ما هي الأوراق الامريكية لمحاربة صعود الصين!!

ما هي الأوراق الامريكية لمحاربة صعود الصين!!
الدكتور كمال الزغول

منذ تسلمه الرئاسة عام ٢٠١٦ ،بدا الرئيس الامريكي غير واضح في استراتيجيته السياسية بشكل عام، لكن كانت هناك نقطة جديرة بالاهتمام في سياسته الاقتصادية، وهي انه استشعر الخطر الصيني في استغلال المستهلك الامريكي ، حيث قام بفرض تعرفة جديدة على ما يقدر ٢٠٠ مليار دولار من واردات الصين الى الولايات المتحدة الامريكية ،واجبر الصين على التفاوض حول ذلك، وما زالت المفاوضات عالقة لغاية اللحظة.
وبعد تفشي فايروس كورونا ،بدأت ألولايات المتحدة الامريكية تدرك أن صناعة التكنولوجيا لديها ليست محمية بقانون الملكية الفكرية وخاصة في تعاملاتها التجارية مع الصين ،حيث بدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالتفكير في منع استغلال الصين للصناعات التكنولوجية الامريكية. وحقيقة، ما شعر به الرئيس الامريكي لم يكن دخانا من دون نار ، لأن الصين تنسخ كل شيء، وتعيد توريده بطريقة أخرى الى نفس المكان الذي نشأ فيه، وبطريقة فنية، وبسعر يستهوي المستهلكين .
و لأن الاقتصاد الامريكي في ظل وباء كورونا بدأ بالركود ،خاصة في ظل انخفاض سعر برميل النفط عالميا ،وتوقف عجلة الاقتصاد،ادركت الولايات المتحدة مدى اهمية السرية في صناعة التكنولوجيا كجزء من تحقيق سياسة الحمائية الاقتصادية، فالحمائية الاقتصادية التي تعتمد على حماية الاقتصاد من الإستغلال الخارجي، وتحقيق التجارة المتوازنة أصبحت مهمة لكبح صعود الصين ، ولتحقيق مبدأ أكثر فاعلية ،فمن الممكن أن تتبنى الولايات المتحدة الامريكية مبدأ السرية في تجارة صناعاتها التكنولوجية ، وما يشير الى ذلك هو ان الولايات المتحدة الأمريكية حرمت ٩ كيانات صينية من التكنولوجيا الامريكية كعقوبات بسبب اضطهاد الايجور والكزخ كإنتهاك لحقوق الانسان وخاصة الاقلية المسلمة،من جانبها، اعتبرت الصين هذه الاتهامات تدخلا في شؤونها الداخلية!!!
هذا الاجراء من الرئيس الامريكي دونالد ترامب لن ينجح إن لم يكن هنالك تكتل امريكي مع الاوروبيين وبقية الدول الصناعية لتحقيق اهداف العقوبات على الصين، فبدون التكتل، العقوبات تصبح غير مؤثرة، ولذلك تحاول الولايات المتحدة الامريكية اقناع الاتحاد الاوروبي بخطورة ما تفعله الصين من انتهاكات.
ومتابعةً لإستراتيجية الرئيس ترامب في وضع حد لاستغلال الصين لمزايا الانفتاح الامريكي على العالم، انسحب الرئيس ترامب من “معاهدة السماء المفتوحة Open Skies Treaty” والتي تسمح للدول بالطيران فوق اراضي غيرها ،ولكن باشعار قبل مدة ٧٢ ساعة لضمان الامن الحدودي للدول، هذا يثبت أن الولايات المتحدة بدأت تتجه نحو السرية في تعاملاتها الاقتصادية وخاصة في مجال التكنولوجيا، وهذا يعتبر خطوة فعلية متقدمة قوية في تطبيق نظرية الحمائية الاقتصادية التي تبناها الرئيس ترامب عندما تبوأ منصبه في البيت الابيض.
الرئيس دونالد ترامب كان قد قلُص معاهدة التجارة الحرة NAFTA واختصرها على الولايات المتحدة وكندا والمكسيك .
اذا نستنتج مما سبق، أن الولايات المتحدة لديها اوراق كثيرة لمحاربة الصين اقتصاديا وليس عسكريا ،حيث نستطيع القول أن السياسة الامريكية انتقلت من سياسة الانفتاح التكنولوجي الكامل الى سياسة الانفتاح التكنولوجي المقيّد أمنيا ، ويمكن أن تتبني السرّية فيما يتعلق بالصناعات التكنولوجية، لكن من الممكن أن تقوم بتوريدها للعالم بشكل حذر ، هذا الحذر اوضحه الرئيس الامريكي عندما قال أن منظمة التجارة العالمية تَعتبر الصين دولة نامية، وهي عكس ذلك، باعتراف الرئيس دونالد ترامب.اذا هناك حذر كبير تتبناه وزارة التجارة الامريكية، ومن الممكن أن يمتد الى عقود حتى لو لم يفز الرئيس الامريكي الحالي في الفترة الرئاسية الثانية، لأن المؤسسات الامريكية بدأت تدرك بشكل تام خطورة صعود الصين في العالم وباتت تلمح الى تبنيها العقوبات ، والحمائية التجارية، والسرِّية كوسائل جدِّية لمحاربة ذلك الصعود.
الدكتور كمال الزغول
كاتب وباحث

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى