل ” . لقد منح الدستور للنائب الحصانة في القول مهما تمادى فيه ، لانه لا يترتب على كلامه اي موقف او اجراء يوجب تحريك مادة دستورية اخرى للتنفيذ تؤثر على المشهد السياسي العام ، انه مجرد كلام ، لانه لا يُحدث اي فرق في وضع الحكومة ، وحدها لوحة التصويت ( بنعم او لا ) هي مكان امتحان ارادة النواب ومواقفهم ان كانوا فرادى ا ومجتمعين .

ملاحظة : هذه الكلمات موجهة للقارئ وليس للنواب حتى لا توقعه الخطب البلاغية في حيرة وتعجب عندما يسمع ان نتيجة المناقشات الساخنة والخطب المليئة بالوعيد تنتهي دائماً بثقة مطلقة بالحكومة ، كما جرت العادة في عهد حكومة النسور . لذلك عزيزي القارئ انصحك بالاهتمام بما تسجله لوحة التصويت ب : لا ونعم ، وان تأخذ الامور من خواتيمها ، ثم انك اذا ما تعجبت من بقاء حكومة لا تتوقف عن ( الرفع ) فيحق لك ان تستنتج بان حياة البلاد السياسية خالية من سلطة المحاسبة وان هذه الحكومة هي حكومة المجلس . واترك لك التعمق بالبحث عن الأسباب . مع التنويه بما اعتقد انه مهم جداً لحاضر ومستقبل بلدنا ونظامنا وشعبنا بان نعمل جميعا على ان يكون هناك قانون انتخاب جديد ، من اول مهماته تأمين إيصال اغلبية برامجية الى مجلس النواب والى جانبها أقلية من المعارضة البرامجية ايضا ، اغلبية وأقلية من ( احزاب او تيارات او تكتلات ) تتشكل قبل الانتخابات ، مع شروط قانونية تؤمن بقاء هذه الكتل البرامجية بعد الانتخابات اي داخل المجلس ( وهو ما سيضع حدا نهائيا للتيارات والتكتلات الطيارة التي تشكل وتحل حسب الطلب ) ، بمثل هذا القانون وبوجود هذه التكتلات البرامجية فقط يكون بمقدور مجلس النواب تفعيل واجبه الدستوري الاساسي وهو المحاسبة . ولا ارى في مشروع قانون الانتخابات الحالي الذي قدمته هذه الحكومة اي مؤشر على انه سينتج مجلسا قادر على المحاسبة ( مقالاتي عن هذا القانون في أرشيفي بالمقر ).

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى