
” سبعتين و سبعة”
بذهول و استغراب و بحالة من الصدمة تلقينا خبر شراء أحد الأثرياء و الذي يحمل جنسية بلدنا العزيز ” لرقم سيارة ” مميز و بمبلغ خيالي تجاوز النصف مليون بقليل بعد إضافة ضريبة المبيعات … لم يساورني شعور بالفشل و التفاهة أكثر من هذه المرة … رغم أنني لسبب ما حزنت على الحرامي الفاشل ااذي حاول سلب بنك في مكان ما …. و راح يدور في ذهني مقارنات … هل بين هذين الاثنين رابط ؟!
و صدقا حالة القرف و التقزز من الحكومة و قراراتها اجبرتني على متابعة برنامج “توب شيف ” و بعض حلقات ” ذا فويس كيدز” …هروبا من هرطقات الحكومة و ترهاتها … لم يفاجئني رئيس الوزراء بانكاره عدم وجود ” اردنيين مسخمين” … لأنني فعلا كنت مقتنعا أنه لا يعرف من يسكن الاردن و من يعيش فيه و لربما يعتقد اننا ” لاجئين من المريخ”… و لم تستفزني بطولات الاجهزة الامنية – حديثا- في ضبط المخدرات التي تارة تصنع داخل البلد… او تزرع فيها … او يتم تمريرها من تحت شواربنا … لكن استغربت خبرا مفاده مصادرة 600 مليون حبة كبتاجون كانت في طريقها للتهريب … و القت اجهزة اخرى القبض على الحرامي الاول في غرب عمان و الحقته بالحرامي الثاني في شرقها في استعراض غريب للقوة و السيطرة … لانني لا زلت مقتنعا ان هذه الاجهزة هي صمام الامان للبلد و مقدراته …. و لكنني اتروى قليلا الى ان ارى و اسمع انهم اعتقلوا احد اساطين الفساد و اوقفوهم و اعادوا ما سلبوه…
باتت الساحة الاردنية مثل طبيخ الراعي و هذا لفظ مجازي ليس القصد منه التقليل من اشرف و اطهر المهن على الاطلاق و لكن لعدم اتضاح معالمها و صعوبة معرفة مكوناتها … فقد كان الراعي يمر على البيوت ليأخذ أغنام الاهالي للمرعى كل صباح … و كانت النساء يقدمن له زوادة مما تيسر من طبيخ في ذلك اليوم … و كان الراعي يضيف كل ما يجمعه في وعاء واحد … ولك ان تتخيل خلطة كل يوم… و لكن الجوع كافر … و لا يهم .
ذهب احدهم برفقة زوجته للترحيب بجيران جدد سكنوا الحي… و قد اختار لهم هدية بسيطة و لائقة لم تتعد “العشر ليرات” اشتراها بالدين و لكنه لم يستطع ان يقاوم الحاح زوجته بزيارة الجيران الجدد و التعرف اليهم. استقبلهم الناس بحفاوة و ترحاب … و قد كان لهم طفلة صغيرة تلهو في صحن البيت …فراح يداعبها و يمازحها رغم انها لم تكن تعره اهتماما من اي نوع …. و امسك يدها و طبع عليها قبلة أبوية… و عندها لم يكن من الجدة العجوز القابعة في صدر البيت الا ان بادرته بالكلام: هذه حفيدتي عمرها سبعة اعوام و سبعة شهور و سبعة ايام. نظر اليها مبتسما و هو يشعر بانها قد تكون اصغر من ذلك …. ولدت في اليوم السابع من الشهر السابع و قد صادفت ان ولادتها كانت في تمام الساعة السابعة … بدأ يشعر بأن هذه السبعات و التسبيعات ليست صدفة و خصوصا ان زوجته بدأت تلكزه ليكف عن مداعبة الطفلة سيما و ان العجوز لم تكف … و راحت تواصل الشرح بان الطفلة هي سابع اخوتها ….و منذ سبعة ايام اصابها مرض شديد اضطرت ان تمكث في المستشفى بسببه لمدة سبعة ايام … و قد اشرف على علاجها سبعة اطباء مهرة …. و كانت تجذب الطفلة بعيدا عنه و كأنها تحاول إخفاءها …و قد كلف علاجها اكثر من سبع مئة دينار.
تحت وابل السبعات التي انهالت في وجهه كالمطر الغزير …. اضطروا لانهاء الزيارة في عجالة…. و عند خروجهم بدأت زوجته تشرح له ان كل هذه السبعات كي لا يصيب الفتاة بالحسد … رغم انه لم يعلم انه من ذلك النوع قبل هذااللقاء….
اثاره هذا التصرف و زاد من حنقه ان الهدية التي اشتراها بالدين كان ثمنها سبعة دنانير …. و لم يتنبه من دهشته الا على رنين الهاتف … و اذا بالعجوز تخبر زوجته … لقد نسيت ان اخبر زوجك ان حفيدتي ايضا جمعت في حصالتها: سبعمئة و سبعة و سبعون دينارا لغاية الآن .
و قالت: ” سبعه تسبعك يا البعيد ” و أغلقت الخط بوجهه.
” دبوس عالحسد ”
قصة السبعات منقولة بتصرف… هل معقول ان هذا المشتري يعتقد ان الاردنيين يحسدونه …لذلك اشترى رقم كله ” سبعات”