فعلا ..فيها إن / يوسف غيشان

فعلا ..فيها إن
نستعمل عبارة “فيها إن ” للتشكيك، وبأن ” وراء الأكمة ما ورائها” فمن اين جاء هذا المصطلح؟
قرأت أن أصلها يرجع إلى رواية مصدرها مدينة حلب، حيث هرب رجل أسمه علي بن منقذ من المدينة خشية أن يبطش به حاكمها محمود بن مرداس لخلاف جرى بينهما، فأوعز حاكم حلب إلى كاتبه أن يكتب إلى إبن منقذ رسالة يطمئنه فيها ويستدعيه للرجوع إلى حلب ، ولكن الكاتب شعر بأن حاكم حلب ينوي الشر بإبن منقذ ،فكتب له رسالة عادية جدا. ولكنه أورد في نهايتها “إنّ شاء الله تعالى” بتشديد النون، فأدرك إبن منقذ أن الكاتب يحذره حينما شدد حرف النون ، وذكره بقول الله تعالى: “إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ”*.
فرد علي بن منقذ على رسالة الحاكم برسالة عادية يشكر أفضاله ويطمئنه على ثقته الشديدة به، وختمها بعبارة: “إنّا الخادم المقر بالأنعام”. ففطن الكاتب إلى أن إبن منقذ يطلب منه التنبه إلى قوله تعالى: “إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُواْ فِيهَا”*، وعلم أن إبن منقذ لن يعود إلى حلب في ظل وجود حاكمها محمود بن مرداس.
من هنا صار استعمال (إنَّ) المشددة دلالة على الشك وسوء النية!!
الملفت ، أنني حاليا اشعر أن كل شئ لدينا فيه (إنّ)…. حتى أن الوضع الذي أوصلنا الى أن نعتقد أن كل شئء فيه إنّ..هذا الوضع أيضا فيه إنّ.
علي بن منقذ أنقذه صديقه الكاتب، وأنقذته نباهته…أما نحن…….يا حسيرتي ..!!
ghishan@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى