وسطيون … ولكن! / م.أنس معابرة

وسطيون … ولكن!
لقد دعتنا شريعتنا الإسلامية السمحة الى الوسطية والإعتدال في جميع مناحي الحياة، وجعلت من الدين الإسلامي باباً مفتوحاً للدخول الى الحداثة والتطور دون التخلي عن المعتقدات والأساسيات.

وبما أن الإسلام هو خاتمة الرسائل السماوية الى الأرض، لا بد وأنه أخذ بعين الإعتبار ما سيحدث في العالم من تسارع وتطور، وبالتالي فالإسلام هو الديانة الصالحة لكل زمان ومكان، ولا ينحصر في تلك الفترة الزمنية التي بعث بها النبي محمد عليه الصلاة والسلام وصحبه رضوان الله عليهم.

واليوم نحن أحوج ما نكون الى تلك الوسطية التي دعا إليها الإسلام، الوسطية الحقيقة للقيام بشتى نشاطات الحياة دون إهمال أو تشدد، تلك الوسطية التي جعلت من الأمة الإسلامية قائدة للعالم أجمع في الفترة الذهبية من عمرها.

ولكن اليوم أصبح الجميع ينظر الى الوسطية في الإسلام بصورة مختلفة، فأصبحنا نسمع بالإسلام السياسي الذي يستخدم الإسلام كأداة للوصول الى موقع الحكم والمسؤولية، والتي تأخذ من تعاليمه ما تحتاجه في دعاياتها الإنتخابية وحملاتها الإعلامية، وتترك ما يفرض عليها إقامة العدل والمساواة والإخلاص ومحاربة الفساد.

وزمرة أخرى إعتقدت أن الوسطية في الإسلام هي أن تظهر الفتاة في الحجاب التقليدي المتقلص وأن تمارس هواياتها المختلفة كالغناء والرقص، أو أن ترتدي ما يكشف جسدها ويغطي شعرها، وكأنهم يحتالون على الناس في محاولة منهم لإقناع أنفسهم بأنهم يلتزمون بتعاليم الدين من جهة ويواكبون “الموضة” من ناحية أخرى.

والآن دعوني أتساءل؛ هل الوسطية أن أسلك المسار الوسط بين الحق والباطل؟ كأن أصوم نصف رمضان فقط، أو أصلي نصف الصلاة المفروضة؟ أو أن أشرب نصف مقدار من الخمر؟

إن الوسطية التي نادى بها الإسلام من لحظة إنطلاقه هي الوسطية في جانب الحق، مع البعد بشكل تام عن الباطل مهما كان شكله أو نوعه، تلك الوسطية التي تدعو الى الحجاب الكامل دون مبالغة، والى ممارسة الهوايات الحلال دون الحرام، وتقلد المناصب والمسؤولية دون التلاعب والغش والتهرب من المسؤولية، وأن أستعمل الهاتف والحاسوب الحديث في كل ما يلزمني من نشاطاتي وحاجاتي دون إستخدمها في الحرام.

هي نفسها الوسطية التي دعت الى الربح دون المغالاة، والى العبادة دون الرهبنة، والى التمتع في الدنيا دون الإنشغال بها عن الآخرة، والى العمل دون الهلاك، والى الحب دون الهيام، حتى تفاصيل حياتنا اليومية تتخللها الوسطية في جميع أجزاءها.

إن الوسطية التي يسير عليها الكثير من الناس اليوم تميل بشكل كبير الى العلمانية التي تدعو الى التحرر من القيود الدينية، والتمادي في ملاهي الحياة دون الإلتفات الى ما تفرضه علينا شريعتنا السماوية التي إختارها الله لنا وهو جل جلاله الأعلم بما يفيدنا وما يضرنا

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى