
الكویتي لم یكذب ونقول ذات كلامھ
ماهر أبو طير
لم یخطئ السیاسي الكویتي عبد الحمید دشتي حین تحدث بجرأة قائلا اننا نأخذ منحا بالملیارات
.وشعبنا جائع لكننا نقیم حفلات تكریم للفنانات، والرجل قال كلاما یقولھ الأردنیون كل یوم
غضبة الكویتي، ھي ذات الغضب التي شھدناھا في الأردن بعد حفل تكریم الفنانات الذي جرى
بعد أیام من استشھاد ثلة من رجالات الأردن في السلط، ودمھم ما یزال حیاً، لكن بعضنا
یستصعب الكلام كونھ یتدفق عبر الحدود من بلد عربي عزیز، ھذا على الرغم من ان مئات
.الاف التعلیقات على وسائل التواصل الاجتماعي الأردنیة، تحدثت بالمنطق ذاتھ
ذات السیاسي الكویتي زاد قائلا ”اعوذ با من ان أكون شامتا بالوضع الاقتصادي في الأردن،
لكن ھل یعقل ان یسیر الشباب العاطلون عشرات الكیلو مترات وتقوم أمانة عمان بإقامة حفل
استفزازي لعدد من المجھولات، لسنا ضد الأردن ولا الأردنیین، نحن ضد الفساد والسرقة
.“واستعباد الشعوب وإفقار البشر في كل مكان؟؟
توقیت الحفل وشكلھ الذي أقیم في عمان، كان كارثة، اذ ان الأولى تكریم أمھات الشھداء في
الأردن، او حتى تكریم المبدعین والمواھب، او أي فنانین أردنیین، او حتى اطلاق مبادرة ثقافیة
محترمة، او الإعلان عن منح دراسیة لعدد من الطلبة، او ترمیم البیوت في عمان وعجلون واربد
والاغوار ومعان والبادیة الجنوبیة، او حتى تخصیص المال، مھما كان كثیرا او قلیلا، لتحسین
.أي خدمة یتم تقدیمھا الى الناس
تخرج علینا إحدى المكرمات وتھدد انھا سوف ترفع دعاوى قضائیة ضد عشرات الأردنیین الذین
تعرضوا لھا، والمشكلة ھنا، لیست في التي جاءت لتبیعنا شعبیتھا الھشة، بل في من اعتبرھا
نموذجا یراد بیعھ على الناس، باعتبار ان الاحتفال لا یكتمل الا بھذه او تلك، ھذا على الرغم من
وجود قامات فنیة عربیة تستحق ان یتم تكریمھا، بدلا من الأسماء التي تمت دعوتھا الى عمان،
.ولدینا عشرات الأسماء العربیة والأردنیة التي یقبلھا الناس
ھناك حالة استھتار كبرى في البلد، بخصوص الوجدان العام الذي لا یتم احترامھ، وكأن بعض
المسؤولین لدینا من عالم آخر، ھذا فوق التصرفات التي توحي بالثراء والترف، والتي ترسم
صورة مغایرة لبلد یشكو لیل نھار، ویطلب المساعدات من العرب والأجانب، لكنھ یجد مالا ووقتا
لاستضافة فنانات وفنانین، ویجد مالا لینفقھ على تعیینات غیر صحیحة في الدولة، او المؤسسات
المستقلة، ویجد مالا لینفقھ على كل شيء، عدا مواطنھ الذي اضطر أخیرا لأن یمشي من جنوب
الأردن الى وسطھ بحثا عن وظیفة یدرك مسبقا، انھا لن تغطي ابسط احتیاجاتھ، ولم یبق الا ان
.نطالبھ بالھجرة الى الحبشة بحثا عن العدالة في ھذا الزمن الصعب جدا
الانطباع الذي تولد على لسان السیاسي والنائب الكویتي السابق، قالھ عرب غیره سابقا، حین
یرون تصرفات كثیرة لنا، وحین یأخذون علینا مآخذ لا یقولوھا علنا، حول طرق انفاق المال في
.بلد یعیش على المساعدات
قصة الحفل، كشفت عن جرح غائر، تختلط فیھ الآلام، ما بین تحسس الناس، ونظرة العرب الینا،
وسطحیة بعضنا أیضا، اذ یظنون ان لا احد یتنبھ الى ما یجري، وان الاحتماء بعناوین كبرى
لتمریر قصص غیر لائقة، امر یمكن السكوت علیھ، ولا احد یرید للبلد ان یغرق في كآبتھ وفي
الاحزان، ولكننا نقول ان على بعضھم ان یحترم مشاعر المجتمع، سواء من حیث تواقیت
النشاطات، او مضمونھا، إضافة الى ان الاعتراف بكوننا أساسا في ازمة كبرى یوجب تصرفا
.من نوع آخر من جانب المسؤولین والمواطنین على حد سواء
لقد آن الأوان ان تتم معاقبة كل من یتجاوز حدوده ویتسبب بسوء سمعة لھذا البلد، خارجھ او
.حتى داخلھ، وان یقف كثیرون عند حدھم وحدودھم، بدلا من ھذا الاستفزاز الذي لا یتوقف