[review]
تقولين كثيراً يا ابن العم .
ألم ينتهي ذاك الزمان يا صاحبتي ؟ …..أما تعلمين أننا في زمن ” حبة أسبرين تكفي ” ؟!.
زمن الوجع الجماعي انتهى …وهذا عصر الجنون في المعازل .
اليوم …. ما أسهل أن تقولي يا ابن العم ! …. وهل تؤهلني عدد الساعات التي قضيتُ خلف عود الحراث إلا لفهم البغال وتذكُر رائحة التراب المقلوب عِنوة .
وهؤلاء من هؤلاء؟ …. يقولون نحن أبناء “حراثين” أيضا…..أتصدقين ؟ أم هل غرقت في تفاصيل الصور؟.
علمّني أبي وهو الحارث ابن الحارث …..أن الصور تحتاج إلى لحظات آمنه تُفهم فيها .
فلا تصدقي سُمرة الجسد دائما ..أساليها من أين جاءت ؟ .
وهل من يتمشى راحةً على الشاطئ كمن تلهبُه الشمس وهو يضرب بمِعوله الصُوّان ؟ !
نعم …لحظات آمنه هي ما نحتاج قبل أن نرفع السبابة بالإشارة الى الجمال الذي نسيناه والقبح الذي صحبناه .
حتى أنتِ …الأنثى نوعاً لك لحظات تُعرفين فيها بصدق.
فهذي المرأة العنود التي بجانبي يجرحها سَبل القمح في “سَروة” الحصاد الباكر وخدُها في غمرة التبن يسكُبني في أمن رغم مِنجلها الجامح ولثامُها لا يُخفيها ولا يُخيفني.
ما أوضحها من أنثى ! .
صورة فيها تقول : خذني سناً لمنجلك على المضرة يا ابن العم ودعنا من الترهات .
وتلك بيني وبينها شموع على طاولة عشاء وأنا أتقلص على كُرسِيي من برودة ما نُخفي…..أخشى من ماكياجها الساطع أكثر من الشوكة والسكين بين يديها .
صورة تقول : هو وهي هو وهي هو وهي ….فلسفة خطة نجاة تنتظر الاختبار .
لا استطيع أن اصدق الصور إن لم أكن آمناً هنا في داخلي ….يا ابنة العم .
قولكِ ” يا ابن العم” إلى أين يأخذني ؟ فهو ليس كقولك يا حبيبي ويا عمري ويا قلبي فهذه كلها زيوت تشحيم لعجلة الحاجة وذاك نداءٌ للكاهل كي ينتصب في صف طال فيه الانحناء .
نداء لا يقال إلا في الشدائد .
يجعلني أصحو كسندان سطع عليه الضوء في الصباح فعلمَ أن الطرقَ اليوم شديد إذ يفتح الحداد بابه جاحظ العينين عزماً وحاجة.
ابن العم اليوم قابعٌ في “فروته” كجمل محامل في وجهه آثار وخدوش ……..ربما لا يحتاجه أحد في حفلات الخدم دائمي الابتسام .
هو اليوم يعاني من وجع انزلاق عمود ظهره الذي لم ينزلق عليه يوما حِملُ من يهوى ….لكن ثقي تماما حتى لو علا الشيب رأسه ….ثقي انك لو قلت له : يا ابن العم ……فسوف يُلبي .