
سواليف: هديل الروابدة
اليوم صدر في الجريدة الرسمية نظام معدل للنظام الداخلي لنقابة الصحفيين، والذي تضمن تعديلات جبائية لا تعكس احساس النقابة بالأزمة الاقتصادية التي يعيشها الأردنيون -ومنهم الصحفيون- والضرائب والرسوم الكثيرة التي تدفعها المواقع الالكترونية للدولة.
قرار النقابة الذي يختبئ تحت ردائهِ “جباية جديدة”، يثير تساؤلات عديدة حول الأسباب الموجبة لرفع الرسوم والاشتراكات على المؤسسات والأفراد المنضوين تحت مظلتها بنسب مجحفة وخيالية، والخدمات الـ “خمس نجوم” التي سيتمتعون بها في المقابل، وخاصة في ظل شح الموارد المالية لدى تلك المؤسسات والمواقع الاعلامية، وقلة رواتب الصحفيين.
والأكثر غرابه من تحول النقابة الى حكومة “مصغرة” تمتهن الجباية والاستقواء على منتسبيها كما تمتهن الحكومة الكبيرة الاستقواء على ابناء الشعب، هو أن نقيب الصحفيين الزميل راكان السعايدة والذي صدر القرار بمباركة منه، كان يجلس في اجتماعات مجلس النقباء بكشرته المعهودة، يتلو علينا الخطابات والشعارات المنددة بقوانين الجباية كقانون ضريبة الدخل والمبيعات ورفع الدعم عن الخبز، ويقف عند ناصية مجمع النقابات ليعلن الاضراب حتى تتراجع الحكومة عن سياستها المجحفة، الجبائية، المنهكة.
وبالحديث عن الشبه بين قرارات الحكومة الظالمة وقرار النقابة رفع الرسوم على المؤسسات الصحفية والاعلامية وقانون ضريبة الدخل، نجد أن الحكومة “حنونة” أكثر، فهي لم تقنص الافراد جميعا عن بكرة أبيهم، ولم ترتفع فجأة ودفعة واحدة بنسبة 100% رسوم اشتراك ولا 150% رسوم تسجيل .
عمليا، قسوة القرار، وعدم منطقيته، وتناقضه مع مواقف الزميل السعايدة، يدفعنا لطرح عدة تساؤلات حول موافقة جميع اعضاء مجلس النقابه عليه، وإن كان هناك اعتراضات عليه أم ان الأعضاء جميعهم “قارئين عند نفس الشيخ” ؟!
والأهم، أين ستذهب تلك الأموال المجنية من جيوب اصحابها المهترئة، ومن سيشرف على جمعها وصرفها، وما الخدمات المقابلة لتلك الرسوم الفاحشة في الغلو، وهل ستضمن النقابة حل مشاكل المواقع الالكترونية والصحف المطبوعة وتنظم القطاع وتفرض العدالة بين المنتسبين، وتدافع عن حرياتهم، وتمنع تكميم افواههم، وكسر اصابعهم،؟! هل ستمنع تعديلات قانون الجرائم الالكترونية الجالسة على قلوبنا بوقار ؟!
لم نسمع يوما أن صناديق النقابة تعاني، كما لم نسمع أن احدا من الزملاء ممن يحكمونها قد تحرك قيد انملة للدفاع عن الزميل المعتقل في سجون الغربة، تيسير النجار، سواء بتقديم المساعدة المالية أو المعنوية، الا من بعض خطابات معلبة واستعراض عضلات على مواقع التواصل الاجتماعي.
في الحقيقة، القرار أثار فضولي للعودة الى البرنامج الانتخابي الذي دفع 513 صحفيا لحمل الزميل راكان السعايدة على أكتافهم الى مقدمة المنافسين على موقع “نقيب الصحفيين”، وسبب هذه الثقة بأنه ومجلسه المنتخب سينقلون واقع المشهد الصحفي الى حال افضل.
المتفحص لبيان الزميل السعايدة والذي اعلن من خلاله ترشحه لموقع النقيب، يظن أن طاقة الفرج انفتحت على مصراعيها امام قطاع الصحافة الأردنية ومن ينضوون تحت مظلتها، البيان الذي ضم 11 وعدا وعهدا قطعهم السعايدة على نفسه، كان كفيلا ان يعكس معيشتنا وحياتنا وامننا الوظيفي وحياتنا ومهنيتنا واستقلاليتنا الى ربيع حقيقي، وأن تكون النقابه -بحسب وعود السعايدة – شبكة حماية حقيقية لمنتسبيها، لو أن ذاكرته كانت اقوى قليلا ليتذكر ذاك البيان ويطبق ولو عُشر ما جاء فيه.
في الحديث عن البيان، لا يمكن تجاهل حقيقة أن غالبية الصحفيين لا يملكون ادنى احساس بالامان الوظيفي، وان رواتبهم التي لا يتجاوز سقفها 400 دينار لا تكفيهم حتى منتصف الشهر، وهي الحقيقة التي يبدو أن الزميل السعايدة لا يراها من وراء مكتبه الذي حملته الهيئة العامة إليه بعدما رأت فيه الشخصية المنحازة إلى همومهم.
فلماذا تصر النقابة على مزاحمة الصحفيين وأصحاب المواقع الالكترونية على ارزاقهم التي تعيل مئات الأسر ويعتاش منها الاف الشباب، بدلا من ان تساعدهم على تحسين اوضاعهم ليتفرغوا لتأدية دورهم كسلطة رابعة، سلطة رقابية منحازة الى المواطن والوطن.
والآن .. دعوني أردد خلف أبو نورة “كنت أِظن وخاب ظني” .. فأغلب ظني أن زيادة الراتب التي كنت انتظرها ، طارت وتبددت الى “رسوم”.
